منذ إعلان اللواء المتقاعد
خليفة حفتر عن إطلاق
عملية الكرامة العسكرية في عام 2014، واجهته العديد من العوائق والعقبات وبرزت أمامه تحديات عدة، منها ما نجح في اجتيازها ومنها ما زالت تشكل خطرا على مشروعه العسكري.
أعداء حفتر
وظهرت العديد من الأطراف المعادية لحفتر، والرافضة لعملية الكرامة العسكرية التي أطلقها في منتصف أيار/ مايو 2014، وتطورت العملية إلى مواجهات مسلحة وواجهها الرافضون بالسلاح، واشتد الصراع في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر من العام ذاته.
ومن بين هذه الأطراف التي خرجت ضد خليفة حفتر ومناصريه، كتائب الثوار بمختلف مسمياتها في العديد من المدن في غرب البلاد وجنوبها، والجماعة الليبية المقاتلة، وجماعة الإخوان المسلمين، وغيرها من الجماعات الإسلامية المعتدلة، إضافة إلى بعض الأطراف الدولية والعربية.
ويسعى اللواء المتقاعد إلى السيطرة على البلاد بقوة السلاح، طامحا إلى حسم الأمور عسكريا بدعم من دول السعودية والإمارات ومصر، ولكن سرعان ما رفضت عدد من الدول الكبرى من بينها أمريكا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا الحل العسكري للأزمة الليبية.
ودعت هذه الدول في مناسبات عدة أطراف الصراع في
ليبيا إلى ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة في البلاد، مما شوش على عملية الكرامة التي يقودها.
وطالبت إيطاليا على لسان وزيرة دفاعها روبرتا بينوتي، ووزير داخليتها ماركو مينيتي، حفتر في اجتماع بروما في 26 أيلول/ سبتمبر الماضي باختيار المسار السياسي والتخلي عن الخيار العسكري إذا كان ينوي التقدم لقيادة البلاد، ودعا المسؤولون الإيطاليون حفتر لمواجهة خصومه في ليبيا سياسيا والتخلي عن التحركات العسكرية ضد حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز
السراج التي تحظى بدعم الأمم المتحدة.
عقبة السراج
بدأ اللواء المتقاعد خليفة حفتر يخسر نفوذه في المنطقة الشرقية التي يبسط سيطرته عليها شيئا فشيئا، وبدأ يفقد جزءا من الدعم الإقليمي له من قبل دولتي الإمارات ومصر، خاصة بعد أن حقق رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج المدعوم دوليا مكاسب سياسية على الأرض باتخاذه لقرارات جريئة وحاسمة مؤخرا.
وشكل قرار تكليف فرج اقعيم، الذي ينتمي إلى قبيلة العواقير، وكيلا لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني، خطرا على حفتر وخاصة بعد أن باركت القبيلة إحدى أكبر القبائل في الشرق والأكثر دعما وتأييدا لحفتر في السابق، قرار تكليف ابنهم وكيلا لوزارة الداخلية، مما يعني أن حفتر خسر جزاء هاما من مؤيديه في المنطقة الشرقية.
وقبل تكليف اقعيم، كسب السراج تأييد أحد قادة عملية الكرامة العقيد المهدي البرغثي الذي لعب دورا بارزا في المعارك المسلحة التي دارت في بنغازي، وكلفه بحقيبة وزارة الدفاع بحكومة الوفاق، والذي تحصل هو الآخر على مباركة من بعض أعيان وشباب قبيلة البراغثة وتأييدهم.
الشرق يلجأ للسراج
وبعد تعقد الأمور الخدمية والمالية في شرق البلاد، سرعان ما لجأ عدد من عمداء البلديات ورؤساء بعض الأندية بمدن المنطقة الشرقية إلى فائز السراج، الذي لم يحظ باعتراف مجلس النواب بطبرق به.
وبدأ عمداء بلديات ورؤساء الأندية وأعيان وحكماء إقليم برقة يصلون إلى العاصمة طرابلس تباعا ويجتمعون مع السراج، من أجل الحصول على مساعدات مالية.
