هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شهدت العلاقة بين رئيس الوزراء الماليزي المنتخب حديثا مهاتير محمد، والسياسي المعروف أنور إبراهيم تجاذبات كثيرة، انتهت بتحالف مفاجئ بين الرجلين، اللذين كانا يعدا في فترة من الفترات عدوين انتهى الأمر بأحدهما في السجن.
وهذه العلاقة المثيرة بين الرجلين، سلطت الضوء على تحالف لم يكن متوقعا، في مواجهة رئيس الوزراء السابق، نجيب عبد الرزاق، الذي اتهمه الائتلاف المعارض الذي يقوده مهاتير محمد، بـ"قضايا اختلاس"، و"التبعية لبعض الدول".
ومرت العلاقة بين مهاتير وأنور بكثير من التغيرات، انتهت بالتحالف الأخير، إذ من المقرر أن يفسح رئيس الوزراء الحالي المجال لعدوه القديم وحليفه الجديد أنور، لقيادة الحكومة، كما توافق على ذلك ائتلاف "أمل" الذي يترأسه مهاتير نفسه.
وكان أنور ابراهيم يعد الساعد الأيمن، لمهاتير محمد الذي تولى رئاسة الوزراء في الفترة الرئاسية الأولى (1981-2003).
وبدأ التجاذب في العلاقة، بعد عزل أنور من منصبه كنائب لمهاتير، وزجه بالسجن عام 1998، لأسباب تتعلق بقضايا فساد و"تهمة اللواط"، التي تبرأ منها بعد ذلك، ليعود للسجن مرة أخرى في عام 2015 في عهد رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق، ليحكم عليه بالسجن 5 سنوات بالتهم ذاتها، وما زال حتى اللحظة سجينا.
لماذا التحالف؟
وفي قراءته لطبيعة التحالف الأخير بين الرجلين، قال البرلماني الماليزي عن حركة "النهضة" الماليزية، مزلي مالك، إن "الهدف منه إنقاذ ماليزيا من مأساة اقتصادية تمر بها".
وقال مالك لـ"عربي21"، إن "مهاتير محمد يثق بأنور ابراهيم على أنه الشخص الوحيد الذي يستطيع مواصلة دربه لإنقاذ ماليزيا، ولن يثق بغيره ، بسبب خبرات أنور ابراهيم، ومواهبه لإدارة البلاد، بالمقارنة مع غيره من السياسيين".
وحول اتهام مهاتير محمد، لأنور ابراهيم سابقا، في قضايا فساد، قال مالك إن ما حدث في ذلك الوقت "لأسباب سياسية، وبسبب عداء شخصي، وليس لأسباب قضايا أخرى"، وفق قوله.
طيّ لصفحة الخلاف
بدوره، قال البرلماني عن حزب "الأمانة الوطنية"، حسن الدين يونس، إن تحالف مهاتير مع أنور إبراهيم، "جاء من قبيل مواجهة السرقات والرشاوى التي قام بها رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق، كان آخرها، وثائق لأراض حكومية تم بيعها للدولة الصينية".
وقال يونس لـ"عربي21"، إن "صفحة الخلاف بين القطبين، قد انطوت، مشددا على أن ماليزيا الآن لا تنظر للوراء، ولا تريد العودة للخلف، وتريد بناء المستقبل، بعيدا عن أي أجندة شخصية".
وأوضح أن خبرة مهاتير محمد بالسياسة والحكم، تجعل من الملك وجميع مكونات الدولة تدرك قدرته على ضبط البلاد، خاصة في محاربة قضايا الفساد.
عودة أنور ابراهيم
وعن عودة أنور ابراهيم للمشهد السياسي والإفراج عنه، قال البرلماني الماليزي يونس: "تجري الترتيبات للإفراج عن أنور ابراهيم، وأتوقع أن يتم اطلاق سراحه في حزيران/ يونيو المقبل".
ولفت يونس إلى أنه وفقا للتوافق بين الأحزاب، سيعود أنور ابراهيم من خلال "انتخابات خاصة"، تجرى في البرلمان، بحيث ينسحب أحد نواب حزب "عدالة الشعب"، تمهيدا للدخول للحكومة نائبا لرئيس الوزراء.
