هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في مؤتمر صحفي في روما يوم الأربعاء الماضي، قالت اليساندرا
باليريني، محامية الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي قتل في مصر: "أجد صعوبة
في تصديق أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لم يكن على علم بما كان يجري
لجيوليو ريجيني، ومن المستحيل أنه لم يكن يعرف أي شيء عن الجريمة.
وأضافت باليريني: "قائمة من 20 مشتبها، بالإضافة إلى القائمة
السابقة من ضباط المخابرات، تم تجميعها على مدار تحقيق قمت به مع فريق قانوني في
مصر، استمر قرابة ثلاث سنوات، ما يجعل حتمية توجيه التهمة للسيسي مسألة وقت".
وكأن
إيطاليا تستنسخ سيناريو الصحفي السعودي المغدور في قنصلية بلاده في إسطنبول، جمال
خاشقجي، وهو السيناريو الأدق قانونا، حيث إن القاعدة العدلية المعروفة في الفقه
الدولي تقول بـ"مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه"، وهو ما يعني أن كلا من
ولي العهد ورأس النظام في مصر مسؤول عما حدث للصحفيين السعودي والإيطالي.
الفرق
بين الصحفي الإيطالي ونظيره السعودي أن الأول عثر على جثته في 4 شباط/ فبراير
2016. أما الثاني فلأن من قام بقتله محترفون، فقد أذابوا جثته في الأحماض
لإخفائها. ولأن إيطاليا بلد حر، ومنظمات المجتمع المدني فيها راسخة، فإن محاولات
النظام المصري لرشوة الحكومة الإيطالية بعقود تنقيب عن الغاز في الصحراء الغربية
في مصر لشركة النفط الإيطالية إيني لن تجدي نفعا، فلم يستطع أحد أن يخرس أصحاب
الحق والأحرار المساندين لهم، فقال والد ريجيني في المؤتمر الصحفي الذي عقده منذ
أسابيع: "نحن لا نستسلم. يجب أن تعرف مصر أننا لن نستسلم. مصر تهدد علاقتها
بإيطاليا لأنه في مصر خطف صحفي إيطالي وتعرض للتعذيب والقتل -كما قال رئيس مجلس
النواب الإيطالي روبرتو فيكو- وسنستمر في تعريض علاقتنا مع مصر للخطر حتى نكتشف
الحقيقة أخيرا".
ولأن
الحق لا يضيع طالما وراءه مطالب، فلقد وضع المدعون العامون في روما خمسة أعضاء من
جهاز الأمن الوطني المصري قيد التحقيق رسميا كمشتبه بهم في الجريمة، ولقد سموهم بالاسم وهم
اللواء صابر طارق، والرائد شريف مجدي عبد العال، والعقيد أيسر كمال، والنقيب هشام
حلمي، فضلا عن الضابط محمود نجم في الأمن
العام.
إن
اتهام إيطاليا بتورط جهاز الأمن الوطني في اغتيال ريجيني؛ يعطي بعض المؤشرات على
السبب في كون العاملين في مجال المعلومات والصحافة والإعلام هدفا للدول البوليسية،
سواء في مصر تحت حكم العسكر أو في السعودية. وعلى طريقة السعودية في المماطلة،
رفضت وزارة خارجية النظام المصري التعاون مع الجهات الإيطالية في الكشف عن
المتهمين الرئيسيين في الجريمة، رغم الطلبات المتكررة من إيطاليا.
وكرد
طبيعي لبرلمان منتخب يعمل لصالح مواطنيه دون النظر إلى المصالح الضيقة والمنافع
الآنية، فقد علق البرلمان الإيطالي العلاقات مع النظام المصري بعد تقارير أولية عن
قائمة المشتبه بهم. وفي المقابل، يستمر النظام المصري في تقديم الرشى، ويفتح
أسواقه أمام السلاح الإيطالي في معرض "Edex" الذي عقد في القاهرة. لكن السؤال الذي يعد مفتاحا لسير الأمور في
الأيام القادمة، والإجابة عليه بالتالي ستحدد عمر النظام المصري الهمجي الذي يظن
أن العالم كله سيغض الطرف عن جرائمه: إلى متى سيستطيع النظام المصري تقديم الرشى
للحكومة الإيطالية؟
الإجابة
في الغالب لدى كل من تركيا وقطر والديمقراطيين في أمريكا وأحرار العالم، الواقفين
لكشف الفاعل الحقيقي في جريمة الصحفي السعودي، فمعاقبة القاتل الحقيقي الذي أمر
بقتل خاشقجي سيسقط النظام المصري الذي يتلقى حماية ورعاية هذا القاتل.