نشرت صحيفة "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن استراتيجية إدارة ترامب في أفغانستان التي وصفها مسؤولون أمريكيون بأنها بمثابة نهج عسكري وسياسي واقتصادي متكامل، يهدف بالأساس للتوصل إلى تسوية سياسية للصراع مع حركة
طالبان.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن نشر إدارة ترامب المزيد من القوات الأمريكية في أفغانستان، دفع كبار المسؤولين إلى استنكار ذلك، وأكدوا أن الحرب في أفغانستان ليست معركة قد تنتهي بالانتصار في ساحة القتال، وإنما يتطلب الأمر إيجاد حل يتم التفاوض بشأنه.
وأفادت الصحيفة بأن كلا من لوريل ميلر، وريتشارد أولسون، ودان فيلدمان، وجيمس دوبينز، وغاريت بلانك يتفقون على أن إتباع استراتيجية عسكرية بحتة في أفغانستان لا يمكن أن يحقق الاستقرار في البلاد أو يساهم في تجريد الجماعات الإرهابية من الأراضي والنفوذ.
وشدد هؤلاء المسؤولون على أن
واشنطن لن تكون قادرة على حماية مصالحها الأمنية في المنطقة، إلا إذا تم التوصل إلى حل سياسي يتم التفاوض عليه بين كل من الولايات المتحدة، والحكومة الأفغانية، وحركة طالبان.
وذكرت الصحيفة أن الكثير من الدلائل تشير إلى أن الحديث عن تسوية سياسية يعني ضمنيا انتظار حركة طالبان للانخراط في
عملية السلام، خاصة بعد أن قلصت الجهود العسكرية الأمريكية المتزايدة مكاسبها الإقليمية. في المقابل، وفي حال استمرت الولايات المتحدة في اتباع هذا النهج، فمن المرجح أن سياسة التريث والانتظار لن تؤتي أكلها.
وأضافت الصحيفة أن الرئيس دونالد ترامب، تطرق إلى سياسة الانتظار في خطاب ألقاه في 21 من آب/ أغسطس، حيث صرح بأنه "في يوم من الأيام، وعقب جهد عسكري فعال، ربما سيكون من الممكن التوصل إلى تسوية سياسية تضم عناصر من طالبان في أفغانستان. ولكن لا أحد يعرف ما إذا كان سيحدث ذلك على الإطلاق".
ومن المثير للاهتمام، وفقا للصحيفة، أن التصريحات التي أدلى بها مسؤولون آخرون، ولا سيما وزير الخارجية ريكس تيلرسون، شددت بشكل كبير على ضرورة اللجوء إلى التفاوض، مؤكدا في الوقت ذاته على أن النقاش سيستمر في صلب الإدارة بشأن الاستراتيجية الأفضل التي يجب اتباعها. خلافا لذلك، يبدو أن قيام وزارة الخارجية، مؤخرا، بحل فريق الخبراء المعني بمحاولة إطلاق عملية سلام، يعد مؤشرا آخر على أن مبادرات السلام الدبلوماسية لا تحظى بالأولوية.
وأكدت الصحيفة أن الولايات المتحدة اتخذت قرارا بالفعل يتمحور بالأساس حول طرد مفاوضي طالبان المعينين بالأمر من
قطر. وفي حال وقع تنفيذ هذا الأمر، فسيعد ذلك بمثابة تأكيد واضح على عدم اهتمام الولايات المتحدة بالسعي لتحقيق تسوية سياسية. والجدير بالذكر أن هناك أسبابا قوية لعدم تنفيذ القرار الذي أعلنت عنه واشنطن.
وأوردت الصحيفة أنه في حال كان الهدف المرجو تحقيقه في نهاية المطاف، يتمثل في إجراء عملية تفاوض، فلماذا لا تنطلق هذه العملية في أقرب وقت ممكن؟ فضلا عن ذلك، قد يؤدي قطع سبل الوصول إلى المفاوضين المعينين من حركة طالبان إلى تنامي حدة العقبات التي تعترض طريق التفاوض، وليس الحد منها.
في المقابل، وفي حال كانت كل الأساليب والطرق متاحة بالفعل، فسيمنح ذلك الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية مرونة أكبر في اختيار كيفية ومتى يمكن المضي قدما في المفاوضات.
وأضافت الصحيفة أن مبدأ التفاوض المعمول به يقتضي، عموما، أن الجهة المعنية لا يمكنها اختيار ممثلي خصمها. وينطبق هذا المبدأ على طالبان كما هو الحال بالنسبة لأي نظير آخر محتمل في إطار عملية التفاوض. وتجدر الإشارة إلى أن حركة طالبان أعلنت مرارا وتكرارا أن ممثليها في الدوحة، يعدون المُحاورين الأساسيين الذين من شأنهم الدخول في مفاوضات مع أي طرف من المجتمع الدولي.
وأفادت الصحيفة بأن هناك خطرا كبيرا قد ينبثق في حال انتقل مبعوثي طالبان إلى روسيا أو إيران أو باكستان، وربما الصين، حيث لن تكون الولايات المتحدة قادرة على مراقبة أنشطتهم، مقارنة بقطر. وفي الأثناء، ستكتسب البلدان المضيفة لممثلي طالبان أفضلية ونفوذا في إطار عملية سلام مستقبلية، على حساب الولايات المتحدة.
ولفتت الصحيفة إلى أن طرد ممثلي حركة طالبان من الدوحة لن يساهم فقط في تقليص حظوظ انبثاق عملية سلام بين مختلف الأطراف، بل سيضعف أيضا قدرة واشنطن، الهشة، على التوصل إلى توافق إقليمي على مستوى الآراء لدعم الحكومة الأفغانية.