هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا الناشط السياسي في مجال مكافحة تجارة السلاح أندرو سميث، في مقال نشره موقع "هافينغتون بوست"، مقر الحكومة البريطانية داونينغ ستريت، لعدم الترحيب بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ويبدأ سميث مقاله بالقول: "في سن الثانية والثلاثين ترك ولي العهد السعودي أثره على الساحة الدولية، فاستقبله فلاديمير بوتين، ومدحه دونالد ترامب، ووجهت له تيريزا ماي دعوة".
ويجد الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن "الزيارة التي ستتم في الأسابيع المقبلة ستكون انقلابا آخر في الدعاية لولي العهد، ولن تكون تلك هي المرة الأولى التي تقابل فيها تيريزا ماي مسؤولين من العائلة السعودية المالكة، فإنها قامت ووزراء حكومتها منذ وصولها إلى السلطة بعدد من الزيارات للمملكة".
ويشير سميث إلى أن "زيارة ماي، التي قامت بها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، تزامنت مع الوقت الذي كشفت فيه منظمة الصحة العالمية عن 960 ألف حالة كوليرا في اليمن، حيث يعد انتشار الوباء هو الحدث الأسوأ في العالم، وهو نتيجة لحرب مميتة، يشرف عليها ويديرها الرجل نفسه الذي تخطط ماي لاستضافته".
ويلفت الكاتب إلى أن "ثلاثة أعوام مضت على بداية العملية العسكرية التي قادها الجيش السعودي من خلال القصف الجوي على اليمن، وفي تلك الفترة قتل عشرات الآلاف من الأشخاص في عمليات دمار، وصفتها منظمة الطفولة العالمية (يونيسيف) والوكالات الأخرى التابعة للأمم المتحدة بأنها أسوا كارثة من صنع البشر في العالم".
ويستدرك سميث بأنه "رغم توقع البعض بخفض توتر الحرب التي بدأها ولي العهد، إلا أنها زادت كثافة وتصعيدا في الأشهر الماضية، ويجب في هذه الحالة التعامل مع ترفيعه للمنصب الرسمي الثاني في السعودية على أنه تصويت ثقة ومصداقية دون نقد للحرب ونتائجها القاسية".
ويقول الكاتب: "ستكون تيريزا ماي على علم بالدمار الذي تسببت به الحرب، خاصة أن بريطانيا أدت منذ بدايتها دورا مهما، من خلال مقاتلاتها والقنابل في الحملة الجوية، وكانت النتائج كارثية، إلا أن شركات صناعة السلاح تعاملت معها على أنها فرصة تجارية، فمنذ عام 2015 باعت بريطانيا أسلحة بقيمة 4.6 مليارات جنيه".
ويبين سميث أن "ولي العهد لم يترك أثرا رهيبا على اليمن فقط، بل إنه قاد حملة قمع ضد المعارضين داخل السعودية، وربما تحدث عن رغبته في إصلاح المملكة، لكن داخل الخطاب وبعض التغييرات الثانوية فإن الوضع لم يتغير".
ويورد الناشط نقلا عن منظمة "أمنستي إنترناشونال"، قولها: "صمم ابن سلمان على إسكات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة.. ولم تتوقف حملة القمع ضد مجتمع حقوق الإنسان، وأصبح المدافعون البارزون عن حقوق الإنسان كلهم تقريبا خلف القضبان".
وينوه الكاتب إلى أن "الديكتاتورية أعدمت في العام الماضي 141 شخصا، واعتقلت عددا من المدافعين عن حقوق الإنسان، فيما رأته الأمم المتحدة (أشكالا مثيرة للقلق في عمليات اعتقال واحتجاز عشوائية واسعة)، وحدث هذا كله في عام فرضت فيه السعودية حصارا على دولة قطر، واتهمت باعتقال رئيس الوزراء اللبناني".
ويقول سميث: "هذا كله لم يمنع ماي من التقارب مع هذا النظام، وتأمين صفقات أسلحة معه، فقبل أربعة أشهر كان المسؤولون السعوديون بين من وجهت لهم الدعوة لحضور المعرض الدولي للمعدات الدفاعية والأمنية في لندن، حيث رحب بهم الموظفون المدنيون ومديرو الشركات الدفاعية".
ويضيف الكاتب: "لن يكون هناك شك في انتشار صورة ولي العهد على عتبات داونينع ستريت حول العالم، وستحتفل بها وتستخدمها العائلة المالكة، التي سترى فيها علامة على الشرعية الدولية، وإشارة قوية إلى الدعم السياسي من ماي وزملائها" .
ويبين سميث أن "الطريقة التي سينظر فيها من عذبوا وانتهكوا على يد القوات السعودية ستكون مختلفة، فالرسالة التي ستصلهم لن تكون رسالة دعم لكنها ستكون رسالة ازدراء، وستقول لهم إن حقوق الإنسان ليست مهمة، وحياتهم أقل أهمية من أرباح الشركات الدفاعية والعلاقات العامة مع ديكتاتور".
ويقول الكاتب إن "التاريخ سيتعامل مع الجرائم التي ارتكبت في اليمن على أنها هجوم رهيب كان يمكن منعه، وقد تكون القوات السعودية هي التي قامت بها، لكنها لم تكن ممكنة دون الدعم السياسي من سياسيين مثل ماي".
ويذكّر سميث بالجدل المستمر حول زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى بريطانيا، مشيرا إلى أن ذلك يظهر أن الاحتجاج يمكن أن يترك أثرا.
ويختم الناشط مقاله بالإشارة إلى أن استطلاعا تلو الآخر يكشف عن أن غالبية البريطانيين يعارضون مبيعات السلاح للسعودية، و"قد حان الوقت لإرسال رسالة قوية وواضحة إلى ولي العهد بأنه ليس موضع ترحيب".