فما هي طبيعة وخلفيات هذا الخلاف بين دعاة "التداول" والغنوشي وأنصاره؟ وهل المسألة مجرد خلاف على كيفيات إدارة شؤون الحركة، أم هو خلاف في الرؤى والتصورات والأهداف؟
لا يمكن أن تنتهي المعركة ضد الإرهاب إلى نتائج إيجابية؛ ما لم يصدق السياسيون والمثقفون في منطلقاتهم وأهدافهم، وما لم يتخيروا من الأساليب ما يجنب البلاد المكائد والتوترات
ليس مهمّا أن تحظى حكومة المشيشي يوم الأول من أيلول/ سبتمبر القادم بثقة البرلمان أو لا، ولكن الأهم هو كيف يمكن طمأنة التونسيين بأن البلاد ليست بصدد الخروج عن المسار الديمقراطي؟
لا خوف مما تتعرض له بعض الأنظمة العربية من محاولات تطويع وابتزاز قد تخضع لبعضها تحت عناوين المناورة ودفعا لمخاطر أكبر... ولكن علينا الانتباه إلى محاولات "التطبيع" الثقافي وما يمارسه بعض الماكرين من تجريع ناعم لسوائل ثقافية تضليلية وتحريفية تمهد لاختراق الوعي..
حماية المسار الديمقراطي تحتاج أولا إيمانا بالديمقراطية، وتحتاج ثانيا قدرة على تحمل خدوش الطريق فيها وإليها، وتحتاج دائما تحمل المسؤولية تجاه الوطن وتجاه الناس..
إذا لم يفصل السياسيون بين آليات إدارة الشأن الوطني وبين آليات الصراع الإقليمي؛ فإن بلادنا ستصبح (وقد بدأت) ساحة للصراعات الخارجية، وسينقسم التونسيون على أنفسهم بين المحاور؛ ينشغلون عن قضاياهم الحقيقية في التنمية والتشغيل..
في الزمن السياسي الذي نحن بصدده، الإسلاميون مدعوون إلى الذهاب إلى المستقبل مُعَبّئين بالأمل والصبر، ومُجهّزين بالشجاعة وبالرؤية الاستشرافية الثاقبة. والبلاد مفتوحة على أكثر من منطقة نزاع، وفي كل النزاعات الإسلاميون هم المستهدفون..
صورة البرلمان بدت غير جيدة ولكنها ستظل أفضل ونحن نمارس الديمقراطية في أعلى سقوفها، دون خشية من تبعات موقف أو رأي، وأما عن النقائص الأخلاقية فيمكن تداركها بفعل التدرب الديمقراطي والتجريب..
الخلافات بين الأحزاب في تونس يتداخل فيها ما هو وطني بما هو إقليمي. فما هو وطني له آليات حسمه سواء داخل البرلمان في الجلسات العامة أو داخل اللجان ذات الاختصاص. غير أن المشكل الحقيقي هو الخلاف حول قضايا إقليمية..
الإرهاب يستغل كل الأزمات يتسلل منها لممارسة أفعاله الإجرامية، وهو يخشى التجارب الديمقراطية ولا يحب استقرار شعوب ودول، ولا يقبل باحتكام الشعوب إلى العقل وإلى صناديق الانتخاب في فضّ مشاكلها السياسية وفي اختيار حكامها..
بعض المصابين بأحقاد السياسة والأيديولوجيا ظلوا وما زالوا يأملون في تصريف كل جريمة إرهابية تصريفا سياسيا أيديولوجيا، باتجاه تلبيس خصمهم السياسي التهمة المهلكة وإخراجه من المشهد..
الجميع كانوا يفاوضون وبين أعينهم خارطة المشهد اقتصاديا وأمنيا. كان الجميع يتكلم عن مخاطر "انفجار اجتماعي" بسبب ظروف العيش الصعبة وواقع البطالة، أيضا بسبب التوترات الأمنية في الجارة ليبيا..