انتهت الانتخابات المحلية في تركيا، ولكن النقاش حول نتائجها يبدو أنه لن ينتهي خلال أيام، في ظل تقارب النتائج في بعض المدن الكبرى، مثل العاصمة أنقرة وإسطنبول، وظهور نتائج غير متوقعة في بعض المدن الأخرى، وخسارة حزب الشعوب الديمقراطي بعض قلاعه في شرق البلاد، بالإضافة إلى خروقات وطعون.
رؤساء الأحزاب السياسية التي خاضت الانتخابات المحلية يوم الأحد، كلهم يعتبرون النتائج نجاحا لأحزابهم. وحتى رئيسة الحزب الصالح، ميرال آكشنير، تقول إن حزبها نجح في الانتخابات، على الرغم من أنه لم يفز برئاسة أي بلدية من بلديات المحافظات التركية. وإن اعتبرت مهمة الحزب الصالح مجرد خطف جزء من أصوات الناخبين المؤيدين لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، فإنها صادقة، ويمكن القول إن حزبها نجح في هذه المهمة إلى حد ما.
مهمة الحزب الصالح مجرد خطف جزء من أصوات الناخبين المؤيدين لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية
حزب الشعب الجمهوري دعم حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ليتمكن من تخطي الحاجز الانتخابي (10 في المئة). ويبدو أن هذا الأخير رد الجميل في الانتخابات المحلية، ودعم مرشحي حزب الشعب الجمهوري في معظم المحافظات، ولو أدَّى ذلك إلى تراجع شعبيته في عموم البلاد.
حزب الشعب الجمهوري رفع شعبيته إلى 30.1 في المئة، ولو بفعل تحالف الأمة الانتخابي الذي أقامه مع الحزب الصالح، ودعم حزب الشعوب الديمقراطي وحزب السعادة. بالتالي، يرى نفسه ناجحا. وكان الحزب قد حصل في الانتخابات المحلية السابقة على 29.5 في المئة. وتشير النتائج الأولية غير الرسمية إلى حصول الحزب على بلديتي أنقرة الكبرى وإسطنبول الكبرى، إلا أن حزب العدالة والتنمية يقول إن هناك خروقات منظمة وتلاعبا واسعا في تسجيل الأصوات، وبالتالي طعن في النتائج. وهذا يعني أن النتائج في البلديتين، وفي إسطنبول تحديدا، غير محسومة حتى الآن، وأنها قد تتغير بعد إعادة فرز الأصوات.
هناك أمثلة عديدة للطعن في النتائج. وفي الانتخابات المحلية السابقة، أعلن مرشح حزب العدالة والتنمية في مدينة يالوفا فوزه بفارق صوت واحد، إلا أن حزب الشعب الجمهوري طعن في النتائج. وبعد إعادة فرز الأصوات، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري بفارق خمسة أصوات.
الأحزاب السياسية التي خاضت الانتخابات المحلية تقدمت إلى اللجنة العليا للانتخابات بطعون في النتائج في مدن مختلفة، والكرة الآن في ملعب اللجنة العليا للانتخابات. وصرح المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر جليك، بأن الطعن في النتائج حق قانوني، وجزء من العملية الانتخابية، مضيفا أن قرار اللجنة العليا للانتخابات هو الذي سيحسم الجدل.
لا يمكن الحديث عن تراجع ملحوظ في شعبية حزب العدالة والتنمية ولا في شعبية رئيس الجمهورية أردوغان
حزب العدالة والتنمية حصل في الانتخابات المحلية السابقة على 45.6 في المئة من أصوات الناخبين. وأما في هذه الانتخابات الأخيرة، فحصل على 44.3 في المئة من الأصوات في عموم البلاد، وحل مجددا في المرتبة الأولى. وهذه الأرقام تشير إلى أن الحزب حافظ على شعبيته إلى حد كبير. كما أن تحالف الشعب الانتخابي حصل يوم الأحد الماضي على 51.6 من أصوات الناخبين. وبالتالي، لا يمكن الحديث عن تراجع ملحوظ في شعبية حزب العدالة والتنمية
ولا في شعبية رئيس الجمهورية أردوغان.
العاصمة أنقرة فيها 25 قضاء. وفاز مرشحو تحالف الشعب الانتخابي برئاسة البلدية في 22 قضاء منها، فيما فاز مرشحو تحالف الأمة الانتخابي برئاسة البلدية في ثلاثة أقضية فقط. كما أن مرشحي حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية سيطروا
على أغلبية مقاعد المجالس البلدية. ويعني ذلك أن مرشح تحالف الأمة الانتخابي، منصور ياواش، الذي فاز برئاسة بلدية أنقرة الكبرى، وفقا للنتائج الأولية، لن يكون عمله سهلا، في ظل احتمال تقييده من قبل أعضاء المجلس البلدي.
الفوز في أنقرة وإسطنبول في غاية الأهمية، ولكنه في الوقت نفسه اختبار كبير لمن فاز فيهما. وإن افترضنا أن اللجنة العليا للانتخابات حسمت النتائج في أنقرة وإسطنبول لصالح مرشحي تحالف الأمة الانتخابي، فإن أمامهما خمس سنوات لخدمة سكان المحافظتين. وبعد ذلك سيقوم الناخبون بتقييم تلك الخدمة عبر صناديق الاقتراع.
حزب العدالة والتنمية فاز برئاسة البلدية في محافظات ذات أغلبية كردية كانت تعتبر قلاع حزب الشعوب الديمقراطي، مثل محافظة شيرناق. ولعل هذا الفوز من أهم نتائج الانتخابات المحلية، ويدل على أن الأصوات الكردية ليست في جيب حزب العمال الكردستاني، يوجهها كيف يشاء.