نشر موقع
"
الديمقراطية الآن" حوارا بين المذيعة إيمي غودمان والناقد السياسي نعوم
تشومسكي، المقتطف من برنامج "تقرير الحرب والسلم"، تمحور حول سياسة
الفصل العائلي التي تنتهجها إدارة ترامب والجذور الأمريكية للأزمة التي تعيشها
العديد من الدول حول العالم.
وقال الموقع، في هذا
الحوار الذي ترجمته "
عربي21"، إن الموظفين الاتحاديين صرحوا بأن 711
طفلا مازالوا لحد الآن بعيدين عن ذويهم على الرغم من تجاوز يوم الخميس، وهو الموعد
النهائي الذي فرضته المحكمة لإعادة لم شمل جميع الأطفال المهاجرين الذين فُصلوا
عنوة عن أوليائهم على يد موظفي
الهجرة على الحدود.
وأشارت المقدمة إلى
أنه قد تم ترحيل أكثر من 400 أب وأم إلى أوطانهم مع إبقاء الأطفال في حضانة
الولايات المتحدة، في مرافق منتشرة في جميع أنحاء البلاد. وقد أجرت إيمي غودمان
حوارا مع السياسي العالمي المنشق واللغوي والكاتب نعوم تشومسكي، لمعرفة المزيد عن
سياسة فصل الأسر التي تنتهجها إدارة ترامب، وجذور أزمة
اللاجئين اليوم.
وحسب تشومسكي فإن ما
تقوم به إدارة ترامب بحق اللاجئين وأبنائهم مثل فضيحة كبرى قوبلت باستهجان عالمي،
ففصل الأبناء عن والديهم وإرسالهم إلى مناطق بعيدة، مع تغييب أثرهم، سياسة سادية
وحشية لا يمكن تصورها.
وقد علقت إيمي غودمان
على تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قال فيه: "أخبروا المهاجرين أن
لا يأتوا إلى بلدنا بطريقة غير قانونية، هذا هو الحل..."، قائلة إن السؤال
يكمن في معرفة من قدومه قانوني ومن ليس كذلك. كما تساءلت غودمان عن الدور الذي
لعبته الولايات المتحدة في تكون الأزمة منذ البداية لأن هؤلاء المهاجرين يفرون من
مناطق مثل غواتيمالا وهندوراس والسلفادور، وعن تاريخ التدخل الأمريكي في هذه الدول.
وقال تشومسكي إن هؤلاء
المهاجرين يفرون مما خلفه فشل سياسات الولايات المتحدة الأمريكية من دمار. فعلى
سبيل المثال شهدت غواتيمالا سنة 1954 تدخل الولايات المتحدة ودعمها للانقلاب
العسكري هناك، حيث أطاحت بحكومة إصلاحية منتخبة، لتدخل البلاد في دوامة من الدمار
والخراب، ويقتل الآلاف، إلى جانب ممارسة جميع الأعمال الوحشية وكل أصناف التعذيب.
وذكر تشومسكي أن تلك
الممارسات بلغت ذروتها في ثمانينيات القرن الماضي، خلال فترة حكم ريغان. وقد مورست
في بعض المناطق التي فر منها اللاجئون، التي تعود إلى شعوب المايا، عمليات إبادة
جماعية نفذها الرجل الذي وصفه ريغان بالنجم الممتاز للديمقراطية. وفي الوقت الذي
أراد فيه الكونغرس فرض بعض القيود على المساعدة العسكرية المباشرة للجنرال إفراين
ريوس مونت، الذي دبّر لهجمات الإبادة الجماعية، أنشأ ريغان شبكة إرهابية دولية.
وأوضح تشومسكي أن
الولايات المتحدة الأمريكية لا تنتدب إرهابيين وإنما تستأجر ما أسماه دول الإرهاب،
على غرار تايوان وإسرائيل والأرجنتين، لأن هذا الأسلوب أكثر نجاعة ما دامت تلك
الدول تحت قيادة جنرالات النازية الجديدة. ولسوء الحظ لم يتم الإطاحة بهم إلا في
الأرجنتين، بينما مازال الناس هناك يفرون من الدمار ومسلسل الرعب لم ينته منذ ذلك
الوقت.
وأورد تشومسكي أن
السلفادور مرت بمرحلة مماثلة، حيث قتل 70 ألف شخص خلال الثمانينيات، ناهيك عن أن
غالبية قوات الأمن قد تدربت وتسلحت على يد الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر،
ومازال مسلسل الرعب مستمرا منذ ذلك الوقت، على حد تعبير تشومسكي.
كما سلط تشومسكي الضوء
على الوضع المزري الذي تعيشه هندوراس، التي لم يكن لديها تقاليد عريقة في هجرة
اللاجئين، إلا أن تدفق هؤلاء قد بلغ ذروته بعد أن أطاح انقلاب عسكري بحكومة زيلايا
المنتخبة، وهو ما أدانه العالم باستثناء الرئيس أوباما. فقد رفضت هيلاري كلينتون
وصفه بالانقلاب العسكري، لأن ذلك كان يعني إنهاء المساعدات العسكرية للفئة الحاكمة.
وأفاد تشومسكي بأن
الولايات المتحدة استمرت في تقديم الدعم العسكري، في الوقت الذي كان يمارس فيه
النظام عمليات قمع دموية ووحشية. وقال تشومسكي إن هندوراس أصبحت بفضل التدخل
الأمريكي عاصمة القتل في العالم، وبدأ سكانها يفرون منها.
وأكد تشومسكي أنه لا
يوجد في المنطقة سوى دولتين فقط لم تتدخل
فيهما الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر ولم تشهد تدفقا للاجئين. أولا
كوستاريكا، البلد الوحيد الذي لم تتدخل فيه الولايات المتحدة عسكريا من أجل
الإطاحة بالحكومة وفرض نظام عسكري.
أما البلد الثاني فهو
نيكاراغوا، على الرغم من أنها لم تكن في منأى عن هجمات ريغان خلال الثمانينيات.
وخلافا للبلدان الأخرى التي تكونت فيها جيوش إرهابية، تمتلك نيكاراغوا جيشا يدافع
عنها الذي تمكن من الدفاع عن السكان ضد قوات ريغان الإرهابية إلى حد ما. وعلى
الرغم من وجود الكثير من المشاكل في نيكاراغوا، إلا أنها لم تكن مصدر تدفق
اللاجئين.