هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لكل من اريسو إقبالي من طهران وآسا فيتش من الرياض، يقولان فيه إن السلطات في طهران لن تعتقل الأشخاص الذين يرتكبون مخالفات للقيم الدينية، بحسب ما قاله رئيس الشرطة في العاصمة الإيرانية، مشيرين إلى أن ذلك علامة من علامات التخفيف من القيود الاجتماعية المفروضة تحت حكم الرئيس المعتدل نسبيا حسن روحاني.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه تناغما مع تحول مشابه في السعودية، التي تعد منافسة إيران الإقليمية، فإن العميد حسين رحيمي قال بأن الشرطة ستغير أسلوبها في فرض القيم الإسلامية، بعد عقود من التغريم والسجن، وحتى الجلد لتجاوزات صغيرة، مثل طلاء المرأة لأظافرها أو أن تبالغ في المكياج، أو أن تلبس غطاء الرأس بشكل فضفاض، حيث فرض على النساء الإيرانيات لبس الحجاب منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979، التي أحدثت تداخلا بين الحكم والدين.
ويلفت الكاتبان إلى أن وكالة الأنباء الإيرانية نقلت عن العميد رحيمي، قوله: "بناء على مقاربة تعليمية تهدف لخدمة المجتمع، لن تقوم الشرطة باعتقال أولئك الذين لا يحترمون القيم الإسلامية.. وبدلا من ذلك ستعلمهم".
وتعلق الصحيفة قائلة إنه "يبدو من التصريح أن هناك تحولا في تعامل الشرطة في طهران مع التقاليد الإسلامية، لكن بسبب تاريخ طويل من فرض العقوبات على المخالفين، فإن الإيرانيين طالبوا على مواقع التواصل الاجتماعي بتعريف دقيق لتلك القيم التي لن يؤدي تجاوزها إلى اعتقالات، حيث غرد أحد الإيرانيين قائلا: (ربما ليست لدى الشرطة زنازين كافية)".
وينوه التقرير إلى أن آخرين رحبوا بهذا التحول، فغرد شخص يعرف نفسه بإسم مسعود راضي، قائلا: "التعليم بدل الاحتجاز.. هذا انتصار للنساء"، فيما قال بعض المراقبين إن المقياس الحقيقي لنية طهران سيكون في تطبيق الموقف الأكثر تسامحا، مشيرين إلى أن الزعامات الإيرانية، بمن فيهم روحاني، تحدثوا سابقا عن تخفيف في فرض القوانين، لكنهم لم يطبقوا ذلك عمليا، مشيرا إلى أن روحاني أخبر اجتماعا للشرطة عام 2015، بأن تطبيق الشريعة الإسلامية ليس وظيفتهم.
ويستدرك الكاتبان بأن اعتقال الناس الذين ارتكبوا تجاوزات ضد القيم الإسلامية لم يتوقف، حيث إن الشرطة في طهران اعتقلت أكثر من 200 شخص الأسبوع الماضي لتجاوزهم القيم الإسلامية؛ لأنهم قاموا بالرقص والشرب احتفالا بالانقلاب الشمسي الشتوي (أقصر نهار في السنة).
وأعلنت الشرطة الإيرانية بالفعل، الخميس، أن النساء لن "يعتقلن بعد الآن، بسبب عدم احترامهن اللباس الإسلامي"، المفروض منذ قيام "الثورة الإسلامية" عام 1979، وفق ما نشرته وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
وقال قائد شرطة طهراند الجنرال حسين رحيمي: "أولئك اللاتي لا يلتزمن باللباس الإسلامي، لن يتم اقتيادهن إلى مراكز الاعتقال، ولن يتم رفع دعاوى قضائية ضدهن". وذلك في تصريحات لصحف إيرانية محلية.
وأكد الجنرال رحيمي أن "المخالفات للقانون سيحضرن بدلا من ذلك فصولا دراسية تنظمها الشرطة لهن، لكن إن تتكرر مخالفتهن للقواعد، يمكن أن تتخذ ضدهن إجراءات قانونية".
وتشدد شرطة الآداب في إيران على ارتداء الحجاب، إذ ينتشر الآلاف من رجالها بشكل سري لمراقبة الحجاب، واعتقال غير الملتزمات بالحجاب الكامل وتقديمهن للقضاء وفرض غرامات مالية عليهن.
— My Stealthy Freedom (@masihpooyan) 27 ديسمبر، 2017
وتنقل صحيفة "وول ستريت" عن المحلل في الشأن الإيراني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية في واشنطن بهنام بن طالبلو، قوله بأن إعلان يوم الأربعاء قائم على حسابات بأن هناك حاجة "لحني النظام قليلا دون كسره"؛ ليصبح مقبولا للشباب من الطبقة المتوسطة، وأضاف: "قد تكون النية موجودة، سواء كانت صادقة أم لا، لعدم تطبيق تفسير صارم للشريعة الإسلامية في إيران.. لكن حتى أولئك الذين يبدون رغبة حقيقية في الإصلاح عادة ما افتقروا إلى إمكانية التطبيق".
