هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كتبت المحررة في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية رولا خلف، مقالا تحت عنوان "الجهود العربية لإعادة تأهيل سوريا ستكون فاشلة".
وتشير خلف في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى القمة الاقتصادية العربية التي عقدت في بيروت، لافتة إلى أنها قد تكون مناسبة ثانوية على رقعة الشطرنج الجيوسياسية، مقارنة مع حروب التجارة، وصعود الحركات الشعبوية، والإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، والفوضى السياسية في بريطانيا.
وتستدرك الكاتبة بأن "عمليات إعادة تأهيل الديكتاتور السوري بشار الأسد، التي تقوم بها الدول العربية بحذر، هي أكثر من كونها هامشا، لكنها تؤشر إلى نكسة مهينة للمصالح الغربية في الشرق الأوسط، ولتأكيد حيوية التدخل الإيراني والروسي".
وتلفت خلف إلى أن "الديكتاتور الذي قتل واستخدم الغاز وعذب مئات الآلاف من السوريين، وشرد الملايين، لم يعد بعد إلى الأسرة العربية، خاصة أن الحديث عن إعادة سوريا إلى الجامعة العربية أصبح مثار خلاف الرأي العام، وخطوة تلو أخرى يتسلل الأسد ويعاد تأهيله".
وتقول الكاتبة إن "الجهود العربية للتعاون مع سوريا من جديد تسارعت بسبب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، فبعد قراره في كانون الأول/ ديسمبر أعلنت الإمارات العربية المتحدة، التي كانت في الماضي جزءا من التحالف المعادي للأسد، عن فتح سفارتها في دمشق، بعد إغلاق دام سبعة أعوام، وتبعتها الدولة الخليجية الصغيرة، البحرين، ورغم النفي فإنه من المتوقع أن تعيد المملكة العربية السعودية علاقاتها مع دمشق".
وتعلق خلف قائلة: "يجب ألا يفاجأ أحد لو اتخذت دول الخليج خطوات أخرى، ووافقت على تمويل إعادة إعمار سوريا، ويتوقع ترامب بالتأكيد هذا الأمر، فكتب تغريدة قال فيها إن السعودية وافقت على إنفاق المال الضروري لإعادة إعمار سوريا، فيما أنكر السعوديون هذا الأمر".
وتفيد الكاتبة بأن "بعض الديكتاتوريين مستعدون لتقديم تنازلات، وحتى لو كانت مثيرة لاشمئزازهم، إلا أنها تستحق العناء، والأسد ليس واحدا منهم، فالقادة السنة العرب يتبنونه بناء على مسؤوليتهم، فالمحاولة تقوم على فانتازيا، وهي أن الوجود العربي مطلوب لمواجهة التأثير الإيراني، مع أن إيران متحصنة في سوريا، وهي القوة الفعلية التي يأتمر الأسد بإمرتها، فبعد أن ساعدت النظام على تدمير البلد، فإن إيران سترحب بأخذ المال الخليجي لإعادة إعمارها، وفي الوقت ذاته مساعدة الأسد على تقوية دعائم حكمه".
وتنوه خلف إلى أن "لدى دول الخليج العربية سجلا متقلبا في سوريا، حيث تحولت ضد النظام وطردته من الجامعة العربية بعد اندلاع الثورة، التي تحولت إلى ثورة مسلحة، وضيعت قطر والسعودية ملايين الدولارات على دعم المعارضة للنظام، إلا أن إيران تفوقت عليهما".
وتبين الكاتبة أنه "بالنسبة لإيران، التي تعد صديقا قديما للنظام، فإن الرهانات عالية: نظام صديق يكون معبرا للمساعدات الإيرانية لوكيلها حزب الله في لبنان، وثبت أن الدعم العربي للمعارضة كارثة، وعمل القطريون والسعوديون ضد بعضهم، حيث دعموا جماعات متطرفة مختلفة".
وتقول خلف: "على أي حال، فالأسلحة التي قدمتها دول الخليج لم تكن متساوية مع السلاح الروسي المتقدم والمقاتلين الذين دعمتهم إيران، وتغير ميزان القوة في العام الماضي ضد المعارضة، بحيث قتل آمال الدول العربية الداعمة لها بحل سياسي يجرد الأسد من سلطاته".
وتذكر الكاتبة أن "تركيا، التي كانت داعما تقليديا للمعارضة، تحولت إلى دور الوسيط، حيث شكلت العمود الثالث في المفاوضات مع روسيا وإيران في مناطق خفض التوتر ومحادثات المعارضة مع النظام".
وتؤكد خلف أن "الدول العربية حانقة لعدم مشاركتها في مستقبل سوريا، في الوقت الذي تتحكم فيه دول غير عربية، لكنها وصلت متأخرة إلى اللعبة السورية، وبرؤية متعكرة من الصعب تحقيقها".
وتجد الكاتبة أنه "يمكن استخدام المال والدبلوماسية ورقة نفوذ عندما تكون هناك فرصة للحل السياسي، وفي الوضع السوري لا توجد هناك فرصة، وقد رفض الأسد تقديم تنازلات عندما كان الوضع في مصلحة المعارضة، وهو اليوم ليس مستعدا لتقديم أي تنازلات".
وترى خلف أن "المشاركة العربية لن تخدم إلا إيران وروسيا، التي تريد الخروج من سوريا، ففي العام الماضي حاولت روسيا إقناع الدول الأوروبية بالمشاركة في تمويل إعمار سوريا، وفي ذلك الوقت كان فلاديمير بوتين حذرا في تقديم وعود بإخراج إيران من سوريا؛ لأنه لا يستطيع الوفاء بها".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "ربما كان العرب مستعدين للعمل وتوفير المال، لكن يجب ألا يكون لديهم أي وهم بشأن التعامل مع الأسد، فسيضع هو وحلفاؤه الأموال في جيوبهم ويتجاهلون الشروط المرفقة بها".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)