هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا تزال السياحة في مصر تتعافى ببطء من آثار وقف روسيا الرحلات السياحية إلى المنتجعات على شواطئ البحر الأحمر في مدينتي شرم الشيخ والغردقة في خريف 2015، عقب سقوط طائرة ركاب روسية في صحراء سيناء، ومصرع ركابها وطاقمها، وهو ما اعتبر عملا إرهابيا.
وقال خبراء في السياحة وسياسيون لـ"عربي21" إن السياح الروس يعدون بمثابة عامود السياحة في مصر، وإن فشل محاولات رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، في إقناع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بعودة حركة الطيران المباشرة بين البلدين، يجعل الوضع كما هو عليه.
وكانت وسائل إعلام مصرية ذكرت أن السيسي سوف يثير قضية عودة الرحلات السياحية بين البلدين خلال لقائه به في منتجع سوتشي، الأسبوع الماضي، في زيارة استغرقت 3 أيام، دون الحصول على وعد أو موعد حتى بعودتها.
حجم السياحة الروسية
وبلغ عدد السياح الروس في مصر عام 2014 نحو 3.1 مليون شخص، إلا أن عام 2016 كان بمثابة الكارثة على قطاع السياحة، حيث شهد توقف الحركة السياحية بين البلدين. وفى عام 2017، بلغ عدد السياح الروس 100 ألف سائح فقط.
وحققت السياحة الروسية 2.5 مليار دولار إيرادات لمصر من أصل 7.4 مليار دولار حققها قطاع السياحة عام 2015، بنسبة 33.8% من إجمالي إيرادات السياحة.
الروس رمانة الميزان
الخبير السياحي، صاحب إحدى شركات السياحة بمصر، علاء الغامري، أكد لـ"عربي21" أن "وجود السياح الروس في مصر مؤثر؛ حيث يتراوح عددهم بين مليونين ونصف المليون إلى ثلاثة ملايين سائح سنويا، لكن هذا العام أفضل من العام السابق، إذ ارتفعت نسب الإشغال في بعض المناطق إلى 80 بالمئة، على الرغم من تأخر ُدرة السياحة الشاطئية بمصر شرم الشيخ، بالإضافة إلى الأقصر وأسوان".
وقلل من أثر وعود السيسي دون قرار من بوتين بعودة السياحة بين البلدين، قائلا: "أتوقع عودة السياح الروس قريبا، رغم كل شيء، فهناك لجنة قادمة من روسيا لوضع الخطوط النهائية، ومن المتوقع عودتهم لمصر".
وبشأن أهمية السياح الروس لمصر، أوضح أن "السياحة الروسية تعمل على رفع معدلات الإشغال في الفنادق، وملء الأماكن الشاغرة، وهذا في حد ذاته جيد، ويصاحبها مشتريات"، معربا عن تطلعه بأن "تقوم وزارة السياحة بدور أكبر في التنشيط والدعاية للسياحة، خاصة أن هناك حربا سياسية على مصر لمنع عودة السياحة، وضغوطا خارجية تمارس علينا في هذا الأمر"، على حد قوله.
السياسة تتحكم
وقال مستشار غرفة شركات السياحة بالأقصر، ثروت عجمي، لـ"عربي21": "بالرغم من تحسن أوضاع السياحة هذا العام أفضل، لكنه يبقى أقل بكثير من 2010، وبحاجة إلى وقت للوصول له"، مشيرا إلى أن "السياحة الروسية تتركز في منتجعات البحر الأحمر، مثل شرم الشيخ والغردقة، أما بالنسبة للأقصر وأسوان، فهما من نصيب السياح الغربيين الذين يهتمون بالسياحة الثقافية أكثر من السياحة الشاطئية".
وأرجع أهمية السياحة الروسية في مصر إلى "تشغيل أكبر عدد ممكن من العاملين في السياحة؛ لأنهم يشكلون نسبة كبيرة من السياح القادمين إلى مصر، ويفضلون الشواطئ المصرية على غيرها".
ورأى أن عدم عودة السيسي بقرار من بوتين أو وعد بعودة السياح الروس "سببه أمور سياسية بالدرجة الأولى، وبحاجة إلى وقت لحلها".
وأنحى عجمي باللائمة في تردي قطاع السياحة في مصر على "أداء وزير السياحة السابق، الذي اتسم بالضعف الشديد، وقلة الخبرة، حيث لم يقدم أي حلول لتنشيط السياحة، ما أدى إلى تأخر عودة السياحة إلى أقصر وأسوان، لكنها بدأت في التعافي بسبب الاستقرار الأمني".
ورقة بوتين
على الصعيد السياسي، يرى الكاتب الصحفي عزت النمر أنه "على الرغم من أن مطلب العودة الكاملة للسياحة الروسية لمصر هو مطلب رئيسي، وربما تزداد حاجة مصر له مع الشلل الذي يواجه قطاع السياحة، إلا أنني أعتقد أن تحقيق هذا المطلب بعيد المنال، وأعتقد أنه ما زال أمامه كثير من الوقت حتى تتجاوز آثار سقوط الطائرة الروسية التي لم ينسها الروس بعد، فضلا عن الحوادث المتكررة التي تعرض السياح في مصر مؤخرا".
وفي حديثه لـ"عربي21": أكد أن "الرئيس بوتين يعرف كيف يستخدم السيسي ويعطيه ما يريد هو، لذا تظل زيارات السيسي المتكررة تحقق له وجاهة الحضور الدولي بأكثر ما تنطوي على صفقات اقتصادية مؤثرة، وحتى الحديث عن محاور اقتصادية، فستصب حتما في ميزان الروس، خاصة أن البلدين في حاجة للدعم الاقتصادي وليست مصر وحدها".