ويفيد التقرير بأن هذا الإعلان يأتي متناغما مع عملية اللبرلة التي تحدث في مناطق أخرى من الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية ذات الأكثرية السنية، التي تعد المنافس الرئيسي لإيران في النفوذ، فقامت السلطات السعودية العام الماضي بتجريد الشرطة الدينية من سلطاتها في الاعتقال، كما أصدر الملك سلمان مرسوما في شهر أيلول/ سبتمبر يسمح للمرأة بقيادة السيارة العام القادم، بالإضافة إلى أنه تم رفع الحظر على دور السينما دام عقودا في وقت سابق من هذا الشهر، مشيرا إلى أن تلك الإجراءات لاقت شعبية محليا، خاصة بين الشباب الذين يشكلون عددا كبيرا في المملكة.
ويستدرك الكاتبان بأنه "في بعض الدول ذات الأكثرية الإسلامية تتنامى الدعوات لقوانين أكثر صرامة وحماية المشاعر الإسلامية، حيث حاصر الناشطون الإسلاميون العاصمة الباكستانية أواخر الشهر الماضي، وحصلوا على وعود من الحكومة بأن تطبق القوانين بصرامة أكبر، وفي أندونيسيا، أكثر البلدان الإسلامية تعدادا للسكان تروج المجموعات المتشددة لقوانين جديدة قائمة على الشريعة، ويؤيد ذلك مزاج شعبي أصبح أكثر محافظة دينية".
وتذكر الصحيفة أن أفراد الحرس الثوري في إيران كانوا هم المسؤولون عن فرض القيم الإسلامية في السنوات الأولى من الثورة، لكن الشرطة استلمت تلك المسؤولية بعد ذلك، حيث يقومون بدوريات ويراقبون المناطق العامة، من ساحات ومراكز إدارية لمنع المخالفات.
ويشير التقرير إلى أن الشباب الإيرانيين دفعوا بقوة لتخفيف القوانين المتعلقة بغطاء الرأس والأمور الأخرى المتعلقة بالمظهر، فكانت أصواتهم هي التي دفعت بروحاني إلى سدة الحكم عام 2013، ثم لدورة ثانية في انتخابات أيار/ مايو، حيث يشكل الشباب تحت سن 25 عاما 40% من الشعب الإيراني.
ويورد الكاتبان نقلا عن مدير "إيران بروجيكت" في مجموعة "إنترناشيونال كرايسز غروب" علي فائز، قوله: " ببساطة فإن شرطة الأخلاق لا يستطيعون احتواء الشباب الإيراني النابض بالحياة، الذي يتميز بأنه أكثر ليبرالية وعلمانية من الجيل السابق".
ويضيف إنه ليس من قبيل الصدفة أن يتم هذا التحرك في العاصمة، في وقت تواجه فيه إيران تحديات سياسية متزايدة من الخارج، حيث فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات جديدة على إيران؛ بسبب برنامج إيران للصواريخ الباليستية، وهو ما ترى فيه أمريكا تهديدا لإسرائيل، كما رفض ترامب المصادقة على التزام ايران بالاتفاقية النووية، التي تم التوصل إليها في عهد أوباما، التي خلصت إيران من عقوبات دولية كثيرة كانت قد أعاقت الاقتصاد.
ويقول فائز، "إن إدارة روحاني تدرك أنه كلما قلت حالة الاستياء في المجتمع كانت المخاطر الأمنية، التي يمكن أن تواجهها في البلد أقل، وسط ضغوط متزايدة من إدارة ترامب".
وتقول الصحيفة إن "الإيرانيين أصبحوا أكثر جرأة، ويختارون الملابس الغربية، ولم تظهر الدولة إلى الآن مرونة، حيث أعلن رئيس الشرطة، العميد حسين ساجديانا، العام الماضي أنه تم نشر 7000 شرطي أخلاق سري، وتم اعتقال العديد من النساء اللواتي نشرن صورهن دون غطاء الرأس على تطبيق (إنستغرام)، بحسب التقارير الإخبارية الإيرانية".
وبحسب التقرير، فإن العميد رحيمي تسلم مهمته رئيسا لشرطة العاصمة في آب/ أغسطس، في الوقت الذي انتخب فيه مجلس مدينة طهران العمدة الإصلاحي محمد علي النجفي، ليخلف عمدتين متطرفين، مستدركا بأن العمدة ليست له سلطة على الشرطة التابعة لوزارة الداخلية، حيث لم يكن واضحا إن كان هناك دور لروحاني في تخفيف تطبيق القوانين.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول العميد رحيمي إن الشرطة عقدت 121 ندوة لما يقارب 8000 شخص، ولم يقل ماذا كانت مخالفات أولئك الأشخاص.