هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف تقرير صادم عن وجود سوق لبيع "العبيد" في ليبيا، واستغلال المهاجرين غير الشرعيين في هذه التجارة، بعد فشلهم في العبور إلى أوروبا.
ونشر التقرير، الذي بثته شبكة "CNN" الأمريكية، مقاطع مصورة بطريقة سرية، أظهرت سوقا لبيع البشر عبر مزاد علني لبيع المهاجرين؛ لاستخدامهم كعمال أو مزارعين، وسط عرض لهم لقوتهم على غرار أسواق النخاسة قديما، وهو ما سبب صدمة للشارع الليبي والدولي.
تحقيق
وأظهر مقطع فيديو خلال التقرير عملية مزاد حول بيع شخصين بسعر يبدأ من 900 دينار ليبي، لتتم الصفقة خلال دقائق معدودة، بسعر نهائي بلغ ألفا ومئتي دينار ليبي، أي أقل من ثلاثمئة دولار، وسط حضور بعض أصحاب المزارع".
وذكرت "CNN" أنها سلمت الأدلة والفيديوهات التي صورتها إلى السلطات الليبية، مؤكدة أن الحكومة هناك "وعدت بالتحقيق في الأمر"، حسب الشبكة.
والسؤال: ما حقيقة هذا السوق فعليا؟ ومن وراءه؟ وأين الدولة الليبية التي منحها المجتمع الدولي عدة ملايين لمكافحة أزمة الهجرة غير الشرعية؟
"مافيا" دولية
وأكد رئيس منظمة التضامن الليبية لحقوق الإنسان (مستقلة)، جمعة العمامي، أن "ما كشفته تقارير الشبكة الأمريكية تجاوز ما قامت برصده وتوثيقه منظمته وعدة منظمات حقوقية، وهو ما يؤكد مدى سوء المعاملة التي يتلقاها المهاجرون، والتي تصل إلى أعمال السخرة".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21"، أن "هذه التهم، التي تؤكدها تقارير مشابهة محلية ودولية، توجب على السلطات الليبية القيام بسرعة التحقيق فيها، وكشف من يقف وراءها، وإيجاد حلول لهذه المشكلة بمشاركة الأطراف الدولية، حتى نتأكد من وجود سلطات حقيقة في ليبيا"، حسب قوله.
وقال الخبير الليبي في التنمية، صلاح بوغرارة، إنه "لا أحد يستطيع تأكيد أو نفي هذا الأمر حتى الآن، لكني أعتقد أنها جزء من عمليات الهجرة غير الشرعية وحراك الشباب الأفريقي نحو أوروبا واتخاذ ليبيا محطة عبور".
وأضاف لـ"عربي21": "وهنا يقوم المجرمون وضعاف النفوس باستغلال هؤلاء الشباب؛ للكسب غير المشروع، وبعض هؤلاء المجرمين المحليين يتعاون مع "المافيا" الدولية؛ للمتاجرة في تهريب العمالة الإفريقية في عدة أشكال، سواء بيع أو تهريب للخارج أو غيره".
ليس سوقا للعبيد
الصحفي الليبي من طرابلس، محمد علي، أوضح أن "من يقف خلف هذه العمليات "الجاهلية" والاتجار بالبشر هم مجموعات مسلحة تمتهن الأمر، ويرتكز وجودها في الحدود الليبية خاصة، والجنوب بشكل عام".
واستدرك في حديثه لـ"عربي21": "لكنها حقيقة ليست تجارة بالبشر، وفق معلوماتي، إنما يقوم المهربون بالحصول على الأموال؛ من خلال استغلال المهاجرين غير القانونيين وبيعهم "أي الحصول على ثمن نقلهم" لشخص يدفع قيمة معينة للحصول على عامل لديه".
وتابع: "وغالبا لا يحصل هؤلاء العمال على حقوقهم؛ لعدم وجود قانون في ليبيا أو حكومة مسيطرة، ولم أسمع في ليبيا يوما بوجود أسواق بيع "العبيد"، والخطأ يكمن في لجوء المهاجرين إلى مهربين للوصول إلى أوروبا"، وفق قوله.
دولة منقسمة
وقالت الناشطة الليبية في المجتمع المدني، غالية بن ساسي، إن "العاصمة طرابلس لا يوجد فيها ما يسمى سوق "العبيد"، لكن ربما يوجد مثل هذا الأمر في الشرق الليبي، لكن الموجود في المنطقة الغربية هو هجرة غير شرعية وفقط".
وأشارت إلى أن "الدولة الليبية الآن منقسمة على نفسها؛ لذا لن تستطيع إيقاف الهجرة غير الشرعية إلا بالتعاون مع قوة دولية ومع الدول المصدرة لهذه الهجرة"، كما قالت لـ"عربي21".
في حين رأى الأكاديمي الليبي، رمضان بن طاهر، أنه "إذا صح ما ورد في التقرير، فإن هذا يؤكد أن ليبيا تسير في طريق التدمير الممنهج؛ لإخفاء معالم التمدن والتحضر".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذا التدمير تقف وراءه عوامل داخلية، تتمثل في انهيار الدولة، وتلاشي المؤسسات، وعوامل خارجية لها أهداف سياسية لن تتردد في العودة بالمجتمع الليبي إلى عهد البداوة والتخلف والدرجة الصفر من الحضارة، مقابل مصالح من يتلاعبون بملف الهجرة غير الشرعية"، وفق تقديره.