هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شارك مئات الآلاف من المغاربة الأحد بمسيرة في العاصمة بالرباط، طالبوا خلالها بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين وفي مقدمتهم من يعرفون بـ"معتقلي حراك الريف"، فيما حذر المشاركون من "مغبة تجاهل مطالبهم".
وكانت محكمة الاستئناف بمدينة الدارالبيضاء (وسط) أصدرت، في 26 حزيران/ يونيو الماضي، أحكام سجن بحق عدد من قادة ونشطاء الاحتجاجات بالريف تراوحت بين عام واحد و20 عاما.
وشهدت المسيرة التي دعت لها هيئات ومنظمات مدنية وسياسية حضورا قويا لعائلات معتقلي حراك الريف الذين لم تمنعهم المسافة الطويلة والحرارة الشديدة من الحضور والمشاركة القوية في الاحتجاج.
ورفع المحتجون، خلال المسيرة لافتات تستنكر عدم الاستجابة لمطالب "حراك الريف"، خاصة إطلاق سراح المعتقلين من قبيل “الشعب يريد إطلاق سراح المعتقل”، و"الحراك الاجتماعي ليس جريمة".
كما ردد المشاركون في المسيرة، شعارات تطالب بإصدار عفو على جميع المعتقلين على خلفية حراك الريف وباقي الحراكات الاجتماعية الأخرى، كما طالبو بإطلاق سراح الصحفي حميد المهدوي، والصحفي توفيق بوعشرين.
اقرأ أيضا: مسيرة حاشدة بالمغرب لإطلاق سراح نشطاء حراك الريف (شاهد)
وعرفت المسيرة لوحات فنية وتعبيرية و توزيع رسائل تضامنية مع المعتقلين على خلفية الحراك على عموم المشاركين في الاحتجاج من أجل الإمضاء عليها.
وتقول الرسالة التي كتبت باللغة العربية والفرنسية والانجليزية: "نحن الموقعين أسفله من أبناء وبنات الشعب المغربي نوجه لكم رسالة تضامن معكم في قضيتكم العادلة. ونحيي ثباتكم وصمودكم في وجه الاستبداد المخزني. ونؤكد أننا لن نتخلى عنكم، وسنواصل النضال من أجل إطلاق سراحكم، وتحقيق جميع مطالبكم المشروعة".
وشارك في المسيرة، أيضا، عدد من قياديي الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات والهيئات والحركات الإسلامية.
رفع الحصار عن الريف
وفي كلمة له، قال والد قائد حراك الريف" ناصر الزفزافي"، إن الأحكام التي صدرت في حق ابنه وباقي المعتقلين "ظالمة"، معتبرا أن "محاكمة المعتقلين هي محاكمة للمنطقة بأكملها ولتاريخ وقادة الريف الذين صنعوا الملاحم المجيدة"، مطالباً “برفع الحصار العسكري عن الحسيمة ومنطقة الريف" التي صنعت تاريخ العزة والفخر من خلال مقاوميها إبان الاستعمار الإسباني والفرنسي للمغرب.
كما وصف الزفزافي الأب وزراء حاليين في حكومة سعد الدين العثماني وقادة حزبيين بـ"الانفصاليين" لأنهم تجنسوا بجنسيات مزدوجة.
منع المتظاهرين
وعرفت المسيرة إنزالا أمنيا مكثفا تحسبا لأي انفلات أمني، وبحسب المنظمين، فقد تم منع عدد من المواطنين القادمين من عدة مدن مغربية من الدخول إلى الرباط للمشاركة في هذه المسيرة، من طرف الأمن، الأمر الذي دفعهم إلى تنظيم وقفات احتجاجية في مكان توقيفهم.
وقال بيان "لجنة الإشراف عن تنظيم مسيرة 15 يوليوز بالرباط"، توصلت "عربي21" بنسخة منه، إن مواطنين ومواطنات قدموا من مناطق مختلفة من المغرب للمشاركة في المسيرة الشعبية التي تطالب بإطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن الريف، تعرضوا "لمضايقات وتحرشات قصد منعهم من عبور الطرق المؤدية إلى مدينة الرباط".
وأضاف البيان: "أمام هذه الممارسات المنافية للحق في التنقل والتظاهر والتبعير عن الرأي كما تنص عليه القوانين المحلية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، فإننا نستنكر بقوة هذه الممارسات البائدة، ونعبر عن تضامننا مع ضحايا هذه الانتهاكات، ونتشبت بممارسة حقوقنا في التعبير والتظاهر مهما كانت الظروف".
محاكمة الفاسدين أولى
محمد الحمداوي، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، قال في تصريح لـ"عربي21"، إن مسيرة اليوم هي"مسيرة الشعب المغربي قاطبة، خرجوا للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الحراك وإدانة الأحكام الجائرة في حقهم، وللمطالبة برفع الحصار المضروب على منطقة الريف والإقرار بمطالب سكان المنطقة".
وأضاف: "يجب محاكمة وسجن الفاسدين الذين بذروا المال العام ونهبوا ثروات البلد لا أن يحاكم الغيورين على هذا الوطن لأنهم خرجوا ليطالبوا بحق المنطقة في التنمية الأساسية وفي ثروات بلدها"، وفق تعبيره.
وتابع: "عيب وعار أن يحاكم الناس سبب مطالبتهم بحقوقهم"، مشيرا إلى أن "المحاكمة ذات بعد سياسي، ولم تقم على أساس قانوني".
مهزلة قانونية
إحدى المشاركات في المسيرة، استنكرت في تصريح لـ"عربي21"، اعتقال مواطنين خرجوا سلميا لمطالبة بحقوق عادلة "فإذا بهم يحاكمون بهذه الأحكام العجيبة"، مضيفة "هذه مهزلة قانونية نحتج عليها، ونعلن أن الشعب المغربي نضج وسيطالب بحقوقه مهما كلفه الأمر من تضحيات".
الأحكام انتقامية
من جانبه، اعتبر رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، محمد الهايج، الأحكام التي صدرت في حق نشطاء الريف هي "أحكام جائرة وظالمة وتعسفية، الغاية منها إخراس كل صوت يريد أن يطالب بالحقوق سواء كانت حقوقا مدنية وسياسية أو حقوقا اقتصادية واجتماعية وثقافية".
وأوضح الهايج في تصريح لـ"عربي21"، أن هذا الأمر هو "مؤشر سلبي على الحالة التي أصبحت بلادنا عليها، إذ أن هناك نكوصا وردة قوية على جميع الأصعدة، وبالتالي نحن جد منشغلون وقلقون على هذه الوضعيات".
وقال: "بالنسبة إلينا ما جرى في المحاكمة التي خضع لها معتقلو حراك الريف هو في الحقيقة يعيد بنا الذاكرة إلى الماضي، ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".
وأكد "لا يمكننا أن نتقبل هذه الأحكام الخيالية التي صدرت في حق هؤلاء النشطاء، والتي لا يمكن أن ننظر إليها إلا على أنها أحكام انتقامية الغاية منها إعطاء إشارة قوية لكل المواطنين والمواطنات ليلزموا بيوتهم ويغلقوا أفواههم وليطفئوا جذوة أي شرارة يمكن أن تتبعه المطالبة بحقوقهم"، وفق تعبيره.