هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلن اللواء المتقاعد خليفة
حفتر، إطلاق عملية عسكرية تستهدف السيطرة على جنوب ليبيا، خاصة حقلي الفيل
والشرارة النفطيين اللذين يستخرج منهما قرابة ثلثي إنتاج ليبيا النفطي.
في البداية دخلت قوات
حفتر إلى مدينة سبها، بدون قتال، عقب تفاهمات مع أغلب قبائلها كأولاد سلميان
والتبو الذين يسيطرون على عدة مواقع في المدينة، ما اضطر باقي الكتائب المسلحة
إلى إعلان تبعيتها لحفتر.
في مرحلة تالية سيطرت
قوات حفتر على مدينة أوباري جنوب غرب ليبيا، ثم حقل الشرارة النفطي، ما اضطر آمر
المنطقة العسكرية سبها، الفرق علي كنه، التابع لحكومة الوفاق الوطني، إلى الانتقال
بقواته إلى حقل الفيل، والذي دخلته قوات حفتر الخميس الماضي أيضا بدون قتال.
استعصت مدينة مرزق
التي تقطنها غالبية من مكون التبو، على قوات حفتر لعدة أيام، إلا أنه مع استمرار
الهجوم البري المصحوب بقصف جوي لمواقع التب، اضطروا في النهاية إلى الانسحاب داخل
مناطق صحرواية.
أنصار حفتر في الجنوب
دخلت قبيلة أولاد
سلميان تحت ولاء في الجنوب الليبي، مستغلة دخول كتائب من شرق ليبيا في الحرب، وذلك
لتصفية حسابات وثأر لها مع قبيلة التبو، التي اشتبكت معها في حروب محلية، كان
آخرها في أيار/ مايو العام الماضي، وذلك بعد انهيار اتفاق مصالحة وقعه الطرفان في العاصمة
الإيطالية روما.
ويتركز انتشار قبيلة
أولاد سليمان في بلدة هراوة شرقي مدينة سرت إلا أن معاقل القبيلة في مدينة سبها التي
تتقاسم فيها النفوذ مع قبائل المقارحة والقذاذفة وبعض القبائل الأخرى.
ويتوزع وجود قبائل
التبو، في الكفرة وربيانة على الحدود مع تشاد جنوب شرق ليبيا وأوباري والقطرون وأم
الأرانب ومرزق في جنوب ليبيا الغربي.
اقرأ أيضا: قوات حفتر تدخل حقل الفيل النفطي جنوب غرب ليبيا
تأتي قبيلة المقارحة
وبعض من قبيلة الحساونة كأحد أهم حلفاء اللواء المتقاعد في الجنوب الغربي، حيث
تهيمن هاتان القبيلتان على مصدر تغذية الشمال الليبي بالمياه، إذ تقع منابع النهر
الصناعي، كما أن قبيلة المقارحة التي يقودها القيادي بالنظام السابق محمد بن نايل
الموالي لحفتر، تهيمن على قاعدة براك الشاطئ الجوية، وتشارك آخرين في السيطرة على
قاعدة تمنهنت، وهما قاعدتان يستخدمهما حفتر في ضرب خصومه بالطائرات.
وفي منطقة أوباري
بالجنوب الغربي، آثرت قبيلة الطوارق، خاصة الكتيبة 173 بإمرة آغلس التارقي، الانضمام
إلى قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، شرط المقاسمة وتأمين حقل الشرارة النفطي
القريب من مضارب أوباري.
بينما يسيطر مسلحون من
قبيلتي المحاميد والزوية، على قاعدة الويغ المتاخمة للحدود الليبية التشادية،
وقربها من مواقع وحقول نفطية في أحواض تازربو والسرير في الجنوب الشرقي.
واستعان اللواء
المتقاعد خليفة حفتر بالمعارضة السودانية، التي فرت من ملاحقة وعمليات الجيش
السوداني، إلى مناطق الجنوب الليبي، خاصة جناح ميني ميناوي، والتي تشارك قوات حفتر
في تأمين قاعدة الجفرة الجوية، وسط البلاد، وكذلك العمليات العسكرية التي شنها
حفتر بالتعاون مع طائرات فرنسية ضد مسلحين معارضين لنظام الرئيس إدريس ديبي في
تشاد.
معارضو حفتر في الجنوب
رغم أن مسلحين من
قبيلة التبو شاركوا في عمليات حفتر العسكرية في بنغازي والهلال النفطي، ضد
معارضيه، إلا أنهم دخلوا معه في مواجهة مباشرة، بعد التحالف الذي عقده حفتر مع
خصوم التبو في سبها، وهم قبيلة أولاد سلميان ذات الأصل العربي.
