انتقد الأكاديمي والإعلامي المختص بالفكر السياسي الإسلامي والحركات الإسلامية،
عزام التميمي، ما أعلن عنه المكتب العام لجماعة
الإخوان المسلمين المصرية (مكتب الإرشاد المؤقت)، المعبّر عما يُعرف بـ"تيار التغيير" أو "القيادة الشبابية" داخل الجماعة، بشأن نتائج ملف "مراجعة وتقييم" أداء الإخوان، مؤكدا أن هذه الأوراق مجرد دراسة نقدية سطحية من الخارج وليست مراجعة عميقة من الداخل.
وقال في تدوينة له على "فيسبوك" الثلاثاء: "سألني صديق عن رأيي في ما نسبه موقع
عربي21 إلى فصيل إخواني من مراجعة لأداء جماعة الإخوان في مصر نُشرت في إسطنبول بالأمس، فاطلعت على التقرير الذي نشره الموقع وعلى نص المراجعة المذكورة، فوجدتها دراسة نقدية سطحية من الخارج لا مراجعة عميقة من الداخل".
وانفردت "
عربي21"، أمس الاثنين، بنشر تفاصيل ملف نتائج مراجعة وتقييم أداء جماعة الإخوان خلال السنوات الست الماضية (من كانون الثاني/ يناير 2011 إلى كانون الثاني/ يناير 2017)، والذي تضمن أربعة محاور رئيسة، هي: غياب ترتيب الأولويات في العمل العام وأثر ذلك على الثورة، والعلاقة مع الثورة، والعلاقة مع الدولة، والممارسة الحزبية لجماعة الإخوان".
اقرأ أيضا: "عربي21" تنفرد بنشر تفاصيل نتائج تقييم أداء "شبابية الإخوان"
وقال التميمي: "إضافة إلى ما يشوب الدراسة من ضعف، فإنه ينال من قيمتها أنها تأتي في سياق شقاق ونزاع وتدابر أفرزته المحنة التي تعرضت لها الجماعة، وتنافس مذموم على من ينطق باسم الإخوان ويمثل قواعدهم في هذه المرحلة العصيبة".
وأضاف: "حسبما أرى، لا يوجد اليوم من الإخوان في مصر ولا خارجها من يملك المبادرة أو لديه وصفة للخروج من المحنة، والذي يتطلب بادئ ذي بدء رأب الصدع ولم الشمل وتوحيد الصف، وهي أمور تتناقض مع الإثارة والدعاية والاستعراض في وسائل الإعلام بما في ذلك موقع
عربي21".
وفي تصريح لـ"
عربي21"، أكد التميمي أنه "منذ الانقلاب العسكري على الديمقراطية بمصر في صيف 2013 تكرس لدى بعض عناصر الإخوان ممن اضطروا إلى مغادرة مصر -لواذا من حملة القمع والاضطهاد التي مارسها الانقلابيون ضد الجماعة- الظن بأنهم إذا خرجوا على الناس بمراجعات وانتقادات ذاتية فإن ذلك سيساعدهم وسيساعد الجماعة في محنتها".
وتابع: "الحقيقة أن هذا مطب خطير وقع فيه هؤلاء، الذين ساهموا من حيث لا يدركون في تعميق الأزمة. فأيا كانت هفوات الإخوان أو أخطاؤهم، وأيا كانت اجتهاداتهم التي يعتبرها البعض غير صائبة، فإنه لم يكن شيء من ذلك كله ليغير من حقيقة أن الثورة المضادة شحذت كل سكاكينها لذبح الديمقراطية في مصر حتى لا تطل برأسها من جديد في أي مكان آخر في المنطقة العربية".
وأشار التميمي إلى أن "المتضررين من الديمقراطية محليا وإقليميا ودوليا بذلوا جهودا مهولة وأموالا ضخمة على إنجاز مشروع الثورة المضادة. ولذلك، فإن الانشغال بما يسمى
المراجعات بينما جل قيادات الإخوان في السجون إنما يعطي صك غفران لمن أجرم في حق الأمة، وتآمر عليها، وأحبط آمالها في الإصلاح والتغيير. ناهيك، عن أن من يشهرون سيوفهم في وجه الإخوان باسم النقد والمراجعة لا يقدمون جديدا، وإنما يعبرون عن حالة من الإحباط والغضب، والأحرى بهم أن يجتهدوا في رأب الصدع بدل أن يوسعوه، وأن يلموا الشمل بدل أن يبعثروه".
