هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد محللون على أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بدأت بترسيخ معادلة ردع جديدة في تعاطيها مع اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة، قائمة على أساس "القصف بالقصف" .
وبحسب المحللين فإن كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة "حماس"، وسرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي اتفقوا بصورة جماعية واستراتيجية مؤخرا، على ترسيخ تلك المعادلة والتي تجلت عمليا بردهما المشترك على قصف الاحتلال للعديد من مواقع المقاومة، بقصف العديد من المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لغزة بعشرات قذائف الهاون وصواريخ قصيرة المدى.
وكانت الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية، أكدت في بيان سابق لها وصل "عربي21" نسخة عنه، على أن "الوقت الذي يحدد فيه العدو قواعد المواجهة ومعادلات الصراع منفردا مضى؛ فالقصف بالقصف".
وحذرت "العدو من مغبة إصراره على كسر المعادلات مع المقاومة أو العدوان على شعبنا"، مؤكدة جهوزية المقاومة "للتصدي بكل قوة لأي عدوان أو حماقة يرتكبها العدو"، ويذكر أن البيان وقع عليه 15 جناحا عسكريا؛ وفي مقدمتهم كتائب القسام و سرايا القدس.
اقرأ أيضا: تحريض غير مسبوق وارتفاع حدة التهديدات الإسرائيلية لحماس
وفي هذا السياق أوضح المختص في الشأن الإسرائيلي والفلسطيني، مأمون أبو عامر، أن "إسرائيل من الناحية النظرية، لا يمكنها أن تقبل بمعادلة توازن الردع القائمة على "القصف بالقصف" والتي عملت المقاومة على ترسيخها خلال المواجهات الأخيرة".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "بل دائما تسعى إسرائيل إلى المعادلة الوحيدة المقبولة لديها، وهي معادلة "اليد العليا"، وأن تكون هي "صاحبة القرار الأول والأخير" في أي مواجهة"، لافتا أن "إسرائيل في جولة المواجهة الأخيرة تجاهلت الإعلان عن الهدنة، وبدت التصريحات الإسرائيلية كأنه لا يوجد أي تفاهم لوقف إطلاق النار".
وقف الهجمات
وفي مقابل ذلك، "صدرت بيانات صيغت بعناية فائقة عن كل من وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، تؤكد أن تل أبيب سترد على أي صواريخ ينطلق من غزة بقصف مواقع المقاومة بقوة أكبر"، وفق أبو عامر الذي نوه أنه "في نفس الوقت توقفت الغارات الإسرائيلية، وهذا يعني أن إسرائيل من الناحية العملية تقبل بالمعادلة ميدانيا وترفضها في الإعلام".
ونبه أن التوجه الإسرائيلي سابق الذكر، "ينسجم مع السياسة الإسرائيلية الشاملة تجاه قطاع غزة، والقاضية بعدم السماح بتدهور الموقف إلى مواجهة شاملة، وهذا يمكن ترجمته عمليا؛ بأن المقاومة عندما التزمت بوقف الصواريخ توقفت الهجمات الإسرائيلية".
وأشار إلى أن "هذا الإطار مقبول ميدانيا؛ في حال حافظت قوى المقاومة في القطاع على مستوى منخفض من إطلاق الصواريخ، بحيث لا تتجاوز الشريط الحدودي وأن لا تطال العمق الإسرائيلي".
ورأى أن "إسرائيل قد تتقبل التعاطي مع المعادلة إذا كان من مصلحتها العودة إلى وقف إطلاق النار، كما حدث في الأيام الأخيرة، حيث وجدت القيادة الإسرائيلية نفسها محاصرة بين رغبتها بتوجيه ضربة للمقاومة وفي نفس الوقت تجنب تصاعد المواجهة بشكل لا يمكن السيطرة عليها، ما دفعها للتوقف عن الهجمات".
اقرأ أيضا: الهدوء على جبهة غزة قيد الاختبار.. وليبرمان يهدد
وذكر أبو عامر، أن "الظروف الإقليمية قد تساهم في دفع الاحتلال الإسرائيلي إلى القبول بتلك المعادلة"، منوها أن "هناك عوامل أخرى يمكن أن تساعد في التعاطي مع هذه المعادلة ميدانيا؛ وهي عدم سقوط قتلى في الجانب الإسرائيلي".
من جانبه، أكد المتابع والمختص في الشأن الصهيوني، سعيد بشارات، أن هذه "الفترة الحالية حساسة جدا ومصيرية، وكلا الجانبين ينظر إليها بأهمية بالغة؛ فعلى الجانب الفلسطيني هناك حراك قوي في غزة أزعج الاحتلال؛ سواء مسيرات العودة وإطلاق الطائرات الورقية، إضافة للتصعيد الصاروخي الذي رسمت المقاومة في غزة من خلاله خطوطا حمراء".
تقطير الصواريخ
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "الاحتلال الذي يخشى أن ينجر مع موجة التصعيد هذه بقوة، وفي خضم تلك التطورات الميدانية والتي لا يستطع أن يبقى صامتا أمامها، ألمحت إسرائيل أنها لن ترضى بأن يعود تقطير الصواريخ على الجنوب".
ورأى بشارات، أن التدريب والمناورة العسكرية الكبيرة التي يجريها جيش الاحتلال على تخوم غزة، "تحمل رسالة لحماس والمقاومة، أن الجيش الإسرائيلي جاهز".
وأضاف: "وتبقى العقبة أمام جيش الاحتلال الذي لا يريد أن يمرر صيف 2018 دون ضربة سواء في الشمال أو الجنوب، هي جهوزية المقاومة التي تؤخر الحرب، في الوقت الذي يبحث عن عنصر المفاجأة".
ونوه المختص، أن "هناك جانب آخر يجب أن لا نغفل عنه، وهو بروز القضية الفلسطينية و وحصار غزة على سلم أولويات الاحتلال، وهو ما يصعب عليه المبادرة حالياً لأي عمل معادي ضد الفلسطينيين"، وفق تقديره.
ومع تراكم الأحداث والتطورات على جبهة غزة، "يسود الاحتلال حالة من التخبط في تعامله مع القطاع، في الوقت الذي يجري الحديث عن هدنة تخديريه، مع استمراره في سياسية خلع الأسنان لإنهاك القطاع، من أجل الضغط على حماس؛ التي يعتقد ساسة الاحتلال أنها في نزعها الأخير، حيث يسعى لإضعافها كي ترفع يدها"، وفق بشارات.
اقرأ أيضا: اتساع حرائق مستوطنات غلاف غزة بفعل الطائرات الورقية (شاهد)
وذكر أن لدى جيش الاحتلال الآن، قرار "بعدم الذهاب لحرب لأن الفرصة مازالت غير مواتية، ولكنه وخلال فترة ما سيخوض حربا جديدة دون أن نشعر".
كما أشار إلى أن الطائرات الورقية التي وضعت الاحتلال أمام تحد كبير، جعلته يدرس عدة خيارات، وربما اتخذ قرارا بشأن بعضها؛ مثل إقامة منطقة عازلة عبر دخول بري واستهداف للمطلقين، وإذا لم يفي الغرض استهداف قيادات في المقاومة الفلسطينية؛ وهو الأمر الذي ما زال مسار جدل بين الساسة و العسكر الإسرائيليين".
وقال: "الساحة ساخنة، وهي تحتمل كل الخيارات ووجب الحذر"، وفق قوله.