هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن قائلا: "أستطيع إصلاح (النظام) وحدي"، يقف اليوم وحيدا وسط نظام محطم.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الأيام الماضية شهدت سلسلة من الأحداث: الإغلاق الحكومي، والفضائح المتزايدة، وهبوط حاد في الأسواق المالية، وسحب مفاجئ للقوات، واستقالة وزيره دفاعه المهمش، لافتا إلى أن هذه كلها تعطي صورة عن رئاسة في خطر الخروج عن السيطرة.
وتقول الصحيفة إن "ترامب في منتصف ولايته يبدو واثقا من أحكامه، ويقضي وقتا طويلا أمام التلفزيون عندما يعود إلى مقر إقامته؛ خوفا من أن يكون مراقبا بشدة".
ويجد التقرير أنه مع عزل ترامب مستشاريه بمعدلات سريعة فإنه يقوم بالاتصال مع أصدقائه السابقين، ويشكو إليهم أن لا أحد كان معه منذ البداية.
وتنقل الصحيفة عن المستشارين، قولهم إن ترامب استنفذته التحقيقات المتعددة، التي أسقطت محاميه الخاص ورئيس حملته للرئاسة ومستشاره للأمن القومي ومؤسسة العائلة الخيرية، مشيرة إلى أنه يعبر عن السخط من الأعداء الذين كانوا ذات مرة أصدقاء، ويشعر بحس عميق من الخيانة والمظلومية عندما يتحولون ضده.
ويورد التقرير نقلا عن ترامب، قوله وهو يستعرض فيضانا من العناوين الإخبارية: "هل تصدق هذا.. أقوم بعمل عظيم، لكنها حرب يومية"، وسأل مساعديه: "لماذا؟"، فرد هؤلاء الذين يعتقدون أنه عومل بطريقة غير جيدة من وسائل الإعلام بالقول إن الصحافيين غاضبون لفوزه وإثباته خطأ توقعاتهم، ويهز رأسه موافقا على هذا الشرح، ويقول في الوقت الذي ينفث فيه غضبه معتقدا أن لا أحد يقدر ما يقوم بعمله: "انظر ماذا فعلت مع المكسيك وكندا.. انظر ماذا فعلت مع الإرهاب".
وتكشف المقابلات التي أجرتها الصحيفة مع 30 من الموظفين الحاليين والسابقين والأصدقاء والحلفاء السياسيين والمساعدين في الكونغرس، صورة عن رئيس يحب العربدة في التقلبات الحادة، ويشعر بالحرية للتخلي عن الحلفاء التاريخيين، وإدارة فريق يتسم بالفوضى والاضطراب، في وقت يتبع فيه حدسه الشخصي، مشيرة إلى أن البيت الأبيض رفض الرد على المطالب من الصحيفة للتعليق.
ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس البحث عن طرق للإمام، فإن طريقه قد يصبح أكثر خطورة، خاصة أن الأحداث الصاخبة التي شهدها عاماه الأولان من الحكم أهدأ مما ينتظره في قادم الأيام، فبعد اسبوعين سيبدأ مجلس النواب بقيادة النائبة الديمقراطية عن كاليفورنيا نانسي بيلوسي، المسلحة باستدعاءات قضائية وسلطات للتحقيق في عائلة وتعاملات وحملة ترامب الرئاسية وفي إدارته.
وتذكر الصحيفة أن ترامب سيواجه في مرحلة ما سيتوصل إليه المحقق الخاص روبرت مولر، الذي يحقق في دور الروس في الحملة الرئاسية لترامب، لافتة إلى أن بيلوسي قد تتعرض في مرحلة ما لضغوط من قاعدتها الليبرالية لمحاكمة الرئيس، فيما ينقسم الجمهوريون حول ما فعله الرئيس، وإن كان جريمة كبيرة أم جنحة، حتى لو كانت الجمهوريون لديهم الأصوات الكافية التي تمنع عزله.
ويفيد التقرير بأنه وسط هذا كله فإن الرئيس سيواجه عجزا في الميزانية وبطئا في النمو الاقتصادي الذي سيقلل من الدعم له، خاصة أن النقطة الرئيسية التي يتفاخر فيها أمام الأمريكيين هي عافية الاقتصاد.
وتنقل الصحيفة عن مايكل ستيل، المستشار للجمهوريين مثل بول ريان وجون إي بوينر، قوله: "لا شيء سيواجهه في العامين المقبلين يشبه التحديات التي واجهها في العامين السابقين"، ولا يستبعد المستشار أن تكون الأمور أسوأ للرئيس في ظل استقالات المساعدين وشعورهم بمحاصرته والملاحقات القانونية.
