كشف موقع إسرائيلي، عن تنامي نفوذ جماعات الضغط داخل "الكنيست" الإسرائيلي، وهي التي ترعى العديد من الصناعات المشبوهة، والتي تقع تحت مسمى "الجريمة المنظمة".
معدلات وحشية
وفي حديث لأمريكية يهودية مع كاتب إسرائيلي، تساءلت "ما الذي يحدث في إسرائيل؟"، وكانت تشير تلك المرأة إلى "النمو الهائل للجريمة المنظمة في إسرائيل خلال الأعوام العشرة الماضية، حتى أصبحت واحدة من أكبر مصدري الحيل الاستثمارية، التي تسرق من ضحايا حول العالم ما يقدر من 5 إلى 10 مليارات دولار سنويا".
وأشار موقع "تايمز أوف إسرائيل" في تقرير أعده سيمونا فاينغلاس، إلى أن "الشرطة الإسرائيلية أعلنت أن الحيل الاستثمارية تشرف عليها لحد كبير مجموعات الجريمة المنظمة، التي نمت في إسرائيل بمعدلات وحشية، وهي نتيجة مباشرة لقلة أو انعدام إنفاذ القانون لسنوات".
وأرجع "عدم رغبة أو قدرة الحكومة والكنيسيت على حظر هذا القطاع، لوجود لوبي قوي في الكنيست هو جزء من هذه الصناعات الاحتيالية"، مؤكدا أن "النظام الديمقراطي في إسرائيل بات غارقا في الفساد".
وفي حديث سابق لمحللين قاموا بدراسة قطاع الهايتك الإسرائيلي، أكدوا أن "نحو 25 في المئة من إيرادات قطاع الهايتك الإسرائيلي تأتي من صناعات مشبوهة أو احتيالية، من ضمنها المقامرة على الإنترنت والخيارات الثنائية والفوركس..".
فيما أظهر تقرير لوزارة المالية الإسرائيلية، أن "تكلفة كل منتج استهلاكي تقريبا، باستثناء التعليم والإنتاج، في إسرائيل أعلى من المعدل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، وهو ما يرجع إلى المحتكرين والباحثين عن الربح ممن يمارسون الضغوط على الحكومة عبر جماعات الضغط لمنع المنافسة في صناعة تلو الأخرى".
مصلحة الجمهور
في غضون ذلك، ارتفعت أسعار الشقق بنسبة 118 في المئة في السنوات العشر الأخيرة، ومؤخرا تباطأ بيع الشقق، وهو ما عزاه تقرير لصحيفة "ذي ماركر" إلى حملة ضد تبييض الأموال تجري مؤخرا في البنوك الإسرائيلية بأمر من مراقب البنوك في إسرائيل، حيث لعبت ظاهرة تبييض الأموال دورا رئيسا في ارتفاع أسعار الشقق".
وفي سياق متصل، أكد نائب إسرائيلي لـ"تايمز أوف إسرائيل"، أن "ثلاثة أرباع أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120، يخدمون مصالح جماعات ضغط خاصة يملأ ممثلوها أروقة الكنيست، حتى أصبح صوت المصلحة العامة ضعيفا".
تسفيكا غرايفر، محامي من حركة "كيب عوليم" في "إسرائيل"، أوضح للموقع أنه حينما يشارك في جلسات "الكنيست" للدفاع عن خطوات من شأنها تسهيل حياة المهاجرين الجدد، "يجد نفسه دائما يجلس وحيدا وسط جيش من ممثلي جماعات الضغط وبيروقراطيين حكوميين غير مبالين".
وقال غرايفر: "يسيطر ممثلو جماعات الضغط على الكنيست؛ فهم يقومون بتحديد جدول الأعمال ويفوزون عادة"، منوها أنه "لا شك بأن معظم أعضاء الكنيسيت يعملون نيابة عن جماعات الضغط وليس عن الجمهور"، حتى أن الأمر ترك لديه شعورا بأن "الأمور في البرلمان الإسرائيلي تسير بعكس مصلحة الجمهور".
وفي وقت سابق، تم التخفيف من لهجة مشروع قانون من شأنه منع جميع شركات التداول على الإنترنت، وليس فقط الجزء الذي يدعى "الخيارات الثنائية"، وذلك في سياق مشاورات جرت من خلف الكواليس بين هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية ووزارة العدل وصناعة التداول عبر الإنترنت بنفسها، حتى تفاجأ المدافعون عن مكافحة الاحتيال، أنه تم إضعاف مشروع القانون.
وردا على سؤال حول كيفية حدوث ذلك، قال أحد مالكي شركات الفوركس الإسرائيلية: "لا توجد لديكم أدنى فكرة عن الأشخاص الذين تتعاملون معهم، لهذه الصناعة الكثير من الأموال والنفوذ، فلا تقلقوا أنفسكم بمثل هذه الأمور".
اختراق إجرامي
المفكر المقيم في واشنطن، مويسس نعيم، كتب مقال بعنوان: "دول المافيا"، ورسم خلاله عددا من المراحل التي تتحول خلالها الدولة إلى "دولة مافيا"، وتحدث أن المرحلة الأولى تدعى "الاختراق الإجرامي"، وهو يحدث عندما تتمكن منظمة جريمة من إدخال أحد رجالها في منظومة الدولة، ويليها ثانيا؛ مرحلة "التغلغل الإجرامي"، والذي يحدث "عندما ينتشر الالتهاب عبر جميع أجهزة الدولة في البلد المعني، وتنتشر الروابط مع الشركات الخارجية غير المشروعة".
وتتوج تلك المراحل بحسب نعيم، بمرحلة تسمى "الاستيلاء الإجرامي"، وهي "حالة من الحكم المختل وظيفيا يكون فيه وكلاء الجريمة بارزين جدا في مناصب داخل سلطة الدولة، ولا يمكن تقييد أنشطتهم الإجرامية من قبل الدولة بصورة فعالة".
ولفت الموقع، إلى أن أحد الأمثلة الشهيرة على "الاختراق الإجرامي في إسرائيل وقع عام 2003، عندما تم انتخاب عنبال غافريئيلي نائبة عن حزب الليكود"، وعبر وثيقة مسربة كشف موقع "ويكيليكس" عام 2009، انزعاج السفير الأمريكي من انتخاب غافريئيلي.
واعتبر السفير أن انتخاب غافريئيلي "يثير المخاوف بشأن تأثير الجريمة المنظمة في اللجنة المركزية للحزب"، وتعرف غافريئيلي بأنها ابنة "زعيم جريمة مشبوه، حاولت استخدام حصانتها البرلمانية لمنع تحقيقات في أعمال والدها المجرم".
ويشير نعيم، إلى "روسيا وفنزويلا كمثالين على دول عرفت تغلغلا إجراميا، ومن غير الواضح أين تقع إسرائيل في هذا السلم"، بحسب الموقع الذي نوه أن السفارة الأمريكية كتبت عام 2009 عن "مشكلة آخذة بالازدياد تتعلق بعناصر جريمة تخترق المؤسسة الإسرائيلية وتقوم بإفساد مسؤولين حكوميين".
وخلص معد التقرير، إلى أنه "من مصلحة إسرائيل، في ظل وجود الكثير ممن يبحثون عن مصالحهم الشخصية، أن تعمل على اقتلاع الجريمة، فرض النظام والقانون واقتلاع الجريمة من جذورها، لأن الدول الفاسدة تعاني من تداعيات اقتصادية وخيمة".