منذ إغلاقه في أعقاب
مذبحة فض اعتصام
رابعة، والتي أسفرت عن مصرع مئات الضحايا، لا يزال مسجد "رابعة العدوية" في القاهرة خارج الخدمة، في ما تبدو محاولة لنسيان أحد شهود المذبحة.
وكانت وزارة الأوقاف قد قررت غلق المسجد عقب فض اعتصام مؤيدي الرئيس محمد مرسي في 14 آب/ أغسطس 2013، وتعرض للحرق على أيدي قوات الجيش والشرطة لمنع المعتصمين من الاحتماء به أو التحصن داخله، بحسب روايات شهود العيان.
ويقول مراقبون إن مسجد "رابعة العدوية" له رمزية لدى رافضي الانقلاب في
مصر، كما أن شعار رابعة تحول إلى رمز انتشر داخل مصر وخارجها.
وذاعت شهرة المسجد في العالم بعد الانقلاب، حيث كان شاهدا على العديد من الأحداث والمذابح التي ارتكبها النظام بحق معارضي الانقلاب خلال أيام الاعتصام التي استمرت قرابة الخمسين يوما، وتخلتلها عدة أحداث دامية، على رأسها مذبحة الحرس الجمهوري ومذبحة المنصة، وانتهاء بمذبحة فض الاعتصام.
دعوى قضائية لفتح المسجد
وفي سياق متصل، أقام أحد المحامين دعوى قضائية الأسبوع الماضي أمام محكمة القضاء الإداري، يطالب فيها بوقف قرار وزير الأوقاف بمنع فتح مسجد رابعة العدوية لأداء الصلوات، واختصم في الدعوى وزيرا الأوقاف والداخلية ومحافظ القاهرة بصفتيهما.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، أعادت السلطات فتح ميدان رابعة أمام حركة المرور، فيما أبقت على المسجد مغلقا حتى الآن على الرغم من إعلان انتهاء ترميمه. وأعلنت وزارة الأوقاف عدة مرات؛ أن موعد فتح المسجد اقترب، دون أن تحدد موعدا لهذه الخطوة.
وتحاصر قوات الشرطة المسجد وتمنع المواطنين من الاقتراب منه أو تصويره، كما تمنع أي شخص من الوقوف في الميدان.
تهديد للأمن
وفي آب/ أغسطس 2015 أعلن المتحدث باسم الأوقاف، الشيخ محمد عبد الرازق عمر، في تصريحات صحفية، أن "الوزارة تنتظر هدوء الأوضاع الأمنية تماما وتوقف المظاهرات التي ينظمها أنصار الرئيس محمد مرسي ليتم فتح المسجد، للتأكد من عدم توظيفه سياسيا، أو أن يتم السيطرة عليه من قبل جماعة معينة"، كما قال.
وقال الشيخ فؤاد عبد العظيم، وكيل وزارة الأوقاف لشؤون
المساجد، إن المساجد أنشئت لإقامة الشعائر الدينية وليس لأغراض سياسية، مضيفا في تصريحات صحفية سابقة، أن "المسجد الذي يأتي من ورائه تهديد لأمن واستقرار البلاد فلا مانع من غلقه؛ لأنه في هذه الحالة أصبح ضارا بالمجتمع ويستخدم في خدمة جماعة معينة تدعو للخروج على الحاكم وتحرض على العنف"، على حد تعبيره.
"يذكرهم بالمذبحة"
من جانبه، قال المحلل السياسي المصري محمد السعيد؛ إن مسجد رابعة العدوية ارتبط بجماعة الإخوان المسلمين، وعندما يذكر اسمه يتذكر النظام مذبحة فض الاعتصام، "وبالتالي فإن النظام يريد محو هذه الذكرى إلى الأبد، والدليل على ذلك أنه أطلق عليه وعلى الميدان اسم الشهيد هشام بركات، النائب العام الراحل، ليطمس أي معالم تدل على وجود الإخوان في هذا البلد".
وأضاف السعيد لـ"
عربي21" أن وزارة الأوقاف أعلنت مرارا أن المسجد ما زال تحت الصيانة حتى الآن، "لكن هذا التبرير لغلق المسجد طوال هذه المدة غير مقنع لأحد، والحقيقة أنهم يخشون فتح المسجد مرة أخرى حتى لا يذكرهم بالإخوان"، مشيرا إلى أن وزير الأوقاف نفسه يتعامل مع الموضوع بـ"عداء شديد انطلاقا من كرهه الواضح للإخوان"، كما قال.
بدوره، قال المحلل السياسي مصطفى علوي إن "ادعاء النظام أن إغلاق المسجد سببه عدم الانتهاء من أعمال الترميم "رواية كاذبة، فهناك أماكن أخرى مثل بعض الكنائس تم تفجيرها بعبوات ناسفة وتم ترميمها في عدة أيام؛ لأنه كانت هناك إرادة للنظام في إعادة فتحها سريعا".
وأوضح علوي، لـ"
عربي21"، أن النظام لا يريد أن تدب الحياة في مسجد رابعة العدوية مجددا "حتى لا يتردد اسمه بين الناس ويذكرهم بأحداث رابعة وما جرى فيها".
وأشار إلى أن وزارة الأوقاف أغلقت مساجد كثيرة، "وتمارس دورا قمعيا على بعض العاملين في تلك المساجد، حتى أنها أعلنت منع الاعتكاف في رمضان في كل المساجد باستثناء أعداد قليلة جدا، وهو ما يوضح أن إغلاق المسجد حتى الآن هو أمر سياسي وأمني بحت وليس دينيا"، وفق تقديره.