أعلن عضو البرلمان
المصري النائب أحمد رفعت إعداد مشروع قانون جديد يتضمن الاستفادة ممن أسماهم "المسجونين غير الخطرين" ليعملوا في مجال
استصلاح الأراضي الصحراوية وزراعتها، بما يساعد على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل التي تحتاجها البلاد.
وبرر رفعت فكرته بأن المسجون الواحد يكلف الدولة أكثر من 3 آلاف جنيه شهريا مقابل الطعام والعلاج والحراسة وغيرها من وسائل الرعاية، وأنه يمكن الاستفادة من السجناء الذين لا يشكلون خطرا على الأمن العام ليتحولوا إلى عناصر منتجة بدلا من أن يكونوا عبئا على الدولة، مؤكدا أنه سيعرض المقترح على مجلس النواب خلال أيام.
معسكرات عمل
وأوضح أحمد رفعت أن هذه التجربة معمول بها في بعض الدول التي تسعى للاستفادة من السجناء أثناء تأديتهم مدة العقوبة المفروضة عليهم والقيام بأعمال إنتاجية بمقابل مادي أو التخفيف من مدة العقوبة مثل الصين، كما أن روسيا استعانت بالسجناء للعمل في إنشاء السكك الحديدية من موسكو إلى الساحل الشرقي عام 1890، مقابل تقليل يومين من مدة عقوبتهم أمام كل يوم عمل.
وأكد أن القانون له أبعاد اقتصادية واجتماعية، كما أن ذلك سيترتب عليه تعمير الصحراء وزيادة الإنتاج الزراعي والحيواني، موضحا أنه يوجد أكثر من 30 ألف مسجون لا يشكلون خطرا على الأمن العام، وليسوا مجرمين بطبيعتهم، ويمكن الاستفادة منهم وتوفير الأموال للدولة.
وأضاف أن القانون يتضمن إقامة "معسكرات عمل" تكون عبارة عن منازل في قرى حديثة وليست سجونا، وتسمح لأهل المسجون بزيارته وحتى الإقامة معه في نطاق العمل.
مقترح مشابه
وفي مقترح مشابه، أعلن رئيس محكمة الاستئناف المستشار سامح عبد الحكم أنه تقدم بمشروع قانون "بدائل العقوبات المقيدة للحرية بالنسبة للقضايا البسيطة" لمجلس النواب، ولفت إلى أن القانون يتناول استبدال عقوبة الحبس بالعمل لصالح الدولة، وذلك بالنسبة لأصحاب الجرائم البسيطة تماشيا مع النظرة العالمية للتقليل من عقوبات الحد من الحريات وكذلك تطبيق معايير الأمم المتحدة لبدائل السجن وتحقيق العدالة التصالحية.
وأضاف عبد الحكم، في تصريحات صحفية، أن مشروع القانون يهدف إلى تحويل عقوبة الحبس قصيرة المدة لبدائل عدة يختار من بينها القاضي ومنها تحويل عقوبة الحبس في قضايا الديون إلى العمل في إطار مشروعات صغيرة ومتوسطة وأن يتم تشغيل المحكوم عليهم بتلك المشروعات وتقسيم قيمة الإنتاج بواقع الثلث لصالح الدولة للتوسع في إقامة مشروعات أخرى من ذات النوع، والثلث الثاني لسداد الدين والثلث الأخير لتحقيق دخل للمحكوم عليه خلال تلك الفترة.
صنع في السجن
وكانت الحكومة المصرية قد وافقت العام الماضي على مشروع قانون لتعديل المادة (20) من قانون العقوبات، وذلك بهدف تحقيق استفادة المحكوم عليهم من نظام إبدال العقوبات البدنية بالتشغيل خارج السجن في إطار التوجه نحو إبدال الأحكام بالعقوبات المقيدة للحرية بأخرى مناسبة تساهم في تقويم سلوك المحكوم عليهم وإعادة دمجهم في المجتمع.
وأنشئ في مصر صندوق للتصنيع والإنتاج بالسجون في عام 1978 لكن مراقبين يقولون إنه على الرغم من وجود مزارع ومصانع تابعة لمصلحة
السجون إلا أن الإنتاج ضئيل للغاية إلى الدرجة التي تجعلنا نقول إن العمل العقابي بمصر غير منتج.
وتطرح وزارة الداخلية منتجات السجون للجماهير بأسعار مخفضة من خلال معارض تقيمها أو عبر منافذ متنقلة تحمل شعار "صنع في السجن"، وتقول إن منتجات السجن أصبح لها سمعة طيبة في الأسواق بمرور الوقت.
أجور هزيلة
الباحث الحقوقي أيمن عبد الحميد قال إنه يجب تعديل الأجر الذي يتقاضاه
المساجين حتى تضمن الدولة نجاح هذه التجربة، مشيرا إلى أن الأجر المقرر بالمادة 11 من لائحة السجون بعد تعديلها عام 2014 هو 7 جنيهات يوميا، وهو بالطبع غير كاف ولا يتناسب مع ارتفاع الأسعار، كما أنه يختلف كثيرا عن الحد الأدنى للأجور في مصر الذي يبلغ 1200 جنيه شهريا أي 40 جنيها يوميا.
وشدد عبد الحميد، في تصريحات لـ
"عربي21" على أنه لا يجوز بنص القانون إجبار المساجين على العمل في هذه المشروعات وبالتالي لا يتوقع أي عاقل أن يقبل المساجين على هذا العمل مقابل هذه الجنيهات القليلة.
الأيدي العاملة ليست المشكلة
من جانبه قال الخبير الاقتصادي أحمد القاضي إن النائب صاحب الاقتراح ينظر للمساجين نفس النظرة التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر ويميل إلى فكرة إجبار المساجين على العمل بالسخرة أو بمقابل زهيد.
وأضاف القاضي، لـ
"عربي21": "غاب عنه أمر هام وهو أنه يمكن بدلا من إجبار المساجين على العمل، وهو أمر مخالف للقانون والدستور، أن يتم منح هذه الأراضي للشباب حديثي التخرج لتشغيلهم والحد من البطالة"، مشيرا إلى أن مشكلة الفجوة الغذائية في مصر ليس سببها نقص اليد العاملة كما يعتقد النائب صاحب مشروع القانون وإنما سببها نقص رؤوس الأموال وضعف الإمكانيات والآلات الحديثة بالإضافة إلى شح المياه الآخذ في التصاعد خلال السنوات الأخيرة.