هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمديرة التنفيذية لمركز الأمن الأمريكي الجديد، والمساعدة السابقة لوزير الخارجية لشؤون أوروبا ويوروشيا فيكتوريا نولاند، تعلق فيه على قرار الرئيس دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا.
وتقول نولاند في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إن "هذا القرار منح رئيس النظام السوري بشار الأسد وتنظيم الدولة والكرملين وطهران هدية عام جديد لا تقدر بثمن، فضمن هذا القرار تخريب الإنجازات العسكرية هناك كلها، والقضاء على أوراق النفوذ كلها التي ربما كانت في يد وزير الخارجية مايك بومبيو والمبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري لتحقيق تسوية سياسية في سوريا، تسوية تخدم أهداف الإدارة الأمريكية، وتحد من عودة تنظيم الدولة، وتقلل تأثير إيران".
وتجد الكاتبة أن ترامب وقع في المصيدة ذاتها التي وقع بها الرئيس باراك أوباما عندما انسحب من العراق عام 2011، مؤكدة أن "قرار ترامب يعني تدهور الأوضاع الأمنية مع عودة تنظيم الدولة، واستقواء إيران، وهو ما سيدفع أمريكا للعودة إلى سوريا لكن بكلفة عسكرية أكبر، وفي ظروف أخطر مما لو بقيت القوات في سوريا".
وترى نولاند أن "كل شيء في هذا القرار الزئبقي من الرئيس يهدد مصالح الأمن القومي كما يفهمها ترامب؛ لأن تنظيم الدولة لم يهزم، فقبل ستة أشهر قدرت البنتاغون عدد المقاتلين له في سوريا والعراق بما بين 20 ألف مقاتل إلى 30 ألفا، فالتنظيم وإن خسر مواقعه وأراضيه إلا أن المقاتلين يختبئون في المناطق البعيدة عن السلطة المركزية في الشرق وفي أحياء إدلب، وعندما تخرج القوات الأمريكية سيقوم التنظيم باتخاذ ثلاث خطوات: إعلان النصر على القوات الأمريكية الكافرة، وشحن بطارية التجنيد في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وضخ مقاتلين جدد إلى شرق سوريا، وسيخرج من مخابئه لاستعادة مناطق شرق سوريا من قوات سوريا الديمقراطية التي دعمتها الولايات المتحدة".
وتبين الكاتبة أن "إيران ستستفيد من هذا القرار، حيث ستتقدم للمناطق التي ستتركها الولايات المتحدة، وقد تأمر طهران مقاتليها ومن حزب الله، الموجودين في الجنوب والغرب، للتحرك نحو الشرق، فقبل ثلاثة أشهر كان مستشار الأمن القومي جون بولتون يتحدث عن بقاء أمريكي طويل حتى تخرج القوات الإيرانية والموالية لها، إلا أن الرئيس دعا وبتغريدة يوم الاربعاء لتعميق وجودها العسكري والاقتصادي والسياسي على قطعة مهمة من الشرق الأوسط، وستسيطر إيران على مناطق النفط في دير الزور، بشكل يسمح لها بتمويل السيطرة على الأراضي".
وتشير نولاند إلى أن "موسكو ستستفيد أيضا، فبعد سنوات من التظاهر بالتفاوض على حل سياسي مع واشنطن للأزمة، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتجاهل أي محاولات من مبعوثي ترامب؛ لأن واشنطن لا تملك قوات عسكرية على الأرض، وسيواصل الكرملين دعمه للأسد وتوطيد سيطرته على سوريا كلها حتى 2021، وتنظيم انتخابات لرئيس جديد، ولن تقوم موسكو بتوسيع وجودها في سوريا فقط، بل ستعمل أيضا على تقديم دعم تكتيكي للقوات الإيرانية على الأرض، وهي التي تقوم الآن بأعمال الأمن في غرب سوريا، وقد تسمح لطهران بتقسيم الغنيمة من دير الزور وربما حصلت على الغنيمة كلها".
وتؤكد الكاتبة أن "تنظيم الدولة سيقاتل الوحدات التركية، ما يعني دوامة جديدة من الدم، فيما ستواصل إيران شحناتها العسكرية عبر سوريا، ما سيدخل إسرائيل وطيرانها العسكري، وعند هذه النقطة ستتظاهر روسيا بأنها وسيط السلام القادر على صناعة صفقات مع إسرائيل والأردن وتركيا، وفي هذه الخطوة يكون بوتين قد حقق حلمه بإعادة الهيمنة الروسية على الشرق الأوسط، حتى يعود تنظيم الدولة".
وتعلق نولاند قائلة إن "الدبلوماسية الأمريكية ماتت بطريقة حزينة من خلال تغريدة، وسيجد جيفري نفسه أمام معضلة جديدة بعدما حققه من نجاحات، مثل تخفيض التوتر في إدلب، ومحاولة الدفع بخطة أمريكية لكتابة الدستور، ولو خرجت القوات الأمريكية فلن يستمع حلفاء أمريكا له؛ لأنهم سيكونون مشغولين بالدفاع عن أنفسهم ضد إيران وتنظيم الدولة".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "قبل بضعة آلاف تغريدة انتقد ترامب سلفه على قرار سحب القوات من العراق عام 2011، وعودته في عام 2014، ونشرت الولايات المتحدة في العراق 5200 جندي بكلفة يومية تقدر بـ13.6 مليون دولار، وكان يجب أن ينظر لألفي جندي في سوريا على أنهم ورقة ضمان من كلفة أسوأ لسوريا والعالم وميزان القوة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)