فورين أفيرز: كيف سيؤثر إعلان ترامب الأخير على سياسة عباس؟

نشرت مجلة "فورين أفيرز" مقالا لزميل معهد واشنطن، غيث العمري، حول إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

ويقول الكاتب إن "إعلان ترامب هذا ابتعاد عن السياسة الأمريكية التي استمرت 70 عاما تقريبا، بالإضافة إلى أن الإعلان وضع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في وضع أصعب، خاصة أن وضع عباس السياسي صعب أصلا؛ فهو في منتصف عملية مصالحة حساسة مع منافسيه في حركة حماس، كما أنه يواجه شعبا يزداد تشككا في قيادته وفي دور الولايات المتحدة في العملية السلمية".

ويضيف العمري أنه "لإرضاء الشارع الفلسطيني، وتجنب هجوم منافسيه، فإن رده على إعلان ترامب كان صارما، وسيقوم بتبني خطا أكثر صلابة تجاه عملية السلام في المستقبل القريب، وخطا أكثر ليونة تجاه حركة حماس مما كان يمكن أن يفعل، وبالنسبة لعباس والسلطة الفلسطينية فإن تلك أخبار سيئة".

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "الدبلوماسيين والمحامين سيختلفون فيما إذا كان إعلان ترامب يضر بوضع القدس في صفقة السلام النهائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين (وترك خطاب ترامب موقف أمريكا بخصوص ما أسماه الحدود الدقيقة للسيادة الإسرائيلية في القدس)، لكن وبغض النظر عن الجواب فإن مهمة عباس على وشك أن تصبح أكثر صعوبة". 

ويلفت العمري إلى أنه "لم يكن أمام رئيس السلطة الفلسطينية سوى أن يشجب بشدة التغير في السياسة الأمريكية لسببين؛ الأول يتعلق بالوضع المحلي، فلا يمكن لأي زعيم فلسطيني -خاصة زعيم ضعيف مثل ما هو عليه عباس اليوم- السباحة عكس تيار الاحتجاج الذي سينطلق قريبا كرد فعل على إعلان ترامب، ولا يستطيع عباس أن ينظر إليه وكأنه يتبنى خطا أكثر ليونة ضد إعلان ترامب من حركة حماس والأطراف الإقليمية الآخرى -مصر والأردن والسعودية وتركيا وغيرها- التي شجبت تغير هذا الموقف".  

وينوه الكاتب إلى أن "السبب الثاني يدور حول العملية السلمية، فسيقلق عباس من أن الإعلان ينذر بتبني الولايات المتحدة الكامل للموقف الإسرائيلي من القدس -وهو أن القدس هي العاصمة الموحدة لإسرائيل ويجب ألا يكون فيها عاصمة لفلسطين- وهو ما يرفضه الفلسطينيون، فقال في خطاب له بعد ساعات من خطاب ترامب: (إن هذه الإجراءات المستنكرة والمرفوضة تشكل تقويضاً متعمداً لجميع الجهود المبذولة من أجل تحقيق السلام، وتمثل إعلاناً بانسحاب الولايات المتحدة من ممارسة الدور الذى كانت تؤديه خلال العقود الماضية فى رعاية عملية السلام)".

ويجد العمري أنه "على المدى القصير، فإن التغير في السياسة الأمريكية سينقل التوازن بين مختلف الكتل الفلسطينية، ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر وحركة فتح منشغلة في مفاوضات مصالحة مع حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، وكان موقف عباس متصلبا بمطالبته بنزع سلاح الذراع العسكري لحركة حماس، ويرفض استيعابهم في قوات الأمن الفلسطينية ودفع رواتبهم أو رواتب الموظفين الرسميين الذين عينتهم حركة حماس بعد استيلائها على القطاع عام 2007".

ويستدرك الكاتب بأنه "سيكون من الصعب الآن على عباس التمسك بهذه المواقف، حيث ستحتج حركة حماس بأن التهديد الناتج من إعلان القدس يحتاج إلى وحدة، وستدفع باتجاه تخفيف شروط المصالحة بينها وبين حركة فتح، وإن أصر عباس على تحفظاته السابقة فستتهمه حركة حماس بوضع مصلحة الحزب فرق مصلحة الوطن -وهي تهمة ستكتسب قبولا لدى الكثير من الفلسطينيين". 

ويذهب العمري إلى أن "آثار الإعلان ستتجاوز السياسة المحلية، ولطالما كان الشعب الفلسطيني متشككا في استعداد عباس للعمل مع أمريكا لأجل إعادة إطلاق عملية السلام، بالإضافة إلى أن إدارة ترامب لم تطلق بعد خطتها للسلام، وليس واضحا إن كانت ستتطلب تنازلات كبيرة من الجانب الفلسطيني لا يمكن الدفاع عنها سياسيا، أو إذا كان حلفاء واشنطن العرب سيضغطون على الفلسطينيين للقبول بتلك التنازلات، بحسب ما ذكرته بعض التقارير مؤخرا، ومع ذلك فإن الإشاعات بشأن عملية السلام ضيقت الأفق الفلسطيني، والإعلان حول القدس سيزيد من حجم التشكك من مستقبل مفاوضات السلام واهتمام عباس فيها". 

ويخلص الكاتب إلى القول: "لذلك فإن على عباس قريبا أن يصد المنافسين في حركة حماس وغيرها من قوى المعارضة، الذين يتهمونه بالسذاجة – وأسوأ- للتعامل مع إدارة ترامب فيما يتعلق بالعملية السلمية أصلا، وسيتشجع البعض من حزبه بسبب سنه وضعف موقفه أن ينضموا إلى الجوقة على أمل تلميع مؤهلاتهم الوطنية قبل التنافس على منصبه، وفي ظل هذه الظروف فإنه من الصعب التخيل كيف يمكن لعباس العمل مع إدارة ترامب على خطة للسلام".