هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على استهداف رجال الأعمال المقربين من الدائرة الرئاسية في الجزائر، سعيا لتلبية المطالب الشعبية.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه، منذ سقوط عبد العزيز بوتفليقة، أصبح العديد من رجال الأعمال البارزين، بمن فيهم الرئيس السابق لمنتدى رؤساء المؤسسات، في مرمى العدالة.
وأعرب أحد رواد الأعمال عن قلقه قائلا إن "الأعمال تسير بشكل سيء، والمناخ قاتم، وينشط كل طرف في الخفاء على أمل ألا تلطخ يداه".
وصباح يوم الأربعاء الموافق للثالث من نيسان/أبريل، وفي الوقت الذي استيقظت فيه الجزائر فخورة بالحصول على استقالة عبد العزيز بوتفليقة، تم نقل علي حداد، الرئيس التنفيذي لمجموعة حداد والرئيس السابق لمنتدى رؤساء المؤسسات، إلى سجن الحراش. وكان ذلك بمثابة سقوط مدوي لأحد أقوى رجال بوتفليقة.
وأوردت المجلة أنه إذا ثبُتت الوقائع في نهاية محاكمته، فقد يتعرض حداد للسجن لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وثلاث سنوات.
لكن، كيف وجد رجل مؤثر للغاية، وقادر على بناء الحياة المهنية لولاة أو وزراء بأسرهم أو القضاء عليها، نفسه في زنزانة؟
في الأثناء، وفي الجزائر العاصمة، انزعج إخوته ونددوا "باختفاء" رجل الأعمال. وبعد أقل من 48 ساعة من ذلك، وحين كان عبد العزيز بوتفليقة يوقع رسالة استقالته، تم نقل الرئيس السابق لمنتدى رؤساء المؤسسات إلى الجزائر العاصمة وتم سماعه من طرف قاضي التحقيق.
وقد ضاقت الدنيا على عائلة حداد عندما قرر القاضي حبسه في الحراش، حيث يوجد المليارديران المشهوران، رفيق خليفة وكامل شيخي، المعروف باسم "البوشي".
وذكرت المجلة أن المحامي خالد بورايو، الذي أكد احترام جميع الإجراءات، يفسر أن "العقوبة غير ملائمة في ضوء الحقائق المزعومة، ذلك أن موكلي شخصية عامة، ولا يستدعي الأمر تصنيف الجريمة عقوبة سجنية".
ويضيف: "لم أر قط ملفا بمثل هذه المظالم". أما بالنسبة للرأي العام، فقد حزم موقفه.
فطوال أسابيع، وفي مواكب المتظاهرين، رفعت صورة أصيل أزفون، إلى جانب صورة شقيق ومستشار الرئيس السابق، سعيد بوتفليقة. ويتكرر الشعار ذاته في جوقة المحتجين: "نهبتم البلد، يا عصابة اللصوص".
اقرأ أيضا : توقيف رجال أعمال بارزين بالجزائر واستدعاء لأويحيى ووزير المالية
كما يُحافظ الجيش على الخطاب ذاته. ففي كلمته التي ألقاها في الثاني من نيسان/أبريل، التي دفعت بوتفليقة للاستقالة، تحدث رئيس الأركان، أحمد قايد صالح، عن "حفنة من الأشخاص الذين استأثروا بالثروات".
ويقول رئيس الأركان إن "قرار إطلاق تتبعات قانونية ضد هؤلاء قد اتُخذ من طرف المدعي العام، مدفوعًا بتمسكه بالمطالب الشعبية الملحة".
وبينت المجلة أن الأمر يتعلق بتلبية "المطالب الشعبية". ويصر المحامي بورايو على أنه "قد تمت التضحية بهؤلاء الرجال قبل أن توجه لهم العدالة أي لوم أو اتهام".
في غضون ذلك، تسربت قائمة رجال الأعمال التي يستهدفها مكتب المدعي العام والذين كانوا محل منع من مغادرة التراب الوطني.
وبالإضافة إلى علي حداد وأحد أشقائه، استُهدفت عائلات كونياف وطحكوت ومزوز، المعروفة جميعها بقربها من معسكر بوتفليقة.
وقد ضُيق الخناق على كل الشخصيات التي ساندت علنا وماليا الدائرة الرئاسية، إذ يمكن مشاهدة طائرات خاصة على الأرض ومطارات وحدود خاضعة للمراقبة وتفتيش على جوانب الطرقات من طرف رجال الدرك، فضلا عن إصدار قائمة سوداء تضم هذه الشخصيات.
ومقابل مساندتهم هذه، حصل هؤلاء على اعتمادات وأسواق وعقود بقيمة مليارات الدولارات.
وفي هذا الصدد، يشير بورايو إلى أن ذلك يعد "انتهاكا لافتراض البراءة". ويلاحظ المحامي المتمرس أن "الكشف عن هذه القائمة من قبل وسائل الإعلام جاء في سياق اشتدت فيه الصراعات السياسية".
فهل يعتبر ذلك "عملية الأيادي النظيفة"، أو تسوية حسابات أم تلاعب؟ إن من الصعب الجزم بطبيعة ذلك.
وأضافت المجلة أنه علاوة على ذلك، من الصعب معرفة الطرف الذي أطلق عملية التطهير في صفوف الأوليغارشية في ظل سياق ثوري جعل النظام ينهار.
في الأثناء، لم يعد هذا الشعور يخفى على أحد، حيث أنه في 16 نيسان / أبريل في إن أميناس (الجنوب الشرقي)، دعا رئيس الأركان "السلطات القضائية إلى الإسراع بالنظر في مختلف الملفات المتعلقة بالأشخاص الذين استفادوا بغير وجه حق من اعتمادات تقدر قيمتها بآلاف المليارات، مما أضر بالخزينة العامة".
وتقوم قوات الدرك، التابعة للجيش، بالتحقيق في الأصول البنكية لعائلة حداد. وقد أُجريت عمليات تفتيش في وزارة الأشغال العامة، التي منحت عدة عقود لمجموعة حداد.