أكد نائب رئيس
حركة النهضة، ونائب رئيس والبرلمان
التونسي،
عبد الفتاح مورو، أن الجدل المثار في تونس مؤخراً حول مساواة المراة بالرجل في الميراث سيتم إنهاؤه تحت قبة البرلمان، وهذه فكرة ألقاها رئيس الدولة كاقتراح لم تتحول بعد الى مشروع قانون، ونحن ننتظر أن تبت في شأنها اللجنة لتحال إلى البرلمان لنقول كلمتنا في البرلمان؛ لأن مجال حديثنا حول رفضها هو في البرلمان.
مؤسسات
ونفى مورو بشدة أن يعيد التاريخ نفسه باستدعاء الصورة الذهنية عن تونس بورقيبة، قائلا: " كان من قبل هناك شخص واحد يقرر ولم يكن هناك مؤسسات دولة تراجعه، ولكن اليوم هناك مؤسسات قائمة تقول له نعم وتقول لا.. بدليل أن رئيس الدولة سبق وطرح مشروعا للمصالحة؛ ولكنه لم يبرح مكانه سنتين ونصف، وخرج بعدها هزيلا من البرلمان، وتم حذف كثير من فصوله نزولا عند إرادة الشعب؛ ولأن إرادة الشعب هي التي قررت ذلك عبر ممثليه، وستكون دائما إرادة الشعب بتونس في المقدمة، إذ أن الأجهزة القائمة في تونس اليوم تضمن قرارا أكثر نجاعة، وأكثر حرصا على مصلحة الشعب".
وحول ما إذا كان ما يراه البعض من طبيعة الشعب التونسي انها جريئة على محارم الله وثوابت الدين قال مورو:" هذه ليست طبيعة التوانسة بقدر ما هي طبيعة العلمانية التي تعيش في بلادنا؛ وهي ملتصقة بفرنسا وكأنها الإبن غير الشرعي لها، فتسعى لتنقل كل الأطروحات العلمانية المثارة في فرنسا بظرف بيئي وتاريخي مختلف عن طبيعتنا في تونس، ثم تطرحها في غير الظرف وغير البيئة وتعتبرها معركة وطنية وهي ليست كذلك".
شعبية النهضة
وبخصوص تراجع تأييد الجماهير لحركة النهضة وانخفاض شعبيتها في الآونة الأخيرة أكد أنه بالفعل شعبية النهضة الآن تتراجع مثل بقية الأطراف السياسية الاخرى المشاركة في إدارة الدولة؛ لأنه يبدوا أن الناس يأسوا من السياسة والحلول السياسية التي لا تغير واقعهم الصعب، فوضعهم الإقتصادي لم يتحسن، وأصبحوا يتهمون السياسيين بمن فيهم الإسلاميين بالمسؤولية عما هم فيه، وهذا الانطباع حاصل مع جميع السياسيين ومنهم النهضة، ولابد من العمل على أن يفهم الناس أن هناك إشكالات فعلية وموضوعية هي التي تحول دون الانجاز وتحسن الأوضاع".
وقال إن "استنساخ تجربة الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان في عالمنا العربي، والذي خرج عن خط أستاذه نجم الدين أربكان وأسس نموذجه الذي شق طريقه بنجاح رغم المخاطر الكثيرة كما هو واقع الآن، أمر غير ممكن عندنا رغم سيطرة جماعة الاخوان التي شاخت قيادتها كما تقول وكذلك النهضة يقودها شيوخ في الثمانينات ويسيطر الشيوخ على صناعة قرارها كبقية الحركات الاسلامية".
واستطرد "إضافة إلى أن أوان التغيير وأوان التفكير الجديد حان الآن، ويمكن أن يتم ذلك دون تمرد على شيوخهم وذلك بإشاعة شعور وإحساس جماعي، بأننا نخطو نحو مرحلة جديدة لندخلها ويقتنع الجميع بأن نتخلى عن القديم لنُحدث الجديد، والتمرد يحدث عندما يقبع بعض الناس على مواقعهم لا يريدون تغييرها؛ فيضطر الذين يأتون بالجديد أن يتجاوزوهم، ولذلك فإن الحل الأسلم ليس التمرد ولكنه التجاوز الجماعي بفهم جمعي".
التطبيع مع إسرائيل
وبخصوص تطبيع بعض الأنظمة العربية مع الاحتلال الإسرائيلي، قال مورو:" بصرف النظر عن البلدان فإرادة التطبيع من قبل الأنظمة قائمة منذ عام 1978 ولكنها لم تنجح في تغيير إرادة الشعوب الرافضة للتطبيع حتى اليوم".
أوضح مورو، أن "ما يحدث ببساطة في المملكة (العربية السعودية) ليس تغيرا في موقف وثوابت الدين بقدر ما أنه حدث تغير في موقف بعض مشايخ وعلماء المملكة؛ الذين أكدوا أن فتاواهم كانت دائما مسيسة بإسم السلطان، وهذه الفتاوى كانت تخضع لتوجيهات القيادة السياسية التي تتغير مواقفها فتتبعها الفتوى الرسمية".
