هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن أزمة اختفاء الصحفي جمال خاشقجي، التي من شأنها أن تكلف محمد بن سلمان منصبه في ولاية العرش وتخلق أزمة سياسية تهز المملكة العربية السعودية.
وقالت في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه الأزمة كادت أن تعصف بالمملكة العربية السعودية وتتجه بها نحو قطيعة دبلوماسية مع حلفائها، خاصة مع الولايات المتحدة. ويمكن أن تكون قضية خاشقجي النقطة التي تفيض الكأس، حيث تتالت أخطاء ولي العهد منذ بروزه على الساحة السياسية في المملكة، لعل أبرزها غرقه في مستنقع الحرب اليمنية.
وأفادت المجلة بأن مصدر دبلوماسي كشف لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية يوم الخميس، أن لجنة الحكماء في العائلة الحاكمة في السعودية قد اجتمعت في كنف السرية التامة. وتضم هذه اللجنة أكثر أفراد العائلة الملكية تأثيرا، من بين الذين يتولون إدارة السلطة في البلاد. ومنذ أشهر فقط، أضحى محمد بن سلمان الأقرب لخلافة والده على رأس السعودية. ولكن يبدو أن قضية خاشقجي ستعيد خلط الأوراق من جديد.
ونقلت على لسان نائب مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية الفرنسي، ديدييه بيون، وهو أيضا خبير في الشؤون التركية والخليجية، أنه "لا زالت العديد من المعلومات منقوصة للتعرف بالتحديد على حقيقة ما حدث داخل أسوار المملكة".
وأشار الباحث الفرنسي إلى أنه "يمكن للسعودية أن تقوم بإيقاف بعض العناصر وتتهمهم بالضلوع وراء اغتيال الصحافي. ولكن، بفضل العمل الذي قامت به الشرطة التركية، لدينا الآن صورة بيانية واضحة تضم أسماء العناصر المشتبه بهم والذين يمكن أن توجه لهم تهمة اغتيال خاشقجي".
ونوهت المجلة بأن ديدييه بيون كشف أيضا عن "كون هذا الحل قادر على حماية المسؤولين الحقيقيين عن مقتل خاشقجي. وإلى حد هذه اللحظة، تشير التخمينات إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان كان على علم مسبق بما حصل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول".
وأكدت أن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أكد أنه "تحدثت مع ولي العهد السعودي، وقد نفى تماما أي علم مسبق له عما حصل داخل جدران القنصلية في تركيا".
وقالت المجلة إن شبكة "سي أن أن" الأمريكية ذكرت أن السعوديين كانوا يستعدون للاعتراف بوفاة جمال خاشقجي، حيث تتطلع الحكومة السعودية من وراء هذا الاعتراف إلى حماية محمد بن سلمان وإلقاء اللوم على الأجهزة الأمنية السعودية.
وأضاف ديدييه بيون أن "التسجيلات الصوتية وتسجيلات فيديو، التي بين يدي الأتراك، من شأنها أن تدحض الرواية السعودية خصصوا وأن هذه القضية أخذت اهتماما كبيرا أكثر من المتوقع".
وذكرت المجلة أن قضية خاشقجي من شأنها أن تكون النقطة التي أفاضت الكأس. وللتوضيح أكثر، صرح ديدييه بيون أن "تراكم الأخطاء التي اقترفها ولي العهد بما في ذلك حادثة الصحفي والغرق في مستنقع الحرب التي دمرت اليمن منذ سنوات، قد بدأ يزعج عددا من المسؤولين البارزين في السعودية، بما في ذلك العاهل سلمان بن عبد العزيز".
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ سنة تقريبا، فرض ابن سلمان الإقامة الجبرية على قرابة 200 مسؤول يدير دواليب اقتصاد البلاد، من بينهم أفراد من العائلة المالكة.
وبحسب الخبير الفرنسي "يمكن أن تدفع قضية خاشقجي أولئك الذين تم التحفظ عليهم، بأمر مباشر من ولي العهد، إلى الانتقام. مما يعني أن محمد بن سلمان يخاطر بالعودة إلى الوراء في التسلسل الهرمي لاعتلاء السلطة في السعودية".
وأكدت المجلة أنه بحسب ديدييه بيون فإن "علامات توتر العلاقة بين الأب وابنه تبدو واضحة خصوصا فيما يتعلق بملف القضية الفلسطينية الإسرائيلية، حيث يدعم ابن سلمان دائما ترامب وخطته المتعلقة بوضع مدينة القدس. أما العاهل سلمان، فقد أكد في خطاباته خلال عدة مناسبات أن القدس تبقى قضية مقدسة للعالم العربي كافة وللسعودية خاصة. ويشير ذلك إلى أن الأب وابنه متضاربان في تصاريحهما تماما".
وبهدف البحث عن مخرج دبلوماسي لقضية خاشقجي، تدخل العاهل السعودي بنفسه متصلا بالرئيس التركي، ومعبرا له عن امتنانه لقبوله تكوين فريق عمل مشترك تركي سعودي للتحقيق في اختفاء خاشقجي كما طلبت السعودية.
وفي الختام، قالت المجلة إنه خلال هذا الأسبوع، وصل شقيق محمد بن سلمان، خالد بن سلمان، من الولايات المتحدة حيث تم تسميته سفيرا للمملكة. أما في السعودية، يمكن لمجلس الحكماء أن يصدر قرارا لتسمية ولي ولي العهد، وهو منصب ألغاه محمد بن سلمان بعد أن سمي وليا للعهد خلال شهر حزيران/ يونيو من سنة 2017.