هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يتواصل نزيف قطاعات تجارية وصناعية وعقارية في الأردن، بعد انسحاب علامة تجارية، وإغلاق مصانع في السوق الأردنية، رغم تصريحات رئيس الوزراء عمر الرزاز عن "تحسن ملموس للاقتصاد بعد أقل من عام على الشروع في تنفيذ إصلاحات مالية صعبة".
ويحاول الأردن الذي يعيش ظروفا اقتصادية صعبة أن يجد ضالته في مؤتمر لندن لدعم الاقتصاد والاستثمار في الأردن، الذي يعقد اليوم الخميس؛ للخروج من أزمته الاقتصادية من خلال حث الدول الصناعية السبع على ضخ استثمارات في المملكة.
وخسر الأردن خلال السنوات الثلاث الأخيرة 1.800 مليار دولار، في مجال الاستثمارات العقارية التي وجدت موطئ قدم لها في تركيا ودبي، حسب ما قاله رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان زهير العمري لـ"عربي21".
وأعاد العمري هروب مستثمري الإسكان من الأردن لعدة أسباب، أبرزها "ضعف القدرة الشرائية للمواطن الأردني، حيث ذهب المستثمرون إلى أماكن أخرى أكثر حركة مثل قبرص وتركيا، كما يعاني المستثمر من ارتفاع الكلف والفوائد البنكية، وعدم الاستقرار التشريعي".
وحسب إحصاءات الجمعية، شهد القطاع الاقتصادي تراجعا في الشهر الأول من العام 2019 عن الشهر الأول من العام الماضي، بنسبة بلغت نحو 37%.
كما شهد قطاع الألبسة انسحاب نحو 35 علامة تجارية عالمية منذ عام 2016 كان يعمل لديها قرابة 700 موظف وموظفة، وذلك لتخفيض خسائرهم؛ لعدم وجود بيئة استثمارية محفزة لهم. حسب ما يقوله ممثل قطاع الألبسة والأقمشة والمجوهرات في غرفة تجارة الأردن أسعد القواسمي.
ويعاني الاقتصاد الأردني من تباطؤ بالنمو، الذي لم يتجاوز 2.2%، وتسببت القرارات الاقتصادية من رفع الدعم وفرض ضرائب ورسوم في تراجع القدرة الشرائية للمواطن الأردني، وارتفاع تكاليف الإنتاج على القطاعات المختلفة.
اقرأ أيضا: أردنيون متعطلون يسيرون من المحافظات نحو ديوان الملك
تحديات تواجه الصناعة الأردنية
نائب رئيس غرفة صناعة عمان رئيس لجنة حملة (صنع في الأردن)، المهندس موسى الساكت، يبين لـ"عربي21" التحديات التي تواجه القطاع الصناعي في الأردن، منها وجود ضريبة مبيعات مرتفعة وضريبة دخل، ولا يمكن للاقتصاد الأردني أن يتحسن وخزينة الدولة تعتمد على 65% من إيراداتها على ضريبة المبيعات وحدها، ففي الدول التي تسعى لتحسين اقتصادها تعتمد على ضريبة الدخل الربحية".
يقول الساكت إن "التوسع في ضريبة المبيعات تسبب في تراجع القدرة الشرائية للمواطن الأردني، وانكماش اقتصادي يقود إلى كساد، وهذا أدى إلى ضعف استهلاك المواطن، ما انعكس على الشق الإنتاجي أيضا".
وحسب الساكت، "يواجه قطاع الإنتاج في الأردن ارتفاعا كبيرا في
مدخلات الإنتاج، من أبرزها ارتفاع فاتورة الطاقة، وتراجع تمويل البنوك التجارية
للمشاريع، وسط فوائد مرتفعة، وقروض لأمد قصير".
ويعدّ القطاع الصناعي في الأردن أكبر مشغل للعمالة بعد القطاع الحكومي، حيث يصل عدد
العمالة فيه ما يقارب 388 ألف عامل، بنسبة عمالة محلية تشكل 85 % من مجمل العمالة
في هذا القطاع.
الرزاز: الاقتصاد بدأ يتحسن
رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، بدوره، يؤكد أن "اقتصاد بلاده بدأ يتحسن بعد أقل من عام على الشروع في تنفيذ إصلاحات مالية صعبة مطلوبة لخفض الدين وحاسمة لتحفيز النمو، الذي تضرر بالصراعات في المنطقة".
تصريحات الرزاز جاءت قبل انعقاد مؤتمر رئيسي للمانحين في لندن، الذي يعقد الخميس، وقال الرزاز لوكالة رويترز إن بلاده ستعرض خطواتها والتزامها بتنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية التي يدعمها صندوق النقد الدولي والحاسمة لتحفيز الاقتصاد.
في وقت أعلن فيه وزير الدولة لشؤون الاستثمار الأردني، مهند شحادة، أن "عدد المصانع التي أغلقت عام 2018 بلغ 429 شركة، بزيادة 2% عن العام الذي سبقه".
تزاحم في هروب المستثمرين
وأظهر تقرير صادر عن البنك المركزي الأردني، بداية الشهر الحالي، تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق إلى السوق الأردنية، بنسبة 53.9 بالمئة في الشھور التسعة الأولى من 2018.
ويعيد الخبير الاقتصادي مازن مرجي ما أسماه "تزاحم هروب المستثمرين في الأردن" إلى النهج الاقتصادي للحكومات المتتابعة، قائلا لـ"عربي21": "من أوصلنا إلى هذه المرحلة هي السياسات الحكومية الخاطئة التي تتعلق بتحفيز الاستثمار وتشجيعه، ومن أبرزها التشريعات التي أدت إلى رفع ضرائب المبيعات والدخل التي قتلت القدرة الشرائية لدى المواطن الأردني؛ ما تسبب في تراجع الطلب على السلع والخدمات".
وحسب مرجي، "ساهم ارتفاع كلف الإنتاج، وأبرزها الطاقة، ورفع نسبة تأمين الضمان الاجتماعي للشركات بنسبة 21%، إلى هروب المستثمرين، ليأتي قانون ضريبة الدخل، ويعمق جراح المستثمرين، ويدمّر البيئة الاستثمارية".
وحول النمو الاقتصادي، يرى مرجي أنه في حال احتساب النمو السكاني والتضخم نجد أن النمو الاقتصادي تحت الصفر وليس 2% كما تقول الحكومة".
وحاولت المملكة جذب المستثمرين من خلال منح الجنسية الأردنية، والإقامة الدائمة في حالات معينة، ووفق شروط حددتها الحكومة، إلا أن هذه الخطوة لم تؤت أكلها، في ظل النهج الاقتصادي الذي أضعف القدرة الشرائية للمواطن وعملية الطلب على السلع؛ بسبب تضخم الأسعار، وتآكل المداخيل.