نشرت صحيفة "شتارن" الألمانية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على الحقبة الجديدة التي تمر بها المملكة العربية
السعودية. في الوقت الراهن، يقود ولي العهد السعودي، محمد
بن سلمان، ثورة ضد رجال الدولة المحافظين، وذلك عبر السماح للمرأة بقيادة السيارة وإحياء الحفلات الموسيقية، علاوة على إحداث دور سينما.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه بمجرد إصدار المرسوم الملكي، الذي يرفع الحظر عن قيادة المرأة السعودية للسيارة، بادر العديد من النساء بالشروع في التدرب على القيادة. ومن بين هؤلاء النسوة، دعاء، التي قررت التعلم على يدي زوجها. في الأثناء، التقط الزوج صورة سيلفي له ولزوجته التي كانت تقود السيارة، ثم نشرها على موقع تويتر. وقد خلقت هذه الصورة جدلا واسعا في صفوف مستخدمي هذا الموقع، بين مستحسن ورافض لفكرة نشر صورة امرأة خلف مقود السيارة.
وأكدت الصحيفة أن المملكة العربية السعودية لم تكتف بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، بل أصدر الملك السعودي في شهر آذار/ مارس مرسوما ملكيا يسمح بإحداث دور سينما، في حين وقع التقليص من حجم صلاحيات الشرطة الدينية. في الوقت نفسه، تعرض المعارضون لهذه القرارات للاضطهاد. ويبدو أن المملكة سافرت إلى المستقبل عبر "آلة الزمن".
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد أن اتبع حكام السعودية منهجا إسلاميا متشددا، قرر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، القطع مع كل القوانين المحافظة بمباركة والده الملك سلمان بن عبد العزيز. وقد لاقى البرنامج الحداثي لابن سلمان إعجاب الشباب السعودي. في إطار مشروعه، بادر ولي العهد بخوصصة المؤسسات العمومية؛ نظرا لأن العائدات النفطية أصبحت عاجزة عن تغطية نفقات الدولة.
وأضافت الصحيفة أن السلطات السعودية اعتقلت، في مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، 150 أميرا، وعددا من رجال الأعمال فاحشي الثراء؛ بتهمة الفساد. في وقت لاحق، أطلق سراح بعض هؤلاء الأثرياء المعتقلين، بعد أن تنازلوا عن جزء كبير من ثرواتهم لفائدة الدولة. بالإضافة إلى ذلك، قررت الحكومة السعودية رفع أسعار البنزين بنسبة 80 بالمئة، وفرض أداء على القيمة المضافة بنسبة 5 بالمئة.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة السعودية منحت مواطنيها المزيد من الحريات، على غرار السماح بالاختلاط في المقاهي والمطاعم. علاوة على ذلك، وجهت الهيئة العامة للترفيه السعودية الدعوة لبعض النجوم العالميين، على غرار مغني الراب الأمريكي نيللي؛ بهدف إحياء مجموعة من الحفلات الفنية.
وأوردت الصحيفة أن النهج الإصلاحي الذي اتبعته الحكومة السعودية لم يلق استحسان كل السعوديين، خاصة أولئك المتشبثين بالتقاليد المحافظة. في هذا الشأن، أفاد مواطن سعودي، يدعى فيصل، بأن "القرارات الجديدة، على غرار السماح للمرأة بقيادة السيارة وإقامة الحفلات الغنائية، أثارت غضب طيف واسع من الشعب السعودي".
ونقلت الصحيفة تصريحات ولي العهد السعودي ابن سلمان، الذي قال: "لن نقضي العقود الثلاثة المقبلة في مكافحة الفكر المتشدد، بل يجب علينا القضاء عليه في الوقت الراهن. بكل بساطة، نحن بصدد العودة إلى تقاليدنا وإلى الإسلام المعتدل. خلال السنوات الماضية، لم تكن الحياة في السعودية طبيعية، خاصة أن التيار المتشدد كان يتمتع بنفوذ واسع".
وأضافت الصحيفة أن مدينة جدة كانت تعدّ طيلة قرون بوابة شبه الجزيرة العربية نحو العالم، إلى جانب أنها تضم ميناء يستقبل سنويا ملايين الحجاج الوافدين من جميع أنحاء العالم الإسلامي. ولعل ما يميز أهالي هذه المدينة جمعهم بين التدين والانفتاح على بقية الدول. ففي هذه المدينة، تنتشر قاعات الرياضة المخصصة للنساء والمسابح، في حين تعد جدة ملتقى المخرجين الشبان والممثلين والنشطاء.
وبينت الصحيفة أن آل سعود اتبعوا منذ 250 سنة المنهج الوهابي، الذي يفرض قيودا متشددة على السعوديين. أما في الوقت الراهن، فقد منح النظام السعودي الحاكم مواطنيه هامشا من الحريات. في هذا السياق، صرحت شابة سعودية، تدعى بسمة، قائلة: "أحب المملكة العربية السعودية، ولكن لن أتمكن من التعبير عن رأيي بحرية في حال سيطرت الأغلبية المتشددة على دواليب الحكم. أساند نظام حكم آل سعود؛ نظرا لأنه يمنحني حرية العيش كما أريد".
وأبرزت الصحيفة أن الشعب السعودي يعتقد أن كل القرارات التي تتخذها الحكومة السعودية تصب في صالحه. من جهته، يظهر ولي العهد السعودي ابن سلمان في ثوب المصلح الذي يكافح الفساد. ومن الملاحظ أن القرارات الإصلاحية، التي اتخذتها الحكومة السعودية، تهدف لتورية الممارسات القمعية في حق المعارضين والنقاد.
وتابعت الصحيفة بأن السياسة السعودية المنفتحة لا يمكنها إخفاء الممارسات القمعية، التي ما فتئت تنتهجها السلطات في حق كل نفس معارض. ولعل الأمر المثير للاهتمام هو ارتفاع عدد مستخدمي موقع تويتر مقارنة بعدد السكان، والأمر سيان بالنسبة لوسائل التواصل الاجتماعي، على غرار سناب شات وإنستغرام.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن ساحة مكتبة الملك فهد في العاصمة الرياض أصبحت ملتقى الفتيات والشبان، بعد أن كانت مغلقة لعدة سنوات. في هذا الصدد، أورد مواطن سعودي، يدعى منذر علي، أن "هذه الساحة أصبحت مستنقعا للممارسات غير الأخلاقية، خاصة في عطلة نهاية الأسبوع، حيث تمتلئ هذه الساحة بالفتيات المتبرجات اللاتي يتعرضن للمعاكسة من قبل الشبان. لذلك، أعتقد أننا بحاجة لعودة الشرطة الدينية".