نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على تنامي كراهية الإسلام في
بريطانيا في ظل تفاقم ظاهرة الإرهاب.
فبعد كل هجوم إرهابي تتبناه أطراف محسوبة على الإسلام، تتولد ردود فعل عنيفة تجاه الإسلام والمسلمين، في المقابل، تعد مهمة ملاحقة المعادين للمسلمين صعبة للغاية بموجب القانون البريطاني.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الصحف الصفراء في بريطانيا دأبت على نشر مقالات شعبوية تهاجم المسلمين. ولكن، هذه المرة كان مصدر مثل هذه الأخبار محطة مرموقة، ألا وهي "بي بي سي".
وأوضحت الصحيفة أن "بي بي سي" نشرت في أيار/ مايو الماضي مسلسلا تلفزيا من ثلاث حلقات تحت عنوان "ثلاث بنات".
ويروي هذا المسلسل قصة تستند إلى وقائع حقيقية، حول تعرض ثلاث بريطانيات للاعتداء الجنسي على يد مجموعة من البريطانيين من أصل باكستاني في بلدة روتشديل في مانشستر.
ومن المثير للاهتمام أنه وبعد أربعة أسابيع من بث هذا المسلسل، قام شخص يدعى دارين أوزبورن، وهو مواطن بريطاني عاطل عن العمل يبلغ من العمر 47 سنة، بمهاجمة مجموعة من المسلمين أثناء خروجهم من مسجد فينسبيري في لندن، وخلفت هذه الحادثة قتيلا وعشرة جرحى.
وأضافت الصحيفة أن المحققين كشفوا أن الدوافع التي تقف وراء قيام أوزبورن بهذا العمل الهمجي لم تكن فقط الهجمات الإرهابية التي شنتها منظمة تحسب نفسها على الإسلام، بل أيضا المسلسل الذي بثته قناة "بي بي سي" حول حادثة الاغتصاب في روتشديل.
وبغض النظر عن دوافع الهجوم الذي استهدف مسجد فينزبيري، إلا أن ذلك يعد دليلا على تصاعد وتيرة الهجمات والإهانات التي يتعرض لها المسلمون في إنجلترا كل عام.
وفي هذا الصدد، أكدت بيانات صادرة عن وزارة الداخلية البريطانية أن هجمات الكراهية الدينية ارتفعت من 1618 هجمة في سنة 2011 إلى 4400 هجمة في سنة 2015.
اقرأ أيضا: مسلم يروي تجربة أليمة لطفلته بعد هجوم مانشستر (فيديو)
وفي الفترة ذاتها، ارتفعت عدد الانتهاكات التي تحمل صبغة عرقية أو دينية من 37 ألفا إلى 53 ألفا.
من جهتها، أوردت الشرطة أن وتيرة هذه الاعتداءات ارتفعت إبان وقوع هجمات إرهابية باسم الإسلام في فرنسا أو بريطانيا أو تونس.
الجدير بالذكر أن للصحف الصفراء البريطانية، التي تتناول هذا الموضوع بكثير من التحامل على المسلمين، تأثير واضح وبليغ على الرأي العام البريطاني.
وأشارت الصحيفة إلى أن ملاحقة أولئك المعتدين قانونيا تعدّ مسألة معقدة وصعبة، خاصة أن القانون البريطاني يتضمن قوانين مختلفة فيما يتعلق بالاعتداءات العرقية والدينية.
فعلى سبيل المثال، ينظر لليهود والسيخ على اعتبارهم عرقا بشريا، بالتالي، يتمتع هؤلاء بالحماية بموجب قوانين متشددة تم سنها لمواجهة العنصرية. أما بالنسبة للمسلمين، فلا يعتبرون عرقا وفقا للقوانين البريطانية.
ووفقا لمنظمة مراقبة الهجمات ضد المسلمين، التي تقوم بإجراء إحصائيات حول هجمات
الإسلاموفوبيا فضلا عن مساعدة الضحايا، فإن الاعتداء على المسلمين في بريطانيا ليس جريمة يعاقب عليها القانون، طالما أنها لا تتضمن دعوة للكراهية بين الأديان.
وبحسب قانون الكراهية الدينية والعرقية لسنة 2006، لا تعدّ مسألة شتم وإهانة الإسلام، حتى لو كانت مصدرا لنشر الكراهية، بالضرورة غير قانونية، إذ قد يعد ذلك نوعا من حرية التعبير.
وبينت الصحيفة أن 75 في المئة من هذه الاعتداءات موجهة للنساء المسلمات، اللواتي يرتدين ملابس تظهر هويتهن الدينية، وذلك حسب البيانات الصادرة عن منظمة مراقبة الهجمات ضد المسلمين.
وفي الأثناء، تقدر نسبة المعتدين من الرجال بحوالي 76 في المئة، في حين أن 89 في المئة منهم من الرجال البيض.
من جانب آخر، غالبا ما يشتكي المسلمون من العبارات التي تنم عن العنصرية والكراهية والإهانة في حقهم، في الوقت الذي تتعرض فيه النساء المسلمات أحيانا للبصاق والدفع في الشوارع.
ونقلت الصحيفة وجهة نظر أمير سعيد، أستاذ الإعلام بجامعة هدرسفيلد، الذي قال: "كرهت نفسي منذ اللحظة التي تعرضت فيها للتمييز على خلفية كوني بريطانيا من أصل باكستاني، خلال وجودي في ملعب كرة القدم".
من جهتها، أفادت جماعة "الأمل وليس الكراهية"، التي تحارب العنصرية والصراعات الدينية، أن "استهداف الإسلام أصبح أمرا طبيعيا في المجتمع البريطاني، حيث أصبح نصف البريطانيين يعتقدون أن الإسلام يمثل تهديدا للعالم الغربي، وخاصة المحافظين، الذين ينتمون لأحزاب متطرفة مثل حزب الاستقلال بالمملكة المتحدة".
وتجدر الإشارة إلى أن خمس البريطانيين يعتقدون بأن الإسلام ديانة خطيرة تدعو للعنف، وذلك وفقا لما أكدته جماعة "الأمل وليس الكراهية".
في المقابل، اعتبر أكثر من نصف البريطانيين الذين تم استجوابهم أن العنصرية ضد المسلمين في بريطانيا أصبحت تمثل مشكلة حقيقية، في حين أن 69 في المئة منهم يعتقدون أنه من الخطأ إلقاء اللوم على ديانة ما بسبب هجمات إرهابية قامت بها أقلية متطرفة.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن وزارة الداخلية البريطانية قد كثفت من جهودها منذ سنة 2012، للحد من كراهية الإسلام المتفشية في صلب المجتمع، وذلك من خلال تأمين جملة من الآليات للتبليغ عن جرائم الإسلاموفوبيا، ونشر إحصائيات خاصة بهذه الظاهرة.
وفي الأثناء، عززت الشرطة من طرق حمايتها للمساجد، في الوقت الذي شدد فيه القضاء من العقوبات ضد المعتدين على المسلمين.