نشرت صحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن العلاقات الأمريكية-
السعودية، مؤكدة أن هذه الأخيرة تعي جيدا أن واشنطن تريد حثها على مقاطعة
قطر؛ نظرا لأنها تعدها المسؤولة الرئيسة عن زعزعة استقرار القوى العربية.
وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، إن
ترامب زار المملكة العربية السعودية في 20 أيار/مايو الماضي، دون أن يكون على دراية بالمعطيات الجيوسياسية المعقدة للشرق الأوسط، لافتة إلى أن ترامب يعرف تماما كيفية إبرام "صفقاته"، فضلا عن كيفية اختيار شركائه.
وأضافت أن "ترامب لم يخسر أي دقيقة من وقته لقراءة أي ملف يخص الشرق الأوسط"، مشيرة إلى أنه "عند إلقاء نظرة على المؤتمرات الصحفية التي يعقدها الرئيس الأمريكي، سنلاحظ أن جل خطاباته لم تكن من إعداده الخاص، وإنما تحت إشراف فريقه في البيت الأبيض"، وبناء على ذلك، قال الصحفي الإسباني توماس ألكفيرو، موجها كلامه إلى ترامب: "إذا كنت تعتقد أنك تعرف الشرق الأوسط جيدا؛ فذلك لأن توضيحاتهم لك في هذا الصدد خاطئة".
وأوضحت الصحيفة أنه خلال هذه الزيارة، عمد ترامب عن طريق خطاب سهل ومبسط يتنافى تماما مع الخطاب الشهير لأوباما الذي ألقاه في جامعة الأزهر في القاهرة في سنة 2009، إلى حث الدول العربية على الالتزام والمشاركة الفعلية في مكافحة
الإرهاب، موجها أصابع الاتهام نحو إيران، التي يعدها "الشيطان الأكبر".
ورأت أن "الرياض تقرأ جيدا ما بين السطور، وتدرك أن التفويض الذي قدمته إليها واشنطن لا يهدف سوى إلى تضييق الخناق على جارتها قطر، الدولة التي رفضت العداء مع طهران، المنافس الشيعي الرئيس للمملكة العربية السعودية، من حيث الهيمنة السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط".
وزعمت الصحيفة أن "قطر واجهت تهمة دعم الجماعات المسلحة التي لها صلة وثيقة بإيران، على غرار حزب الله في لبنان، وحماس في غزة. فضلا عن ذلك؛ كان لقطر دور في دعم حركة الإخوان المسلمين، المنظمة التي لطالما كان لها دور كبير في زعزعة استقرار القوى العربية، لا سيما مصر، ما دفع بها إلى مقاطعتها".
وأكدت أن "جميع هذه الاتهامات ترتب عليها قرار صادر عن مجموعة تتألف من ست دول، بقيادة المملكة العربية السعودية، يفضي إلى تشديد الحصار السياسي والاقتصادي على قطر. علاوة على ذلك؛ لن يتم وقف العمل بهذا القرار إلى أن يتخلى الأمير القطري تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، العاهل الذي يتمتع بالحكم المطلق، عن اتباع دبلوماسية مستقلة في البلاد. وبناء على ذلك، عملت هذه الدول على تشويه صورة إمارة قطر، واتهامها بتمويل الجماعات المتطرفة والإرهابية".
وأشارت إلى أن "هذه المناورة السعودية أثارت جدلا في أروقة البيت الأبيض. ففي نهاية المطاف، تبقى قطر البلد الذي يضم قاعدة العديد الجوية الأمريكية الرئيسة، إلى جانب حوالي 10 آلاف عسكري، وتمثل بدورها القيادة المركزية للقتال ضد تنظيم الدولة. ولذلك؛ بادر وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، بالتحرك بسرعة في محاولة لتهدئة الأوضاع".
وتابعت: "خلافا لذلك، رأى ترامب في وقت سابق أن بادرة الملك سلمان كانت بمثابة استجابة كافية لما تسعى له واشنطن؛ إذ صرح على موقع "تويتر" قائلا: لعل عزل قطر سيكون بمثابة البداية للقضاء على الإرهاب".
وذهبت الصحيفة إلى القول إنه "بإمكان أي شخص أن يكون له رأيه الخاص إزاء النظام الاستبدادي لآيات الله في إيران، وأيضا تجاه عمل المنظمات الإسلامية، مثل حزب الله وحماس، المنظمات المصنفة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لدى كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. لكن لا أحد يستطيع أن يقر بالفعل أن كلا الفريقين بدعم من إيران، يشكل خطرا على بلدان أخرى ما عدا إسرائيل".
وأضافت أن "تنظيمي الدولة والقاعدة كانا المسؤولين عن سفك الدماء مرارا وتكرارا في كل من أوروبا والولايات المتحدة وغيرها من البلدان العربية الأخرى، على الرغم من أنهما غير مدعومين من قبل إيران. وفي المقابل، تعد هذه الجماعات (أصدقاء ظلام) المملكة، حيث تتغذى على التطرف السني الذي تجسده لمدة عقود كل من السعودية الرائدة في الدعاية الوهابية الرجعية، جنبا إلى جنب مع قطر"، على حد قولها.
ورأت أن "الهجوم الإرهابي الأخير على طهران ليس من قبيل الصدفة، حيث ساهم في الكشف عن مدى تضارب ترامب في آرائه، الذي لا يزال يصر على أن التفجير الذي وقع في العاصمة الإيرانية يدل على أن أولئك الذين يروجون للإرهاب وقعوا ضحايا الشر الذي تسببوا فيه".
وأوضحت أنه في هذا السياق، قال الرئيس السابق لجهاز مكافحة التجسس الفرنسي، إيف بونيه: "نحن لا نجرؤ حتى على ذكر المملكة العربية السعودية وقطر، لكن من الضروري جدا أن يتراجع كلاهما عن تمويل بعض العمليات المثيرة للريبة".
وفي السياق ذاته، قالت المرشحة السابقة للبيت الأبيض، هيلاري كلينتون، في رسالة بريد إلكتروني كشف عنها موقع ويكيليكس: "نحن بحاجة إلى استخدام نفوذنا الدبلوماسي والاستخباراتي للضغط على حكومة دولة قطر والمملكة السعودية، اللتين تمولان خلسة تنظيم الدولة وغيره من الجماعات الإسلامية المتشددة في المنطقة".
وفي الختام، لفتت الصحيفة إلى أنه "يستوجب على ترامب التدقيق جيدا في تاريخ الولايات المتحدة الحديث خاصة، وأنه خلال السنة الماضية وافق الرئيس أوباما على رفع السرية عن 28 صفحة من تقرير الكونغرس الذي أعد في عام 2002 فيما يخص الأحداث الإرهابية في 11 أيلول/ سبتمبر. وعموما، أكدت هذه الصفحات على دعم وتورط 16 عنصرا من السعودية في هذه الأعمال. لكن على الرغم من عدم وجود دليل قاطع على تجريم حكومة الرياض، إلا أن كل المؤشرات تدل على الدعم الخارجي الذي حصلت عليه هذه الجماعات الإرهابية من قبل المملكة".