تخوض القوات
العراقية، الأحد، معارك عنيفة عند أطراف المدينة القديمة في الجانب الغربي للموصل، بهدف كسر دفاعات
تنظيم الدولة على طريق استعادة السيطرة على كامل المدينة.
وتضم المدينة القديمة مباني متلاصقة وشوارع ضيقة لا تسمح بمرور غالبية الآليات العسكرية التي تستخدمها قوات الأمن، ما يجعل المعارك فيها أكثر خطورة وصعوبة.
ويقع داخل المدينة القديمة مسجد النوري الذي أعلن منه زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي عام 2014 "الخلافة" في مناطق سيطرة التنظيم في العراق وسوريا.
وتقوم قوات من الشرطة الاتحادية والرد السريع، مجهزة بأسلحة هجومية، بالتقدم من جهة نهر دجلة تزامنا مع إطلاق قذائف هاون وأخرى صاروخية.
وقال العميد عباس الجبوري قائد قوة الرد السريع إن "هدف المعركة عبور الجسر الحديدي باتجاه الشمال" في عمق الجانب الغربي.
وأضاف أن "الصعوبات تتمثل بوجود العائلات وكيفية تفادي إطلاق النار في اتجاهها وعدم تحويل أفرادها إلى دروع بشرية. أنها مدينة قديمة ومنازلها قديمة ونادرا ما نستخدم (فيها) أسلحة ثقيلة".
إلى ذلك، أطلقت طائرات هليكوبتر تابعة للجيش العراقي صواريخها ونيرانها على مواقع لتنظيم الدولة في المدينة القديمة بالموصل، الأحد، مع اقتراب القوات على الأرض من جامع
الموصل الكبير (جامع النوري) الذي يمثل مكسبا استراتيجيا له دلالة رمزية.
وتجاوزت قوات الشرطة الاتحادية في تقدمها محطة القطارات في غرب الموصل لتقترب أكثر من الجامع الكبير. وقال قيادي بالشرطة إنهم اقتربوا جدا من بسط السيطرة عليه.
وفر السكان من المنطقة وهم يحملون أمتعتهم ويشقون طريقهم عبر المباني المدمرة بينما تدوي أصوات القذائف وإطلاق النار من خلفهم. ومعظمهم من النساء والأطفال.
وقال متحدث باسم الشرطة "استأنفت قوات الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع تقدمها بعد توقف العمليات بسبب الطقس السيئ. تستهدف القوات استعادة بقية المدينة القديمة".
ودخلت معركة استعادة المعقل الأخير لتنظيم الدولة في العراق شهرها السادس. واستعادت قوات الحكومة العراقية مدعومة بمستشارين أمريكيين ونيران المدفعية والدعم الجوي الأمريكي شرق مدينة الموصل ونصف غربها وتركز الآن على بسط السيطرة على المدينة القديمة.
واستهدف القتال في الآونة الأخيرة جامع النوري الذي شيد قبل مئات السنين بمئذنته المائلة الشهيرة. ومن شأن السيطرة على الجامع توجيه ضربة لتنظيم الدولة حيث أعلن منه أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم قيام دولة خلافة في تموز/يوليو 2014 بعد أن سيطر المتشددون على مساحات واسعة من الأراضي في العراق وسوريا.
ويقدر مسؤولون أمريكيون أنه لا يزال هناك نحو ألفي مقاتل من تنظيم الدولة داخل ثاني أكبر المدن العراقية ويقاومون باستخدام قذائف "المورتر" والقناصة وتفجيرات السيارات الملغومة في مواقع الجيش.
ولا يزال علم تنظيم الدولة الأسود يرفرف من مئذنة الجامع الكبير حتى اليوم الأحد.
وأعلنت القوات العراقية خلال الأيام الماضية استعادة السيطرة على عدد كبير من إحياء الجانب الغربي للموصل بينها سوق وجامع في المدينة القديمة.
وبدأت القوات الأمنية، بعد استعادتها السيطرة على الجانب الشرقي للموصل مطلع العام الحالي، عملية في 19 شباط/فبراير لاستعادة غرب الموصل.
وبدأت القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2016، عملية عسكرية واسعة لاستعادة السيطرة على الموصل التي تعد آخر اكبر معاقل الجهاديين في البلاد.
فرار السكان
تقدم أفراد الشرطة الاتحادية سيرا على الأقدام من محطة القطار بالقرب من المدينة القديمة عبر الشوارع المليئة بالأنقاض.
وقال اللواء خالد العبيدي القيادي بالشرطة للصحفيين من على الجبهة "قوات الشرطة الفيدرالية والتدخل السريع استأنفت تقدمها بعد توقف للعمليات بسبب سوء الحالة الجوية. القوات لديها هدف استعادة ما تبقى من المدينة القديمة".
وأصدر العبيدي أوامر عبر جهاز اللاسلكي مع سقوط قذائف "مورتر" خلف موقعه.
وشهد الصحفيون ضربة جوية تستهدف مواقع لتنظيم الدولة على بعد 300 م من خط الجبهة. وحلقت طائرات هليكوبتر في سماء المنطقة وأطلقت صواريخ ونيران المدافع الرشاشة على الأرض.
وقال بيان إن الشرطة الاتحادية اعتقلت أيضا حسام شيت الجبوري المسؤول في تنظيم الدولة عن ديوان الحسبة في منطقة باب السجن بالموصل.
وسارت العائلات مع كبار السن والأطفال في شوارع غرب الموصل الموحلة مرورا بالمباني المتضررة بفعل الرصاص والقنابل أمس السبت. وقال بعض السكان إنهم لم يتناولوا طعاما يذكر منذ أسابيع ويهرولون من أجل الحصول على بعض الإمدادات التي تقدمها وكالة إغاثة محلية.
وقال أحد السكان "شيء فظيع. تنظيم الدولة دمرنا. لا يوجد أي طعام أو أي خبز. لا يوجد أي شيء على الإطلاق".
وقد يكون داخل المدينة مع المتشددين نحو 600 ألف مدني. وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن نحو 255 ألفا نزحوا من الموصل والمناطق المحيطة منذ أكتوبر تشرين الأول بينهم ما يربو على 100 ألف منذ بدء الحملة العسكرية في غرب الموصل في 19 شباط/فبراير.
وشهد الأسبوع الماضي أكبر حركة للنازحين إلى الآن مع نزوح 32 ألفا في الفترة من 12 إلى 15 مارس آذار.