وبحسب التقرير، فإن ترامب استطاع بشعبية متدنية (38% حسب استطلاع غالوب) تسيد النقاش الوطني، وإقناع قاعدته الانتخابية بأنه محارب يخوض حربا ضد النخبة الراضية عن نفسها وتنظر بدونية للأمريكيين، مشيرا إلى أنه مصر في هذه الحالة على المضي في مشروعه الأهم الذي أضحى علامته الخاص، أي بناء الجدار مع المكسيك رغم المعوقات التي تواجهه، فعدم تنفيذه سيجعله غير صادق أمام قاعدته التي عادة ما تشير إلى الجدار.
وتقول الصحيفة إنه "نتيجة لهذا فإن الحرب الحزبية هي ما يريدها لتحقيق أهدافه، وأخبر أحد مساعديه أنه مسرور لفوز الديمقراطيين بمجلس النواب؛ لأنه يضمن فوزه بولاية ثانية، وسيكون الديمقراطيون في مجلس النواب الخصم المفيد له، وربما كان هذا نوعا من التبجح، إلا أن التاريخ يقدم بعض الأمثلة المفيدة في حالة كل من بيل كلينتون وباراك أوباما، الديمقراطيين اللذين واجها نكسات كبيرة في الانتخابات النصفية، لكنهما فازا في ولاية ثانية".
ويورد التقرير نقلا عن المدير السابق للشؤون القانونية بول شورت، قوله: "من العدل القول إن نانسي بيلوسي جيدة كونها غطاء أفضل من بول ريان.. هذا جيد للحزب وللوحدة، والحقيقة أن الديمقراطيين قد يبالغون في تصرفاتهم".
وتفيد الصحيفة بأن الفريقين يتحدثان عن التعاون في قضايا مثل إعادة بناء شبكة الطرق المتداعية والجسور والبنى التحتية الأخرى، وكشفت الأيام الأخيرة عن تعاون في إعادة إصلاح النظام الجنائي، مشيرة إلى أن لدى ترامب آمال في دعم الفريقين للاتفاقية مع كندا والمكسيك، لكن الديمقراطيين يقولون إنهم لا يريدون عقد صفقة مع ترامب، وبأنه يجب عليه التوقف بأي ثمن لأنه خطير.
وينوه التقرير إلى أن ترامب يواجه معركة مع أعضاء حزبه الذين عارضوا سحب القوات من سوريا وأفغانستان، وعنفوه لأنه لم يشجب قتل الصحافي جمال خاشقجي، حيث أصدر الكونغرس قرارا يحمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المسؤولية، وآخر يدعو لوقف الدعم الأمريكي للحرب في اليمن.
وتبين الصحيفة أن استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس أدت إلى هزة داخل الجمهوريين، بالإضافة إلى أن تراجع ترامب عن وعوده بالإبقاء على مؤسسات الدولة عاملة دون ميزانية الجدار، أدى إلى حالة من الغضب داخل دوائر الجمهوريين.
ويشير التقرير إلى أن نزاعات ترامب تغطي على الإنجازات التي يحققها، فخلافه مع الكونغرس حول ميزانية الجدار غطى على إصلاحات النظام الجنائي، وخروجه المتعجل من سوريا غطى على الإنجازات ضد الإرهاب، وحديثه عن قوافل المهاجرين في أثناء الانتخابات النصفية غطى على إنجازه الاقتصادي.
وتنقل الصحيفة عن خبير الاستطلاعات الجمهوري ديفيد وينستون، قوله: "عندما نتحدث عن الاقتصاد فإنه حصل على ردة فعل إيجابية"، مع أنه في النقاط الأخرى لم يحصل على موافقة شعبية، و"السؤال هو هل يعالج الضعف أم القوة؟".
ويلفت التقرير إلى أنه عادة ما يتسم بالتهور، ويعتقد أنه يستطيع القيام بعمله دون مساعديه، فهو يعمل الآن مكان المستشار الثالث للأمن القومي، والمدير الثالث لطاقمه، ومسؤول الاتصالات السادس، ووزير العدل والخارجية والدفاع الثاني، مشيرا إلى أن بعض المسؤولين تركوا وظائفهم وسط اتهامات بالفساد، بمن فيهم وزير الصحة والخدمات الاجتماعية ومدير وكالة حماية البيئة، فيما ترك آخرون بسبب صدام معه، مثل ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، ومستشاره للأمن القومي أتش آر ماكماستر، ومدير طاقمه جون كيلي.