وكان المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان، طلعت فهمي، المُعبّر عن ما يُعرف إعلاميا بـ"جبهة القيادة التاريخية للإخوان"، قد أكد -في بيان مقتضب له مساء الاثنين- أنه لم يصدر عن أي من مؤسسات الجماعة أي أوراق بشأن مراجعات أو تقييمات لأحداث، مشدّدا على "عدم صلة الجماعة بالبيان الصادر، الأحد، عن البعض، الذي تناولته بعض وسائل الإعلام بهذا الخصوص".
وتحدثت الورقة الأولى لملف المراجعة -الذي حمل عنوان "تقييمات ما قبل الرؤية.. إطلالة على الماضي"- عن ما وصفته بـ"غياب ترتيب أولويات الإخوان في العمل العام، وانعكاس ذلك على الثورة"، لافتة إلى غياب العلاقات المتوازنة مع الكيانات المجتمعية الأخرى من الناحية التكاملية أو التنافسية أو الندية، وغياب مشروع سياسي متكامل للتغيير وإدارة الدولة، وغياب التعامل الأكاديمي المتخصص في إدارة وتحليل المعلومات.
وعن علاقة الإخوان مع
ثورة يناير، أشارت الورقة الثانية للتقييمات إلى ضعف التصورات الفكرية والسياسية تجاه الثورة، واضطراب الخطاب الإعلامي قبل وفي أثناء وبعد الثورة، وعدم الاستفادة المثلى من الرموز الثورية، وتقديم التنظيميين عليهم، وعدم الجاهزية السياسية لإدارة مرحلة الثورة الانتقالية، وعدم الانتباه لخطورة انفراد العسكر بوضع الأسس والأطر الحاكمة للمرحلة الانتقالية.
وعرض المحور الثالث طبيعة العلاقة بين الإخوان والدولة، من خلال طرح عناصر رئيسة، هي: العمل السياسي تحت السقف، والأفق الذي فرضته الدولة، وعدم محاولة رفع سقف ذلك أو تجاوزه، والرضا بكون جماعة الإخوان ملفا أمنيا طوال الوقت، وعدم السعي لنقله إلى ملف سياسي، وغياب أي مؤشرات للطموح السياسي عمليا أو في مساحة تطوير الفكر السياسي أو التنظير له، وعدم انتهاز فرص الانفتاح والتمدد فيها، وعدم العمل الجاد لجعل حرمان منتسبي الإخوان من الوجود في المؤسسات العامة للدولة، كقضية رأي عام ضاغط أو مطلب عادل، والاستسلام في ذلك للواقع.
أما الورقة الرابعة والأخيرة، فقد تحدثت عن علاقة جماعة الإخوان بذراعها السياسية، حزب "الحرية والعدالة"، متطرقة إلى ما وصفته بـ"التداخل الوظيفي والمقاصدي بين الحزبي التنافسي والدعوي التنظيمي". وتحدثت عن مدى جاهزية الجماعة السياسية، والتقصير في صناعة وتطوير القيادات والكوادر الحزبية، والتقصير في الإعداد لإدارة الدولة، والوقوع في مصيدة الأخونة.
وقال المنسق الإعلامي لملف التقييمات بالجماعة، عباس قباري، إن جماعة الإخوان انتهت من المرحلة الأولى من طرح تقييمات فترة ما بعد الثورة، وبدأت ثاني مراحل التقييم بفتح النقاش لأعضاء الجماعة بالداخل والخارج بالتوازي مع فتح النقاش المجتمعي حول هذا الملف بين النخب والرموز السياسية والفكرية والشرعية والمهتمين بالشأن العام.
وأضاف –في بيان له أمس- أن "تقييم الفترة الماضية هو أولى مراحل إعلان رؤيتنا لكسر الانقلاب العسكري، ومن ثم تأسيس وطن حر يقيم العدالة والشفافية ويجمع كل أبناء الوطن".
وأردف: "ستعمل الجماعة على الاستفادة من كل آراء المخلصين والمفكرين وأصحاب الرأي والتجارب، لاستكمال ملف التقييمات، قبل اعتماده بشكله النهائي داخل مؤسسات الجماعة المنتخبة، توطئة لإصدار وثيقة بهذه التقييمات في شكلها النهائي، لتكون سُنة يستن بها القادة المقبلون لجماعتنا، وليكون التقييم والتعديل والتصويب هو منهج جماعتنا بشكل دائم، لنسير دائما بخطى نحسب أن تكون صحيحة لتحقيق المشروع والنهوض بالوطن والأمة".