هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية مقال رأي للكاتبة نازانين أرمنيان، تحدثت فيه عن السودان، البلد الاستراتيجي الذي يعيش على وقع انتفاضة شعبية بسبب تفشي الفقر والجوع فيه.
وقالت الكاتبة في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، إن الاحتجاجات التي نظّمتها نقابات العمال في السودان منذ الخامس عشر من شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي والتي لا زالت مستمرة إلى حد اليوم، أدّت إلى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى واعتقال آلاف آخرين.
كما تم الاعتداء على مقر الحزب الشيوعي وخطف العديد من أعضاء اللجنة المركزية لهذا الحزب.
وأضافت الكاتبة أن السودان يعاني من أزمة اقتصادية سياسية منذ عقود بسبب إملاءات صندوق النقد الدولي وسياسات التعديل الهيكلي ونهب ثروات البلاد من قبل الشركات الأجنبية والبرجوازية المحلية الفاسدة.
علاوة على ذلك، تعمّقت الأزمة السودانية في ظل سنّ قوانين النظام الرأسمالي الأصولي الذي يترأسه عمر البشير، الذي يمارس مختلف أنواع التمييز بين المواطنين وفقا للجنس والعرق والدين.
وأوردت الكاتبة أن المواطنين طالبوا بضرورة تنحي الرئيس عمر البشير عن السلطة، الذي اعتلى كرسي الحكم منذ 29 سنة.
من جانبه، يسعى البشير إلى تغيير المادة 57 من الدستور حتى يتمكّن من الحكم مدى الحياة، وبالتالي، يفلت من إمكانية محاكمته في المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بارتكاب جرائم حرب.
اقرا أيضا : البشير يحدد الطريقة التي يمكن فيها التغيير بالسودان
تجدر الإشارة إلى أن 20 من الأحزاب والمنظمات المنتمية للتيار اليميني واليساري على حد السواء، على غرار حزب الأمة الإسلامي وحزب البعث السوداني والحزب الشيوعي السوداني، طالبت برحيل البشير، الرئيس الديكتاتوري، وتشكيل حكومة انتقالية لتجنب حمام من الدماء.
وأردفت الكاتبة أن الولايات المتحدة عملت على تقسيم السودان، الذي كان أكبر الدول الأفريقية، في إطار ما يُعرف بمصطلح البلقنة، سنة 2011.
في الوقت ذاته، دمّر حلف الناتو ليبيا مفككا بذلك الجمهورية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى.
وفي إطار هاتين الخطوتين، عملت الولايات المتحدة على منع تأثير ثورات الربيع العربي، التي انطلقت من تونس ومصر، على مواقعها في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من أن الكثير من الدول حول العالم تسعى للإطاحة بالنظام السياسي الحالي في السودان لمصالحها الخاصة، إلا أن عمر البشير، الذي يلقي باللوم على إسرائيل وحركة تحرير السودان في دارفور وغيرهما، يُعد المسؤول الرئيسي عن الكثير من المشاكل التي يعاني منها المواطنون منذ فترة طويلة.
وأشارت الكاتبة إلى أن البشير وجّه أصابع الاتهام إلى المعارضة مؤكدا أنها تعمل لصالح الدول الخارجية العدوة للسودان، وهو الخطاب الذي عادة ما يعتمده الرؤساء الديكتاتوريين في هذه المنطقة لتشويه صورة المنتقدين للنظام.
من ناحية أخرى، بدأت كل من منظمة الأمم المتحدة والولايات المتحدة برفع العقوبات عن السودان منذ سنة 2017 التي كانت قد سُلطت عليها بسبب اتهامها بأنها دولة راعية للإرهاب.
مع ذلك، لا زال البشير يؤكد أن روسيا والمملكة العربية السعودية وقطر وتركيا هم الحلفاء الأقرب للسودان.
ونوّهت الكاتبة بأن شركة سيبيريا للتعدين الروسية قد عثرت على رواسب ذهبية كبيرة في السودان ووقّعت أكبر اتفاقية استثمار في تاريخ البلاد.
وقد استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره السوداني في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2017 للتفاوض حول تعزيز الجيش السوداني من أجل مواجهة التوتر المتزايد بين الدول التي تشترك في نهر النيل.
اقرأ أيضا : "التعليم السودانية" تؤجل الدراسة بالجامعات الحكومية
فضلا على ذلك، تعتزم تركيا توسيع نطاق نفوذها في البحر الأحمر عبر بناء قاعدة عسكرية في جزيرة سواكن السودانية، في الوقت الذي أبدت فيه المملكة العربية السعودية اهتمامها ببسط نفوذها في هذا البحر بفضل شراء جزيرتين من مصر، الأمر الذي ينذر باندلاع حرب جديدة على نهر النيل.
وذكرت الكاتبة أن الرياض وعدت بتقديم مساعدات ذات طابع اقتصادي للخرطوم بهدف إبعاد أنقرة في الوقت الذي وُصف فيه أردوغان بزعيم العالم السني، خاصة بعد السمعة السيئة التي باتت تلاحق آل سعود على خلفية قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
من ناحية أخرى، أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة بعضوية جمهورية جنوب السودان ليصبح العضو عدد 193 في المنظمة.
وأوردت الكاتبة أن السودان يتذيل ترتيب مؤشر التنمية البشرية الذي يعد وسيلة لقياس وضعية قطاع الصحة والتعليم والدخل الفردي لسكان البلاد.
ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة، تُوفي ما لا يقل عن 400 ألف شخص فقط بين 2014 و2018 بسبب العنف والجوع والأزمة الإنسانية.
كما فاقمت المواجهات المسلحة بين الجماعات العرقية وأمراء الحرب في السودان، المسلحين من قبل وكالة المخابرات المركزية، من وتيرة النزاعات للاستحواذ على المحاصيل الزراعية والماشية، الأمر الذي خلّف الكثير من القتلى.
ختاما، أوضحت الكاتبة أن العسكريين الفاسدين قد استفادوا من أزمة المجاعة، التي تعمّقت بسبب كثرة الحروب وانتشار الأوبئة، وأودت بحياة المئات من السودانيين.
كما يعاني نصف سكان جنوب السودان البالغ عددهم 12 مليون نسمة من الجوع من بينهم 103 ملايين طفل دون سن الخامسة.
ويتعرض ثلاثة ملايين لاجئ ونازح معظمهم من الأطفال والنساء إلى الاغتصاب بشكل متكرر.