وتورد الصحيفة نقلا عن مساعد وزير الخارجية السابق ستيف غولدستين، قوله إن "ريكس تيلرسون وجيمس ماتيس من أفضل من عملوا في الحكومة.. كانا قريبين، وعملا بجد من أجل مصلحة البلد، وكان هذا يعني الصراحة القاتلة مع رجال البيت الأبيض".
ويستدرك التقرير بأن فرد فليتز، الذي عمل ستة أشهر مديرا لطاقم مستشار الأمن القومي جون بولتون، يرى أن فريقا متماسكا يناسب الرئيس، بدلا من آخر يحاول إضعافه، وقال إن "ترامب جاء بصفته شخصا خارجا عن النظام، ومارس سياسات غير تقيلدية، وحاول أخرى لم تنجح، وواحدة منها جلب شخصيات لا تعمل مثل تيلرسون وماكماستر".
وتنقل الصحيفة عن تيلرسون، قوله في محاضرة، إن ترامب عادة ما يدفع لأعمال تتجاوز صلاحياته، ويغضب عندما يقال له إنه ليست لديه صلاحية، ويتذمر عندما يرى قادة ديكتاتوريين، مثل شي جينبنغ، لا يحتاجون للتعامل مع وزارة الخزانة بالطريقة ذاتها التي يواجه فيها قيودا للتعامل مع وزارة خزانته.
وينوه التقرير إلى أن ترامب أخبر مساعديه في لقاء إن كان يستطيع عزل مدير الاحتياط الأمريكي جيروم باول، قائلا لهم إنه قد يحوله إلى هوفر، في إشارة إلى سنوات الركود الاقتصادي بداية القرن الماضي.
وتقول الصحيفة: "قد يكون صعبا مع العاملين معه، ويلعنهم، وحتى مزاحه يصبح وقحا، وعندما عاد المستشار الاقتصادي لاري كدلوا بعد جلطة قلبية، فإنه قال له أمام زملائه: (لاري أنت هناك مدة ستة أسابيع وأصابتك جلطة قلبية)".
وينقل التقرير عن الرئيس، قوله قبل فترة لزملائه إن الجميع تخلى عنه بالكامل، ويشمل هذا صهره جارد كوشنر، الذي دفع باتجاه الإصلاح الجنائي، فيما يقول المقربون من الرئيس إن علاقاته مع أبنائه قوية، حيث يشعر أن لا أصدقاء له في البيت الأبيض، وهو يختلف مع كوشنر وإيفانكا، لكنه لا يستطيع رد طلبهما ويترك الأمر إلى كيلي.
وتقول الصحيفة إن "حس العزلة بدا من قلة لقائه مع أصدقائه، وظهر في حفلات هذا الشهرلدقائق وأخذ بعض الصور مع بعض الأشخاص، واختفى في غرفته في الأعلى، ويقضي معظم العطلات الأسبوعية وحيدا حتى عودة ميلانيا من فلوريدا، ولا يزال الرئيس ينظر للرئاسة من منظور مقدم التلفزيون".
ويورد التقرير نقلا عن مساعديه، قولهم إنه يريد ألعابا نارية على جبل رشمور، وأصر في ليلة الانتخابات النصفية على حفلة باذخة في الغرفة الشرقية، وعندما قيل له إنها ستكون متناقضة، خاصة أن الحزب قد يخسر، فإنه أصر على الحفلة.
وبحسب الصحيفة، فإن مشاهدة ترامب اليومية للتلفزيون زادت بشكل كبير، حيث بات يعقد أول لقاء في التاسعة والنصف صباحا بدلا من التاسعة كما حدده رينيس بريبوس، أول رئيس طاقم له، وفي أثناء الفترة التنفيذية يشاهد ترامب التلفزيون لعدة ساعات في مقر إقامته، ويتفاعل مع ما يراه على "فوكس نيوز".
ويفيد التقرير بأن من الأخبار الأخيرة التي كانت قاتمة وأغضبته الحكم على محاميه السابق مايكل كوهين، الذي هاجمه بعد اعترافه بدفع أموال لامرأتين أقام ترامب علاقة معهما.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الرئيس يشعر بالقلق من المحاكمة، ولكنه لا يعبر عن هذا صراحة، بل يغلف ذلك بالهجوم على الإعلام وما ينتظره.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)