هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للمعلق الأمريكي المعروف بول كروغمان، يتهم فيه أعضاء الحزب الجمهوري الأمريكي بأنهم المتطرفون الحقيقيون، مشيرا إلى أنهم يؤمنون بنظريات المؤامرة، وأنهم أعداء للديمقراطية.
ويبدأ كروغمان مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "لقد فشلت سياسيات دونالد ترامب كلها جوهريا أو سياسيا، أو كليهما معا، وإنجازه التشريعي الوحيد الكبير هو قانون التخفيضات الضريبية عام 2017، ومع ذلك فإنه لا يحظى بشعبية، وأدت هجماته على قانون أوباما كير إلى تعزيز موقف الرأي العام تجاه البرنامج، وأدت سياسته في نشر الخوف إلى تقوية موقف الغالبية من جداره الذي اقترحه".
ويشير الكاتب إلى أنه "في الوقت الذي لا يستطيع فيه الحزب الجمهوري بناء سياسة، إلا أنه يملك آلة دعائية قوية، وهذه الآلة مكرسة لاستراتيجية تصوير الديمقراطيين بالمتطرفين، وربما نجحت، لكن يجب ألا تنجح، والسبب هو أن الديمقراطيين ليسوا متطرفين، لكن الجمهوريين هم كذلك".
ويرى كروغمان أن "الهجوم على الديمقراطيين قام بعملية شيطنة لنائبتين في الكونغرس، وهما النائبة إلهان عمر والنائبة ألكسندريا أوكاسيو- كورتيز، عمر هي مسلمة، والمشكوك فيهم عادة ذهبوا بعيدا في استخدام كلمات أخرجوها عن السياق لتصويرها وبشكل غير صحيح بأنها متعاطفة مع الإرهابيين، أما أوكاسيو- كورتيز، التي تقدم نفسها بالديمقراطية الاشتراكية -مع أنها ليست كذلك- كانت عرضة لتغطية مهووسة من أطراف اليمين المتشدد، وذكرت اسمها (فوكس نيوز) و(فوكس بيزنس) وخلال ستة أسابيع أكثر من 3 آلاف مرة، وصورتها بالجاهلة والراديكالية، أو الأمرين معا".
ويجد الكاتب أن "الأمر ليس صدفة في استهداف هاتين المرأتين الملونتين، فهناك شعور بأن الحديث عن التطرف هو غطاء للقومية والتمييز ضد المرأة، ومن المهم ذكر أن أوكاسيو- كورتيز وعمر، اللتين تقفان على الجانب اليساري من الحزب الديمقراطي لم تطرحا مواقف متطرفة، مقارنة مع أراء الخبراء أو الرأي العام".
ويقول كروغمان: "مثلا، موقف أوكاسيو – كورتيز من فرض ضريبة 70% على أصحاب الدخل العالي، يعلم الاقتصاديون أن الرقم الذي ذكرته النائبة جاء من ورقة بحثية معروفة لكل من بيتر دايموند وإيمانويل سائيز، المعروفين في هذا المجال، ولا تحتاج لأن تتفق مع هذا التحليل لتتوصل إلى نتيجة تفيد بأن أوكاسيو- كورتيز عندما ذكرت الأرقام لم تكن جاهلة، بل إنها بنت كلامها على تحليل علمي قوي، ولا يرى الرأي العام التحليل مثيرا للسخط، بل على العكس فالغالبية العظمى تعتقد أن الناس من أصحاب الدخل العالي يدفعون ضريبة قليلة، وتدعم الاستطلاعات مواقف أوكاسيو- كورتيز".
ويتساءل الكاتب قائلا: "هل التعبير عن مواقف الباحثين والتوافق مع الرأي الشعبي تطرفا؟ وما يقدمه رأي أوكاسيو- كورتيز، التي تقف على يسار الديمقراطي، هو أن الحزب بشكل كامل يقف على يمين الرأي العام في قضايا السياسة العامة".
ويجد كروغمان أن "الجمهوريين هم المتطرفون الحقيقيون، وكما قال توماس مان ونورمان أورنستين في عام 2012، وقبل ظهور دونالد ترامب، فالحزب الجمهوري الجديد (متطرف أيديولوجيا)، ولا تهمه (الحقائق والأدلة والعلم)، فقادة الحزب مثلا يرفضون وبشكل روتيني الاحتباس الحراري، ويقولون إنه زيف تقف وراءه مؤامرة عالمية".
ويقول الكاتب: "خذ مثلا أفكار ستيفن مور، الذي يحاول ترامب تعيينه مديرا للخزانة الفيدرالية، وما يجب أن تعرفه عن مور بعيدا عن عدم قدرته على فهم الحقائق، أنه على خلاف هيرمان كين، الشخص الأخر الذي اختاره ترامب، من اليمين المتطرف، فهو محرر سابق لصحيفة (وول ستريت جورنال)، والاقتصادي البارز في (هيرتيدج فاونديشن/ مؤسسة التراث). وبناء على هذه الخلفية فإنه ليس من المستغرب اعتقاده القوي في المبادئ الاقتصادية الفاشلة، خاصة أن تخفيض الضريبة عن الأثرياء له أثر سحري".
ويبين كروغمان أن "ما يظهر الآن هو مدى تطرف مور السياسي، وتبدو تصريحاته السابقة، مثل أن (الرأسمالية هي أهم من الديمقراطية)، تقليدا ساخرا للمحافظة، لكنها أكثر من ذلك، فمور يظهر لنا ما هي طبيعة اليمين".
ويلفت الكاتب إلى أن "غالبية الأمريكيين يعتقدون أن الأثرياء يدفعون ضريبة قليلة، لكن مور يريد محو ضريبة الدخل واستبدالها بضريبة على المبيعات، ما يعني حرف العبء عن الأغنياء، وتحميله للطبقة المتوسطة، واعتبر التعديل 16، الذي أدى إلى فرض ضريبة الدخل (أكثر القوانين شرا من التي فرضت منذ 100 عام)".
وينوه كروغمان إلى أنه "يريد أيضا خصخصة الضمان الاجتماعي، وهو البرنامج الذي يحظى بشعبية واسعة، ويعد حجر الأساس لتقاعد للعمال الأمريكيين، واقترح مور عمليات تطهير للمؤسسة التي يريده ترامب أن يقوم بإدارتها، ودعا إلى عزل مئات الاقتصاديين في الاحتياطي الفيدرالي الذي يعتقد أنهم غير مهمين".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الديمقراطيين الذين يتهمون بأنهم من اليسار لا تختلف مواقفهم عن الرأي العام، وليسوا متطرفين، وفي المقابل فإن أعمدة اليمين المتطرف، الذين يحملون أفكارا التي تتناقض مع الدليل والرأي العام، هم من الجمهوريين، وهم المتطرفون الحقيقيون".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)