هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذرت أنقرة استباقا لأي توجه من النظام السوري، بتكرار سيناريو ما حدث في الغوطة الشرقية ودرعا، في إدلب، مما يعرب عن الخشية التركية من ذلك، ويثير الموقف التركي الحاد تساءلات حول طبيعة ردها وتعاطيها مع أي عملية عسكرية ستتم في المستقبل في المنطقة الشمالية بالقرب من حدودها.
وفي اتصال هاتفي بين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، أكد الأخير، على
عدم سماحه لأي محاولة إعادة سيطرة لإدلب، التي تقع على الحدود السورية التركية.
والتساؤلات تثار حول
سيناريوهات الموقف التركي المتوقع من أي معركة يخوضها النظام لمحاولة إعادة
سيطرته على هذه المنطقة، والتوجهات التركية إزاء ذلك، ومدى قابلية أنقرة لأي تواجد عسكري من
النظام على حدودها، خاصة أن إدلب تحظى باهتمام تركي كبير، قد تسعى لعدم التخلي
عنها كما قال محللون.
رسالة استباقية
فمن جهته، قال
المختص بالشأن التركي الدكتور علي باكير، إن اتصال الرئيس التركي بنظيره الروسي، رسالة
تذكيرية لموسكو، بأن تحقيق الاستقرار في سوريا يتطلب بالضرورة الحفاظ على
التفاهمات التركية الروسية، والمطلوب من روسيا كونها طرف رئيس في اتفاق الأستانا،
الحفاظ عليه.
اقرأ أيضا: حافلات الإجلاء من القنيطرة تصل إدلب والنظام يوسع سيطرته
وتابع في حديثه لـ"عربي21"، بأن أنقرة لديها خشية حقيقية من أن يقوم نظام الأسد بالتمدد عسكريا الى إدلب، ولذلك يحاول المسؤولون الأتراك تفادي إمكانية حصول إشتباك مع الأسد قبل وقوعه من خلال التعويل مجددا على آليات التفاهم القائمة مع روسيا.
من جانبه، قال المختص
بالشأن التركي السوري جلال سلمي، إنه بالتمعن في تصريحات أردوغان، بالتزامن مع
التطورات الدولية الجارية، وبالأخص مؤشرات تقارب أمريكي روسي، يلاحظ أن تركيا تدرك
ضرورة التوصل إلى اتفاق مع روسيا من أجل السماح لقوات النظام بالانتشار في إدلب.
نزوح إلى الداخل
التركي
ورأى سلمي، في حديثه لـ"عربي21"،
أن تركيا لا تعارض سيطرة النظام بالمجمل، بل ترغب في أن يتم التواصل إلى توافق
يضمن مصالحها من خلال تجنب موجات جديدة من اللاجئين بالابقاء على بعض المناطق تحت
سيطرتها المباشرة أو غير المباشرة، تستقر بها المعارضة، ومن خلال تجنب الخسارة الكاملة
في الملف السوري، إذ لا زالت عملية التسوية ليست نهائية.
وفي السياق ذاته، أوضح المختص باكير أن أهمية إدلب بالنسبة لتركيا، تنبع من عوامل عدة: "أهمها أنها تضم حوالي 4
ملايين سوري، وأي هجوم من النظام سينجم عنه نزوح السوريين إلى الداخل التركي، وهو
الأمر الذي لا تريده تركيا، وعزمت على منعه طوال العامين الماضيين".
اقرأ أيضا: أردوغان يهاتف بوتين بشأن إدلب.. هذا ردنا إذا هاجمها النظام
وأضاف أن إدلب منطقة انتشار عسكري تركي، ولذلك، فإن محاولة اقتحامها أو السيطرة عليها من النظام السوري، سيؤدي لاحتكاك ومواجهة مباشرة مع الجيش التركي.
تحريك المعارضة ودعمه
وأشار المختص سلمي إلى أن تركيا دأبت على مواجهة النظام، من خلال المعارضة، أثناء محادثات الأستانا للضغط على روسيا وإيران.
وتابع بأن "تركيا قد تستعين بالمعارضة الهائلة الموالية لها في إدلب، التي تزودها بمعدات عسكرية تغير المعادلة ميدانيا، خاصة أنها تملك إرادة سياسية لتحقيق ما ترنو به، بخلاف الموقف الأردني مع المعارضة في الجنوب".
الابتعاد عن روسيا
ومن خيارات أنقرة دوليا، رأى سلمي، أن تركيا قد تلجأ لتحريك ملفات دولية ضد روسيا وإيران، مضيفا: "فعلى سبيل المثال رفع مستوى دعمها وتعاونها مع الحكومة الأوكرانية، والقوى الرافضة للتواجد الروسي في حوض شرق البحر المتوسط، وتخفيض مستوى العلاقة مع روسيا، بالإضافة للضغط على إيران من خلال الانجرار تجاه تطبيق بعض جوانب العقوبات الأمريكية".
وأوضح أن روسيا بحاجة ماسة لتركيا، في تعويم النظام اقتصاديا ومنها سياسيا، من أجل فتح ملف إعادة الإعمار، كونها تمثل بموقعها الجيواستراتيجي نقطة مهمة لعملية التحركات اللوجستية الخاصة بعملية الإعمار، كما أنها تمثل طريق حيوي للتجارة الدولية التي تسعى روسيا لإحيائها عبر فتح الطريق الواصل بين عنتاب والرمثا الأردنية.
سيناريوهات الانسحاب التركي
وحول خيار تركيا بالانسحاب من إدلب، أوضح سلمي،
بأن لأنقرة أربعة خيارات في ذلك، وتتمثل بالانسحاب التركي الجزئي من إدلب، والإبقاء على الوجود المباشر في بعض
المناطق الحدودية.
اقرأ أيضا: بطاقات هوية لأهالي مدينة الباب السورية بدعم واعتراف تركي
أما الخيار الثاني، وهو ما رجحه المختص، بـ"الانسحاب الكامل حتى المناطق الحدودية التي تُنشئ فيها تركيا قواعد عسكرية كبيرة، والسيطرة غير المباشرة على بعض المناطق المحاذية لأراضيها، من خلال تأسيس مجالس محلية من الفصائل السورية كافة، بما فيها جبهة النصرة، والتوافق مع روسيا بإشراك المجالس بأي تسوية سياسية قادمة، أو اتباع استراتيجية الضرب من أسفل الجدران عبر توظيف عدد من الفصائل "كمنظمات إرهابية" تستهدف النظام، بما هو أشبه لحالة أفغانستان. وفي حال تم خلق هذه "الشوكات الوظيفية" التابعة لتركيا، فإن روسيا ستواجه تحدّ طويل الأمد، هي بغنى عنه".
وأضاف سلمي: "بأن الخيار الثالث، يكمن
بالانسحاب التركي الكامل، والركون إلى الضمانات الروسية ضد أي تحرك كردي، كما تم
في الجنوب، من أجل تجنيب ذاتها أي مسؤولية في الملف السوري".
وتوقع، بخيار "تبادل الأراضي"،
بحيث يتم منح تركيا، أراض شمال شرق سوريا، مثل منطقة تل
الأبيض وبعض مناطق الرقة الأخرى، مقابل انسحابها أو رفع يدها عن إدلب، إلا أن ذلك
لا يجنبها موجات التهجير.