تخلى التبو عن مواقعهم
في جنوب مدينة سبها، بعد إعلان حفتر العملية العسكرية، وانتقلوا إلى مدينة مرزق في
الجنوب الغربي، التي تمثل المعقل الرئيسي لهم، للدفاع عنها ضد أي هجوم يشنه حفتر
عليهم، كما انسحب جزء من مسلحي التبو من حقل الفيل النفطي إلى مناطقهم أيضا بهدف
الدفاع عنها.
وتتحالف مع قبيلة
التبو، الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة، والمجلس العسكري لإنقاذ الجمهورية،
المعارضتين لنظام الرئيس التشادي إدريس ديبي، حيث وفر لهما التبو أماكن للتحرك في
مناطق نفوذهما، إلا أنهما تعرضتا جوا لقصف طائرات فرنسية، وبرا لهجوم من قوات حفتر
بالتعاون مع حركات معارضة سودانية.
ويعارض هيمنة حفتر على
الجنوب الليبي، آمر المنطقة العسكرية سبها، الفريق علي كنه، التابع لحكومة الوفاق
الوطني، إلا أن أغلب قواته ضعيفة ولا تملك خطوط إمداد من الشمال في حالة دخولها في
حرب مفتوحة مع حفتر.
بسبب وصفه أنه خائن
لنظام القذافي، تعارض بعض القبائل في الجنوب حفتر، كقبيلة القذاذفة في سبها،
وأجزاء من قبيلة الحساونة في منطقة وادى الشاطئ، الذي يمتد على طول 120 كيلومترا، ويقع
على مسافة 60 كليومترا شمالي سبها، إلا أن هذه المعارضة في حالة كمون بسبب كثرة
الموالين لحفتر من القبائل الأخرى في الجنوب.
مستقبل السيطرة
يرى الصحفي من سبها،
محمد الفزاني، أنه "لا يمكن الجزم بمستقبل سيطرة حفتر على الجنوب أو عدم
سيطرته عليه، لارتباط ذلك بالهدف الذي دفعه بعد سنوات للدخول في المشهد الجنوبي".
واستدرك الفزاني لـ"عربي21"
أن "الوضع في الجنوب يختلف عنه في برقة أو طرابلس، بسبب العلاقات القبلية
شديدة التعقيد والحساسية، وبرغم من أن حفتر اعتمد على هذه الحساسية في ضمان ولاء
بعض المكونات، إلا أن هذا الولاء ليس مضمونا على المدى البعيد".
وأضاف أن "انضمام
بعض القبائل مع حفتر في عمليته، جاء نكاية
في خصومهم المحليين، إلا أنه بعد الانتصار والاستقرار سيدرك الجميع أنه ليس بعد
هذا النصر شيء، وستكون الأموال المغدقة أقل من تلك التي كانت تتدفق من الوفاق على
شكل هبات ومرتبات ومشاريع ومخصصات".
المخدرات والنفط
يوضح الكاتب الليبي من
الطوارق موسى تيهو ساي، أن الهدف من حملة حفتر العسكرية على الجنوب "لم يكن
طرد المسلحين من العصابات التشادية، بل للسيطرة على الحقول النفطية وخطوط المخدرات
الإقليمية التي يسيطر عليها منذ سنين كبار تجار المخدرات من مكون التبو والطوارق
في الصحراء الكبرى".
وأضاف ساي لـ"عربي21"
أن "هذه الخطوط تمتد من المغرب في أقصى جنوب غرب الصحراء الكبرى مرورا
بموريتانيا ومالي وجنوب الجزائر وشمال النيجر وجنوب ليبيا وتشاد، ثم ينتهي بها
المطاف في السودان ومصر والشرق الأوسط، عبر شبكة تهريب ضخمة ومعروفة لدى جميع هذه
الدول، التي تتعامل معها بشكل رسمي".
وقال إنه في ليبيا إبان حكم القذافي "كان ابنه هانيبال هو المسهل لتنظيم حركة مرور هذه
المخدارت حتى تصل إلى مصر" في الوقت الذي تعمد فيه نجل القذافي "تهميش
النيجر وتشاد، حيث لم يضع لهما أي اعتبار في ملف المخدرات".
ويستدل الكاتب على
رغبة حفتر في استعادة السيطرة على هذا الخط، الذي يعد رافدا مهما للثراء السريع،
بتكليف "صدام نجل اللواء المتقاعد بالإشراف على تأمين ومتابعة المصارف في
الجنوب الليبي، من قبل والده" إضافة إلى مكاسب أخرى تتمثل في "السيطرة
على الحقول النفطية وكسب ولاء المتنفذين والمتحكمين في المشهد في الجنوب من قبائل
وشخصيات للحفاظ على التوازن كطرف قوي في أي مفاوضات أو ترتيبات قادمة في المشهد
السياسي الليبي بدعم قوي من فرنسا والإمارات".