هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ذا كونفرسيشن" الأسترالي، تقريرا سلط من خلاله الضوء، على تاريخ العلم الحديث مع الثقوب السوداء في الفضاء، وكيفية اكتشافها وتطور المعادلات التي تعنى بشرحها حتى تسنى لنا فهمها.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن "مرصد الموجات الثقالية بالتداخل الليزري" بالولايات المتحدة الأمريكية، المعروف باسم "ليغو"، أعلن في أواخر السنة الحالية أنه رصد أبعد مصدر لموجات الفضاء الزمني وأكثرها كثافة على الإطلاق، الناتجة عن اصطدام مجموعة من الثقوب السوداء في الفضاء السحيق.
وذكر الموقع أن العلماء تمكنوا سنة 2015 من مراقبة هذه الأجسام الفلكية غير المرئية، التي لا يمكن اكتشافها إلا عن طريق جاذبيتها.
ويعود تاريخ تعقب هذه الأجسام الغامضة إلى القرن الثامن عشر، وكانت المرحلة الحاسمة في هذا المجال خلال الحرب العالمية الثانية.
وأفاد الموقع بأن جون ميشيل وبيير سيمون لابلاس، الفيلسوفان المختصان في الدراسة الفلسفية للطبيعة والفضاء الكوني المادي، هما أول من تطرق إلى مفهوم الجسم الذي يحبس الضوء والذي يصبح على إثره ذلك الجسم غير مرئي، في القرن الثامن عشر.
وقد اعتمدا على قوانين نيوتن للجاذبية لحساب سرعة إفلات جسيمات الضوء من جسم ما، وتكهنا بوجود نجوم كثيفة لدرجة أن الضوء لا يستطيع الهروب منها، وأطلق عليها ميشيل آنذاك اسم "النجوم السوداء".
وأضاف الموقع أن الفضل يرجع إلى نظرية النسبية العامة التي أنشأها ألبرت أينشتاين سنة 1915، حيث استخدمها عالم الفيزياء والفلك الألماني، كارل شفارتزشيلد بعد سنة من إنشائها للتوصل إلى حل لهذه المشكلة الفيزيائية.
اقرا أيضا : مسبار صيني يستعد للهبوط على الجانب المظلم من القمر
كما تنبأ بوجود محيط جسم بالغ الأهمية لا يمكن للضوء عبوره، المعروف باسم "نصف قطر شفارتزشيلد".
وأورد الموقع أن العلماء لم يتمكنوا من دحض هذه النظرية إلا سنة 1933 عندما بيّن جورج لومتر أن عدم قابلية اختراق الجسم كانت مجرد وهم بالنسبة لمراقب من مسافة بعيدة.
وباستخدام التوضيح الشهير "أليس وبوب"، افترض الفيزيائي أنه إذا وقف بوب ساكنا بينما تقفز أليس نحو الثقب الأسود، فإن بوب سيشاهد صورة أليس تتباطأ شيئا فشيئا إلى أن تصبح جامدة بشكل كامل قبل الوصول إلى "نصف قطر شفارتزشيلد".
وعلى الرغم من أهمية هذه النظرية، إلا أنه لم يكن يوجد في ذلك الوقت جسم معروف بذلك الحجم، أو أي شيء شبيه بالثقب الأسود، لذلك لم يصدق أحد أن هناك شيئا مشابها للنجوم السوداء التي افترض ميشيل وجودها.
وفي الواقع، لم يجرؤ أحد على دراسة هذه الفرضية بشكل جدي، حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية.
وأشار الموقع إلى أن نشر أول ورقة أكاديمية حول الثقوب السوداء تزامن مع اندلاع الحرب العالمية الثانية.
ويعتبر المقال الذي نشره عالما الفيزياء الأمريكيين، روبرت أوبنهايمر وهارتلاند سنايدر، بعنوان "انكماش الجاذبية المستمر"، نقطة في غاية الأهمية في تاريخ دراسة الثقوب السوداء، إذ تنبأ كلا العالمين بالانكماش المستمر للنجم تحت تأثير حقل الجاذبية الخاص به، مما يتسبب في إنشاء جسم يحتوي على قوة جذب شديدة لا يستطيع حتى الضوء اختراقها.
وكانت هذه هي النسخة الأولى من المفهوم الحديث للثقب الأسود، الذي بات يُعرف على أنه جسم فلكي ضخم كثيف لا يمكن اكتشافه إلا عن طريق جاذبيته.
وبين الموقع أن الحرب العالمية الثانية لعبت دورا حاسما في تطوير هذه الفكرة، حيث عملت الحكومة الأمريكية على الاستثمار في الأبحاث المتعلقة بالقنابل النووية.
وقد أصبح أوبنهايمر بعد ذلك مدير مشروع مانهاتن، وهو مركز الأبحاث الذي عمل على تطوير الأسلحة النووية خلال الحرب العالمية الثانية.
اقرأ أيضا : هذا ما اكتشفته "ناسا" على سطح كوكب سيريس
وقد شهدت تلك الفترة سباقا واسع النطاق للاستثمار في الأبحاث الثورية المرتبطة بالحرب في مجال الفيزياء النووية وتطوير تكنولوجيات جديدة.
وقد كرس الفيزيائيون جهودهم، على اختلاف اختصاصاتهم، لإجراء هذه الأبحاث مما أدى إلى إهمال مجالات علم الكون والفيزياء الفلكية، بما في ذلك ورقة أوبنهايمر البحثية.
وأوضح الموقع أنه بحلول نهاية الحرب، تجددت الأبحاث المتعلقة بدراسة الكون، حيث شهدت نظرية النسبية العامة نهضة بعد أن تم الاستهانة بها في السابق. وساهمت الحرب في تغيير طريقة التعامل مع الفيزياء.
وفي نهاية المطاف، أعاد العلماء التركيز على مجالات علمية مهمة، على غرار علم الكون ونظرية النسبية العامة. وكان هذا أمرا أساسيا لقبول فكرة الثقوب السوداء وفهمها.
وذكر الموقع أن عالم الفيزياء النووي جون ويلر، صاحب تسمية "الثقب الأسود"، عمل على نظرية النسبية العامة وأعاد تحليل ما توصل إليه أوبنهايمر.
وعلى الرغم من أنه كان متشككا في البداية، إلا أن تأثير النسبية والتطورات الجديدة في محاكاة الحوسبة وتقنية الراديو، التي تطورت خلال الحرب، ساهمت في جعله فيما بعد من أعظم المتحمسين لما تنبأ به أوبنهايمر يوم اندلاع الحرب في غرة أيلول/ سبتمبر من سنة 1939.
ومنذ ذلك الحين، تم وضع نظريات واكتشاف خصائص وأنواع جديدة من الثقوب السوداء، لتبلغ الأبحاث ذروتها سنة 2015.
ويعتبر التوصل إلى طريقة لقياس موجات الجاذبية التي تنشأ في النظام الثنائي الموجود في الثقب الأسود، أول دليل ملموس على وجود الثقوب السوداء في الفضاء.