هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "التايمز" اللندنية افتتاحية أمس الخميس عن المملكة العربية السعودية بعنوان مثير: "مملكة الوحشية".
وقالت الصحيفة إن الإصلاحيين السعوديين سيفقدون مصداقيتهم لو استمر القمع. فعندما أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إصلاحات جذرية في المملكة، وعد بأن تتبنى الدولة ما أطلق عليه "الإسلام المعتدل"، وقضية الإصلاح الاجتماعي.
وكان من أهم القرارات التي حظيت باهتمام الإعلام هو السماح للمرأة بقيادة السيارة، حيث قالت واحدة من النساء اللاتي ذقن طعم الحرية "أشعر أنني حرة مثل العصفور".
وتشير الافتتاحية إلى قضية الناشطة إسراء الغمغام التي لم تتحرر ولم تنتفع من أي تفسير من التفسيرات للقانون الإسلامي، فهي في السجن منذ عامين وتنتظر الحكم عليها من محكمة الدولة للإرهاب.
اقرأ أيضا: احتجاج أمام السفارة السعودية في لندن
ويطالب محامي الادعاء بالإعدام لها مع أربع من الناشطات. ولدى المحكمة سجل في إعدام المعارضين الشيعة، وتقيّد على نحو شديد حقوق المتهمين.
وتقول الصحيفة إن الإعدام سيكون مروّعا، خاصة إن كان بتهمة المشاركة في تظاهرة أو إطلاق الهتافات أو نشر لقطات فيديو للمتظاهرين على وسائل التواصل الاجتماعي. وتضيف: "لو كان ولي العهد يريد إظهار قيادة واثقة مستعدة لتبني الإصلاح، فإن عليه التفكير مرتين قبل إعدام ناقدة عادية"
وتشير الصحيفة إلى أن المشكلة التي تواجه السعودية، هي أن الوريث للعهد السعودي قرر أن الطريقة الوحيدة للإصلاح هي من الأعلى للأسفل. وكان هذا واضحا من الطريقة التي خفف من خلالها القيود على قيادة المرأة للسيارة. فالنساء اللاتي كافحن وطالبن بهذا الحق في السجن، وكأنهن يمثلن تهديدا على المجتمع، مع أن بعضهن أفرج عنهن لاحقا. وكان هذا من أجل منع أي مطلب طموح آخر مثل تغيير مبدأ وصاية الرجل على المرأة، فهذا النظام يجبر المرأة على الحصول على إذن الرجل في كل الأمور الروتينية ويحد من استقلاليتها. وكان اعتقال الناشطة الغمغام ضمن حملة قمع ضد محتجين في مدينة القطيف بالمنطقة الشرقية، التي يعيش فيها تجمع شيعي كبير. واشتكى السكان الشيعة ولسنوات من المعاملة التمييزية والاضطهاد. ويزعم القادة السعوديون أن النشاطات المطالبة بحقوق الإنسان نيابة عن الأقلية الشيعية، هي جزء من محاولات إيران زعزعة استقرار المملكة.
اقرأ أيضا: كندا تجدد مخاوفها بشأن حقوق الإنسان في السعودية
وعلى ما يبدو فما دعا للاحتجاجات لم يكن نشاطات مؤذية من إيران، بقدر ما هي احتجاجات ضد سياسات القمع التي تمارسها قوات الأمن بحق السكان. وتعلق الصحيفة قائلة: "لو أراد ولي العهد أن يكون قائدا للجميع وتحديث المجتمع دون أن يظهر ضعف السعودية أمام أعدائها، فعليه أن يكيف استراتيجيته لاستيعاب مبادرة من الأسفل.
وهو وعد بتحويل السعودية إلى مجتمع رقمي للقرن الحادي والعشرين، لكنه يخشى على ما يبدو من دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر المعارضة".
وأضافت أن هذه التناقضات تثير تشوّش الشركاء الغربيين؛ فعندما انتقدت وزيرة كندية في تغريدة حقوق الإنسان في السعودية، وطالبت بالإفراج عن ناشط وناشطة في مجال حقوق الإنسان طردت السعودية السفير الكندي في الرياض، وطلبت من المبتعثين السعوديين في الجامعات الكندية العودة إلى بلادهم وعلقت مشاريع الاستثمار الجديدة بين البلدين، و"على ما يبدو لا يرتاح ولي العهد للنقد في الداخل والخارج".
وتختم الصحيفة افتتاحيتها بالقول: "عاجلا أم آجلا يستقبل ابن سلمان حقيقة أنه لن يستطيع بناء جدران واستخدام قوانين الأمن القومي ضد ناشطي حقوق الإنسان، ويزعم في الوقت نفسه أنه يحظى بدعم دولي لفتح مجتمعه. فالقيادة القوية تعني الاستماع والتحاور مع الذين يريدون تغيير المملكة إلى الأحسن".