أثار القرار
الإيراني المفاجئ، بالسماح لروسيا باستخدام قواعدها العسكرية لتنفيذ ضربات جوية بسوريا، تساؤلات حول دوافع القرار، وأبعاده على علاقة البلدين، في ظل ضغوط أمريكية وخليجية ضد طهران لوقف تدخلاتها في المنطقة.
وجاء القرار على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أثناء زيارة وفد من بلاده برئاسة الرئيس الإيراني حسن روحاني، للقاء نظيره الروسي فلادمير بوتين وكبار المسؤولين.
وقال ظريف، الثلاثاء، إن
روسيا يمكن أن تستخدم قواعد عسكرية إيرانية لتنفيذ ضربات جوية ضد متشددين في
سوريا على أن تكون كل حالة "على حدة".
وتواصلت "
عربي21" مع عدد من المحللين السياسيين، للوقوف على أسباب القرار الذي اتفق الجميع على أنه يأتي لتوطيد العلاقة أكثر بين البلدين الحليفين، في خطوة لمواجهة ضغوطات الإدارة الأمريكية الجديدة ضد طهران.
وقال المحلل السياسي من موسكو رائد جبر، إنه "لتحليلات مقربين من الكرملين، فإن إيران الآن تشعر بسبب الضغط الأمريكي برئاسة ترامب، عليها أن تقترب أكثر من روسيا".
اقرأ أيضا: على ماذا وقع روحاني وبوتين في موسكو؟
وأضاف لـ"
عربي21" أن إيران تحدثت في وقت سابق بلغة ساخرة أزعجت الروس، عن استعراض عضلات بعدما استخدموا قاعدة همدان، والآن عادت لتلوح بإمكانية تقديم تسهيلات واسعة ليس فقط في قاعدة همدان وإنما في كل القواعد العسكرية الإيرانية".
ولفت جبر إلى أن إيران تقترب بشكل أكبر من روسيا، وهذا مؤشر لا يتعلق فقط بالتعاون العسكري، بل برزمة الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال زيارة روحاني إلى موسكو، لمواجهة الضغط الغربي.
ورأى أن ما تم الاتفاق عليه، يريح روسيا، لأن موسكو تعتبر إيران ورقة مفيدة لها في تجاذباتها مع الغرب حاليا، وترى فيها أيضا شريكا أساسيا لوجود تقاطع في عدد كبير من الملفات والمصالح في الفترة الحالية بين موسكو وطهران.
واتفق المحلل السياسي اللبناني قاسم قصير، مع ذلك بالقول إنه "منذ وصول دونالد ترامب إلى رئاسة أمريكا، بدأت إيران تشعر بمخاطر المرحلة المقبلة، ولذلك سعت لتعزيز علاقاتها مع روسيا، وكذلك قامت بالانفتاح على الدول العربية وخصوصا الخليجية".
ولفت قصير في حديث مع "
عربي21" إلى أن "تعزيز علاقة إيران مع روسيا هو جزء من امتلاك القوة خوفا من المواجهة مع الأمريكيين أو
الإسرائيليين".
اقرأ أيضا: تصريح مفاجئ لوزير خارجية إيران عقب وصول روحاني لروسيا
الهاجس الإسرائيلي
وعلى صعيد الضغط الإسرائيلي على روسيا، لتحجيم دور إيران في سوريا ودعمها لحزب الله اللبناني، قال رائد جبر إن "العنصر الإسرائيلي حاضر في هذه الهواجس والمخاوف الإيرانية في علاقتها مع روسيا".
واستدرك: "لكن الأخيرة سعت إلى إقامة توازن دقيق للعلاقات بين الأطراف الإقليمية المتواجهة بين إيران من جانب وبين إسرائيل وتركيا، وتريد موسكو الاستمرار على النهج نفسه".
ولفت جبر إلى أن "التباين الروسي الإيراني في هذا الموضوع سيظهر لاحقا عند الوصول إلى تسوية شاملة في سوريا، أما الآن فهذه لحظة تقارب كبيرة في المصالح، لذلك يفضل الطرفان عدم الحديث عن النقاط الخلافية".
وبالمحصلة النهائية، بحسب جبر، فإن "روسيا تميل أكثر إلى الموقف الإسرائيلي الذي يقول بضرورة خروج القوات الأجنبية كلها، وأن لا يبقى
حزب الله أو مجموعات مسلحة مدعومة من إيران في المناطق الحدودية بالقرب من إسرائيل".
وأعرب المحلل السياسي المقيم في العاصمة الروسية موسكو عن اعتقاده لـ"
عربي21" بأن هذا خلاف بين إيران وروسيا مؤجل، ولا يمكن الحديث عنه في الوقت الحالي.
بدوره، قال قاسم قصير إن "العلاقة الإيرانية الروسية السورية، علاقة تعاون مع تنافس مضمر في سوريا بين الطرفين، لكن لا توجد هناك مشكلة كبيرة بينهم لأنهم يعملون على خطة مشتركة مع بعض التباينات التي قد تبرز بينهم".
وأضاف: "بالنسبة لحزب الله، فهناك طلب من المعارضة السورية وتركيا بأن يكون لروسيا دور في مراقبة حزب الله أو ضبط أدائه، لكن الأمور لم تصل حاليا لتنفيذ هذه الرؤية، لازلنا في سوريا بمرحلة تجميع الأوراق وترتيب الوضع السياسي".
ورأى قصير أنه "حتى الآن، من ناحية الوضع الأمني، ما المفاوضات السياسية مستمرة، ويمكن لإيران أن تعزز علاقتها مع روسيا بأن تطلب بأن يكون وضعها في سوريا مستقبلا مريحا، وألا تحصل تباينات بينهما في حال تم التوصل إلى تسوية سياسية بسوريا".
وروسيا وإيران حليفتان رئيسيتان للرئيس السوري بشار الأسد ولعبتا دورا حاسما في الثمانية عشر شهرا الماضية لتحويل دفة الصراع لصالحه.
وفي الصيف الماضي استخدمت مقاتلات روسية قاعدة جوية في إيران لتنفيذ هجمات ضد أهداف تابعة للمتشددين في سوريا، وكانت المرة الأولى التي تستخدم فيها قوة أجنبية قاعدة إيرانية منذ الحرب العالمية الثانية.
غير أن هذا الاستخدام انتهى فجأة بعدما قال مشرعون إيرانيون إن هذه الخطوة تنتهك الدستور الذي يحظر وجود قواعد عسكرية أجنبية، وانتقد وزير الدفاع الإيراني موسكو لكشفها عن هذه المعلومات.