هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قررت السعودية والكويت والإمارات تقديم حزمة مساعدات مالية للأردن بقيمة 2.5 مليار، وذلك لمساعدته في تخطي أزمته الاقتصادية، والتي كانت سببا رئيسيا إضافة إلى قانون ضربية الدخل في اشتعال احتجاجات شعبية ضد الحكومة.
وجاء هذا القرار في اجتماع رباعي حضره زعماء الدول الأربع عُقد في مكة المكرمة، بعد أن أطاحت الاحتجاجات بحكومة هاني الملقي.
وتباينت آراء المحللين حول ما إذا كانت الرغبة بمساعدة الأردن ناجمة عن أسباب سياسية، وتخوفات من استمرار الاحتجاجات وتخطيها الحدود، فيما اعتبرها البعض ضربة استباقية لمنع المتظاهرين من رفع سقف المطالب، وصولا لإنهاء احتجاجاتهم.
في المقابل نفى رئيس الديوان الملكي الأسبق جواد العناني أن يكون قرار دول الخليج مساعدة الأردن لأسباب سياسية.
وتابع جواد العناني في حديث لـ"عربي21": "يمر الأردن بوضع اقتصادي صعب، من حيث التوفيق بين حاجات الموازنة من ناحية وبين حاجات الناس من ناحية أخرى، وبالتالي كان الأردن مضطرا لإصدار قانون ضريبة الدخل غير المرغوب به شعبيا، حتى يمكنه الحصول على مساعدات وقروض من صندوق النقد الدولي".
وأضاف: "هناك خشية من حدوث إشكالية للأردن إذا لم يحصل على هذا المبلغ، والإخوة في الخليج اقتنعوا بأن الوضع في المملكة صعب وأيضا صندوق النقد الدولي اقتنع بقرار الملك بسحب القانون، لذلك لا يمكن اعتبار الاستجابة الخليجية تتعلق بالسياسة، حيث كان الأردن واضح جدا بأن القضية اقتصادية وليست سياسية".
من جهته اعتبر الخبير الاستراتيجي حسن البراري أن الاستجابة السعودية وقرارها تقديم مساعدات للأردن، جاءت متأخرة، لأن الطرف الخليجي كان يعلم منذ فترة طويلة أن الأردن يمر بمرحلة اقتصادية صعبة.
وتابع حسن البراري في حديث لـ"عربي21": "استجابة دول الخليج وقرارها تقديم مساعدات للأردن، جاءت فقط حين أصبح الحراك الشعبي الأردني يهدد الاستقرار في المنطقة والأردن".
وأردف: "هم تحركوا ليس خشية على الأردن؛ بل خشية من مآلات هذا الحراك، فلو تطور هذا الحراك على شكل مطالب بإصلاحات سياسية طموحة وحقيقية مثل الملكية الدستورية وتمكين الشعب، فإن هذا يعني أن الأردن سيطرح نموذجا جديدا لا يمكن لدول الخليج التعامل معه، فهذا الأمر سيؤدي لطرح أسئلة على السعودية لن تستطيع تقديم إجابة عليها".
الخوف من العدوى
وحول خشية الرياض من انتقال عدوى الاحتجاجات للسعودية يجيب جواد العناني بالقول: "دول الخليج وأغلب الدول العربية لا ترغب بالعودة لصفحة الربيع العربي، فالاحتجاجات يبدأها الشباب بنوايا حسنة ومن ثم يتولاها آخرون، لذلك هم استباقا لاحتمالية حدوث هذا الأمر سيحاولون تحسين وتهدئة الوضع الاقتصادي في الأردن".
بدوره اعتبر حسن البراري أن تحرك السعودية لمساعدة الأردن جاء خوفا من مآلات الحراك الشعبي الأردني، وليس خشية على الأردن.
وتابع: "السعودية التي قادت الثورة المضادة في مصر، هي ضد أي إصلاحات سياسية في المنطقة، بالتالي عندما شعرت بأن النظام السياسي في الأردن قد يضطر لتقديم تنازلات سياسية تدخلت ليس لمساعدته، بل لحماية نفسها من تكرار هذا السناريو".
اقرأ أيضا: هآرتس: أزمة الأردن وراءها ضغوط سعودية لقبول صفقة القرن
"ولاحتواء هذه الاحتجاجات وإبقائها في إطارها الاقتصادي، وخشية ألا تتطور لمطالب سياسية ولمنع انتقال عدواها لشعوب دول الخليج، قدمت مساعدات اقتصادية تساهم في تقوية موقف النظام ودفع المتظاهرين لعدم رفع سقف مطالبهم".
الموقع الاستراتيجي
من جهة أخرى أكد المحللون أن القمة الرباعية التي انعقدت لمساعدة الأردن، أكدت على أنه لم يفقد موقعه الاستراتيجي، وعلى أن دوره مهم جدا.
وقال العناني: "الأردن في الأساس لم يفقد موقعه الاستراتيجي، ودوره لا يتحدد بالأمور السياسية، بل بموقعه الجغرافي وبأهميته، وعلى العكس من ذلك تسعى كل من إيران وحلفها من جهة، والسعودية وحلفها من جهة أخرى لإبقاء الأردن في صفه".
بدوره وافق البراري العناني في رأيه وقال: "الأردن لم يفقد موقعه الاستراتيجي، وبالعكس موقعه الجيوسياسي زادت أهميته، نظرا لما يحدث في العراق وسوريا، والتجاهل الخليجي له في بعض القضايا كان مصطنعا، لإخضاع السياسية الخارجية الأردنية وفقا الأولوية السعودية ومصالحها وإملاءاتها، وهذا الأمر لم ينجح".