فاتورة الانقلاب
واعتبر ظهور رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي علنا مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمرا طبيعيا، مضيفا أن على "نظام انقلاب الثالث من يوليو أن يسدد فاتورة تكلفة هذا الانقلاب لصالح إسرائيل، فهي التي ساعدت السيسي على أن يتقوى وهو في الحكم رغم الإشكالات والصعوبات التي واجهته، وطبيعي ان يكون هناك خدمات متبادلة بينهما يظهرا من خلالها امام الناس وكأنهما يعززان الحلف الذي يجمعهما".
وحول الدعوة المتكررة بحث المواطنين العرب على زيارة القدس لدعم إخوانهم المقدسيين قال : " زيارة القدس اليوم قضية خلافية .. أنا أرغب في أن يقوم المسلمون الذين يتمتعون بجنسيات غير عربية بهذه الزيارة، بينما أرفض بشدة أن يقوم بها من ينتسبون للعالم العربي؛ حتى لا يفهم أنه تطبيع مع الكيان الصهيوني، أما أن يكون إنجليزي مسلم أو أمريكي مسلم أو برازيلي مسلم فان ذلك لا يدخل في نطاق التطبيع مع الصهاينة".
ووجه مورو نصيحة للشباب بعدم "الإكثار من الحديث عن الفتن والخروج من أجواء المحنة، وأن يتفاءلوا ويحملوا الأمل والبسمة للناس ليجعلوا حياتهم أفضل وبث روح التفاؤل بين الناس بأن مستقبلنا أفضل من خلال عمل ايجابي وبعلاقات اجتماعية جيدة"
إسرائيل وأربيل
واتهم الاحتلال الإسرائيلي بتشجيع انفاصل كردستان: "موقف إسرائيل الشاذ يؤكد أنها تساعد على التفتيت والإنفصال؛ لأن كل ما يضعف جيرانها يصب في مصلحتها الوطنية، وظهور العلم الصهيوني في احتفالات أربيل يؤكد ذلك؛ فضلا عن أن هذا التفتيت للعراق ومن قبله السودان يخدم مصالح إسرائي، إذ يُضعف من قوة المقاومة سواء ضد الشعوب أو ضد الحكومات".
وابدي رفضه لهذا الاستفتاء مؤكدا أن "ما يحدث الآن في شمال العراق هو استكمال لمخطط خبيث يسعى لبدء عملية تفتيت للمنطقة العربية من جديد؛ كما أن تسويغ وجود مظلمة لجزء من سكان العراق وهم الاكراد وتمييز للعرب، لا يبرر هذا الإنفصال في فترة الأمة أحوج ما تكون فيها لوحدة الصف وتجميع الطاقات لا تفتيتها، والآن انفصال كردستان هو تهيئة لإنفصال مناطق متعددة اخرى سيكون لها تاثير على الواقع الجغرافي السياسي في المنطقة بما يؤول الى تفتيت المنطقة بالكامل".
وفسر رفض أوروبا الشديد لهذا الانفصال بكون "أوروبا نفسها تخشي التفتيت والانفصال من داخلها، وتسعى اليوم لاحتواء مشكلات أعضائها لتوحيد الجهود؛ لاسيما الآن كطالونيا تعلن رغبتها في الإنفصال وستتبعها نيقوسيا ثم إيرلندا، كما أن هناك نزعة إنفصالية متنامية لدى بعض القوميات في اوربا".
واعتبر الأزمة الخليجية "أزمة عابرة ستنتهي ولن تكبر، طالما هناك عقلاء ربما ينبرون لرأب الصدع وتحويله شيئا من الماضي الذي يجب أن ينسى، أما أن تتعمق فتلك مصيبة وتنذر بخراب المنطقة حيث أن هناك توازنات جديدة تتشكل، والإبقاء على هذا الجفاء ليس في صالح الخليج ولا العرب عموما، وإن ما أصاب قطر من جرح قد أصاب الجسد الخليجي ككل ويترك شرخا ربما يلتئم مع الوقت حال تحسن العلاقات مستقبلا".
وحول المصالحة الأخيرة بين فتح وحماس، قال: "هذه المصالحة كانت مرتقبة منذ مدة، ولكن أن تكون في هذا الظرف بالذات فذلك يلقي عليها ظلال خوف أو ضعف أو تسليم من ضعيف لقوي وكنا لا نرغب في ذلك، وكل ما يوحد الشعب الفلسطيني نراه خيرا وايجابيا لصالحه مهما كانت الراية التي تقوده، على أن يبقى للجميع كيانهم ووجودهم وأن يحترم حقهم في أن يقرروا مصيرهم جميعا".