والجدير بالذكر، أن أنور ابراهيم يجب عليه حتى يشغل منصبا في الحكومة، أن يكون نائبا في البرلمان الماليزي، وحتى لا ينتظر إلى انتخابات مقبلة، يمكن أن يخوض انتخابات خاصة، من خلال انسحاب أحد النواب، وفق ما أكده يونس.
ولكن النائب الماليزي مالك قال إن الترتيبات المتوافق عليها، ستعطي مجالا لبقاء مهاتير محمد رئيسا للوزراء لمدة عام أو أكثر، "دون تحديد مدة زمنية واضحة"، لإعادة ترتيب ما أهدره رئيس الوزراء السابق، منوها إلى أنها لن تكون طويلة.
وقال إنه سيتم بعد ذلك تسليم أنور ابراهيم رئاسة الوزراء خلفا لمهاتير.
سياسة القطبين
وإن كان مهاتير محمد قدم تنازلات للصينيين على حساب الملايو، إلا أن مالك قال، إن الرجل يعد من متعصبي الملايو، وأي خطوات قام بها تأتي لإنقاذ البلاد سواء من الصين أو غيرها.
والملايو عرقية تشكل غالبية في ماليزيا، وحصلت منذ أوائل السبعينيات على مميزات واسعة النطاق، وهي سياسة يقول منتقدوها إنها أضعفت قدرة البلاد على المنافسة، وأدت إلى هجرة ضخمة للعرقية الصينية الأصل.
ولفت مالك إلى أن "مهاتير لن يبيع دولته ولا الملايو من أجل منافع شخصية، كما فعلها رئيس الوزراء السابق"، وفق قوله.
وقال إن نتائج الانتخابات، جاءت بسبب غضب الشعب لما حدث لاقتصاد ماليزيا، ومعاناتهم من الغلاء المعيشي، التي تسببت بها الضريبة التي فرضت عليهم منذ عام 2015، من حكومة نجيب.
واتفق يونس مع مالك، على أن الانتخابات كانت بإرادة شعبية، مشددا على أن الصين لا يمكن لها أن تتحكم بالسياسة الماليزية.
وفي سياق آخر، أشار يونس، للدور الذي لعبته كل من السعودية والإمارات، في دعم حكومة نجيب ماديا.
الإمارات والسعودية
وحول مستقبل العلاقة مع دول الخليج، قال يونس، إن كل من مهاتير محمد، وأنور ابراهيم، يرفضان التأثيرات الخارجية، وسيحاولان ربط علاقات مع جميع الدول العربية بلا استثناء، مضيفا: " لن يبيعا بلادهما من أجل غرض مادي كما فعل نجيب"، في إشارة لعلاقته مع الإمارات والسعودية.
وهاجم يونس الاتفاقية التي أبرمها رئيس الوزراء السابق، مع الإمارات " اتفاقية الصندوق السيادي "1 أم دي بي"، واصفا إياها بـ"التجارة الفاسدة"، ما سببت خسارات كبيرة لماليزيا.
وأشار يونس إلى أن برنامج ماليزيا في المرحلة المقبلة، في العلاقة مع الدول العربية، ستتركز على الوساطة لحل الخلافات العربية.
تشكيلة الوزارة
وحول تشكيل الحكومة، أفصح النائبان البرلمانيان، بأنه سيتم الإعلان عن تشكيلة الحكومة، الأسبوع الجاري، وأنه تم التوافق بين أحزاب التحالف، على تقليص عدد الوزراء، كما كان سابقا في عهد مهاتير محمد قبيل استلام نجيب رئاسة الوزراء، الذي قام بتوسيع عدد الوزراء لـ38 وزيرا.
وكشف النائبان عن أنه تم التوافق على تقليص العدد ليكون 25 وزيرا، 10 منهم مساعدين لرئيس الوزراء، من بينهم نائب رئيس الوزراء، ووزراء المالية والدفاع والداخلية الذين أعلن عنهم.
وقال يونس إن تشكيلة الستة الآخرين، ستكون كالتالي: 2 من حزب "عدالة الشعب"، و 2 من "حزب العمل الديمقراطي"، ونائب من حزب الأمانة، ونائب من حزب "وحدة أبناء الأرض"، وسيضاف إليهم 15 وزيرا آخرين، بعد التوافق عليهم.
ووفقا للبرلماني، فإن عدد وزراء الحكومة الجديدة 25 وزيرا، من ضمنهم 10 وزراء مساعدين في الحقائب السيادية.