ورأى محللون محليون، أن هذه المجريات آثارت مخاوف حفتر، وشكلت خطرا على مستقبله في المنطقة، وستكون ذات مردود إيجابي لصالح رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج الذي بدأ يحظى بثقة العديد من الدول التي تلعب دورا هاما في ليبيا.
أبرز التحديات
ويعد الملف الأمني والخدمي من أهم وأبرز التحديات التي تواجه حفتر في المناطق التي تخضع لسيطرته، حيث تعاني معظم القطاعات العامة في المنطقة الشرقية والجنوبية عامة ومدينة بنغازي خاصة، من تدني الخدمات والأزمات مالية بسبب ضعف السلطات التي تسيطر على المنطقة وقلة إمكانياتها، بحسب ما رأى ناشطون في الشرق.
ويعد الجانب الأمني الذي يراه الكثيرون الأهم في حياتهم اليومية، أكثر المشاكل التي تواجه المواطنين في المنطقتين الشرقية والجنوبية، إذ تعاني المدينة من ترد في وضعها الأمني في ظل انتشار السلاح واستمرار الاشتباكات والأضرار الجسيمة التي خلفتها المعارك المسلحة ببنغازي.
كل ذلك وتستمر عمليات الاغتيال التي نفذت ضد شخصيات أمنية وسياسية وشيوخ القبائل، رغم بسط سيطرة قوات حفتر نفوذها على بنغازي، إضافة إلى الجثث التي يُعثر عليها من حين لآخر في نفايات للقمامة في مناطق مختلفة بالمدينة وضواحيها، كل ذلك قد يؤثر على نفوذ حفتر في شرق البلاد.
ويعاني المواطن في شرق ليبيا من أزمة نقص السيولة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطبية والسلع الأساسية، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار الليبي، رغم جهود حفتر والسلطات في الشرق لحل هذه المشاكل التي لم تجد نفعا.
ويرى مراقبون، أنه يجب على خليفة حفتر بذل كل جهوده لبسط الأمن بشكل كامل في المنطقة الشرقية، وإيجاد حلول للأزمات الخدمية والاقتصادية التي يعاني منها المواطنون في المنطقة ليحافظ على شعبيته التي قد يفتقدها في الفترة المقبلة.
خلافات وانشقاقات
وانكشف في الآونة الأخيرة نشوب عدة خلافات سياسية بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، مما آثار جدلا وانقساما واسعا في إقليم برقة، ورغم الجهود القبلية والمصرية للإصلاح بين الطرفين، إلا أن العلاقات بينهما لم تعد كما كانت عليه سابقا.
وشهدت عملية الكرامة بقيادة حفتر تصدعا حادا في قيادته، بعد أن أقال في كانون الثاني/ يناير 2015، أحد قادة عملية الكرامة فرج البرعصي؛ بسبب نشوب خلافات كبيرة ناتجة عن عدم الثقة، وتبادل الاتهامات بين الطرفين.
وفي كانون الثاني/ يناير 2016، تلقى حفتر ضربة موجعة عندما أعلن الناطق باسم عملية الكرامة محمد الحجازي انشقاقه عنه، وشن هجوما حادا عليه.
وأكد الحجازي في مؤتمر صحفي "البدء في تصحيح مسار عملية الكرامة، بعد أن انحرفت عن أهدافها وساهمت في شرخ النسيج الاجتماعي وانقسام الأسر في المنطقة الشرقية".
وكشف الحجازي، عما وصفه بطمع حفتر وأبنائه وبعض من أبناء عمومته في الوصول إلى السلطة، وقيامه باختلاس الأموال المخصصة لدعم الجيش الليبي واستخدامها لمصالح شخصية، مؤكدا أن حفتر أسس كتائب موازية للجيش ولاؤها له، ونفذت هذه الكتائب عمليات خاصة بها، منها الخطف والإخفاء القسري لبعض الشخصيات.
ويرى متابعون أن الأيام القادمة ستكون الأكثر صعوبة على حفتر، متوقعين المزيد من التراجع في موقفه، في ظل الدعم الدولي والإقليمي المتزايد للمجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني، وخاصة إذا ما أصر اللواء المتقاعد على عدم الرضوخ للدعوات الدولية التي تطالبه بضرورة الالتحاق بركب الاتفاق السياسي والجلوس للحوار.