عائق غزة والخيارات المتاحة.. هل ستبتلع حماس حبة الدواء المر؟

أكد خبير عسكري إسرائيلي، أن إسراع "إسرائيل" في بناء العائق العسكري حول قطاع غزة الذي يمثل "قنبلة موقوتة"، يضع حركة حماس أمام مفارقة صعبة، فإما التسليم وفقدان الأنفاق أو المخاطرة بحرب جديدة.

الموعد النهائي

وأوضح الخبير العسكري الإسرائيلي، يوسي ملمان، في مقال له أمس الجمعة بصحيفة "معاريف" العبرية، أن الحكومة الإسرائيلية، قامت الأحد الماضي، بتزويد الشركات الإسرائيلية بكراسة العطاء والتفاصيل الكاملة لإقامة الجدار أو العائق على حدود قطاع غزة، منوها إلى أن الموعد النهائي لتقديم المقترحات 8 أيار/ مايو الحالي.

ولفت إلى أن هذا العطاء، تشرف عليه إدارة مشتركة بين وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي، يرأسها العقيد عيرن أوفير؛ صاحب سجل كبير في إنجاز "إقامة الجدران الكبيرة المسلحة بالتكنولوجيا المتقدمة من الكاميرات والمجسات على طول الحدود الإسرائيلية (مصر، الأردن، سوريا، لبنان، الضفة الغربية المحتلة والقدس المحتلة)".

وأكد ملمان، أن جدار غزة الذي يبلغ طوله أكثر من 65 كم، هو "أكبر المشاريع الهندسية التي عرفتها إسرائيل، وتبلغ تكلفته نحو ثلاثة مليارات شيكل (الدولار= 3.6 شيكل)، هدفه منع "حماس" من حفر الأنفاق للتسلل إلى إسرائيل".

وأشار الخبير، إلى وجود العديد من "المشكلات التي تحتاج إلى خبرة ووسائل ثقيلة غير موجودة في إسرائيل، ومن أجل تجاوز ذلك قامت الشركات المتقدمة للعطاء بنسج علاقات مع شركات صينية وأسترالية وكورية جنوبية وفرنسية"، مبينا أن "تنفيذ العائق سيتم على مراحل ويتوقع أن ينتهي العمل فيها بعد سنتين".

ونوه إلى أن الشركات التي فازت بالعطاء الأول "تعمل على مساحة تبلغ عدة كيلومترات، أرضها يسهل الحفر فيها، أما العطاء الجديد، فهو لقطعتين بطول عدد من الكيلومترات، الأرض فيهما أصعب في الحفر، وهناك عطاءات أخرى سيعلن عنها لاحقا لاستكمال العائق".

جدار تكنولوجي

ويتأكد لنا أن "العائق الهندسي التكنولوجي استثنائيا على مستوى العالم، يشمل؛ جدارا من الأسمنت والحديد بعمق عشرات الأمتار، يحتوي على مجسات للإنذار من أي تغيير داخل الأرض"، بحسب ملمان الذي شكك في قدرة هذه الأجهزة في الكشف عن عمليات الحفر، "فليس من الواضح إلى أي درجة ستكون هذه الأجهزة دقيقة، أو توفر الحل المرجو".

أما الجزء الذي سيقام فوق الأرض، فهو عبارة عن "جدار تكنولوجي بارتفاع 8 أمتار، يحتوي على مجسات وكاميرات وأبراج مراقبة وسيطرة مرتبطة مع بعضها عبر مركز تحكم في أحد المواقع العسكرية في الجنوب".

وكشف الخبير، أن الأعمال في العائق "ستتسارع في الصيف، وسيعمل آلاف العمال من غير الفلسطينيين في بناء العائق، بجانب مهندسين وكثير من الآليات"، منوها إلى أن العمل في العائق "سيكون بحماية الجيش الإسرائيلي".

وعبر ملمان، عن خشيته من قيام "حماس بالرد، عندما تشاهد هذا الكم الكبير من العمال والآليات الهندسية، لأنها تدرك أنه إذا استكمل العائق فإنها ستفقد أداة استراتيجية هامة: الأنفاق الهجومية"، لافتا إلى أن "إسرائيل تحاول من خلال الاستخبارات والتكنولوجيا التعرف على مكان الأنفاق".

ورأى أن "استعداد إسرائيل الكثيف لتهديد الأنفاق يضع "حماس" أمام مفارقة صعبة؛ هل تبذل الجهد لمنع بناء العائق الذي ربما يؤدي لحرب شاملة، أم عدم الرد والادراك أن المواجهة ستجعل من الصعب عليها حفر الأنفاق والتسلل إلى إسرائيل".

وبحسب التقديرات، فإن "حركة حماس لم تتخذ القرار بكيفية التصرف، وإسرائيل لا تعرف ماذا سيحدث، وهناك من يقدر أن الحرب ستنشب في الصيف، لكنّ آخرين وأنا منهم (ملمان) يعتقدون بأن "حماس" ستبتلع حبة الدواء المرة، ويدعم هذا التقدير قادة في الجيش والاستخبارات والأجهزة الأمنية الإسرائيلية".

حادثة صغيرة

وتابع: "رغم أن التقديرات الأساسية هي أن أي حادثة صغيرة مع غزة ليس لها صلة بالعائق، فإنها يمكن أن تؤدي لمواجهة عسكرية واسعة".

وزعم الخبير، أن هناك عدة أسباب تقف خلف هدوء جبهة غزة، وهي؛ "قوة الردع الإسرائيلي، والصعوبة التي تجدها "حماس" في تحسين قدرتها العسكرية رغم نجاحها في العودة لكمية السلاح التي كانت لديها عشية الحرب الأخيرة".

وأضاف: "هناك العزلة الدولية التي تعاني منها، مع استمرار إيران بتقديم مبلغ 60– 70 مليون دولار سنويا، إضافة لوجود "صدع كبير" في العلاقة مع مصر وتعثر المصالحة، ونجاعة الرقابة الإسرائيلية غير الكافية على دخول الأموال لغزة".
 
وفي سياق متصل، بين ملمان، أن وثيقة حركة حماس الجديدة "هي خطوة نوعية بالنسبة لها، لكنها بالنسبة لإسرائيل خطوة غير كافية، ومتأخرة ولا تعمل على تغيير الواقع.. فهي ما زالت ترفض الاعتراف بإسرائيل أو بالاتفاقيات المرحلية بين إسرائيل والفلسطينيين..".

ومع غياب الفرصة لحل سياسي وانسداد الأفق أمام مبادرة اقتصادية، فقد أكد الخبير أن غزة "ستستمر في كونها قنبلة موقوتة، وستواصل إسرائيل مد القطاع بالبضائع، الأمر الذي يمنع موت سكان القطاع جوعا"، متسائلا: "ولكن إلى متى؟".

وقال: "حتى الجولة القادمة التي ستندلع آجلا أم عاجلا على خلفية الضائقة الاقتصادية والحصار، هي ذات الخلفية التي كانت أحد العوامل المسرّعة لحرب صيف 2014".