حذر مختصون في الشأن الفلسطيني من تداعيات المخاطر المترتبة على قرار الاحتلال
الإسرائيلي بتصنيف "
الصندوق القومي الفلسطيني" التابع لمنظمة التحرير "
منظمة إرهابية"، مؤكدين أن هذا القرار "يعكس تحولا خطيرا في السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين".
وأصدر وزير الأمن الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان قرارا، الخميس الماضي، يقتضي بتصنيف الصندوق القومي الفلسطيني "منظمة إرهابية، لدعمه نشطاء إرهابيين نفذوا عمليات خطيرة ضد إسرائيل"، كما تعهدت "إسرائيل" بالعمل على ضبط ومصادرة ممتلكات وأموال الصندوق ضمن حدود فلسطين المحتلة أو خارجها، وفق ما أورده موقع "i24" الإسرائيلي.
وتعتبر "إسرائيل" الصندوق بمثابة "أنبوب تمويل مهم"؛ لأنه ينفق بشكل شهري مبالغ مالية لعائلات الأسرى في السجون الإسرائيلية، ويقدم دعما للجرحى وذوي الشهداء.
اقرأ أيضا: إسرائيل تصنّف الصندوق القومي الفلسطيني "منظمة إرهابية"
ويتخذ الصندوق -الذي أسس عام 1964 ويرأسه حاليا رمزي خوري- من العاصمة الأردنية عمّان مقرا له، وهو إحدى الدوائر التي أنشئت من قبل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير؛ بهدف تمويل أعمالها وأنشطتها المختلفة، وتجمع أمواله بفرض الضرائب على الفلسطينيين، إلى جانب هبات وتبرعات من جهات مختلفة.
تحول خطير
وحذر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، ناجي شراب، من "الخطورة الكبيرة التي يشكلها القرار الإسرائيلي"، موضحا أنه "يعكس تحولا خطيرا في السياسة الإسرائيلية تجاه التعامل مع الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، منظمة التحرير".
وقال لـ"عربي21" إن الصندوق القومي "هو أحد المكونات الأساسية لمنظمة التحرير، وعندما يعلن الاحتلال أنه منظمة إرهابية، فهذا يتضمن إعلانا واضحا أن هذه المنظمة هي مؤسسة إرهابية أيضا، وهو ما ينفي عنها صفة الشرعية والتمثيل، ويجعل من كافة أعمالها أنشطة إرهابية".
وأضاف شراب: "هذا يعني أن إسرائيل تسحب اعترافها السابق بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، ما يترتب عليه إلغاء صريح وواضح لاتفاقات أوسلو من قبل الاحتلال".
وأشار إلى أهمية أن "تعيد المنظمة النظر في اتفاقياتها مع الاحتلال، وتتخذ موقفا صريحا بدخولها في مرحلة نضال سياسي جديد؛ هي مرحلة
الدولة الفلسطينية، وهذا يستوجب خيارات سياسية ودولية للعمل على إنهاء الاحتلال".
وحول الآثار الاقتصادية والسياسية التي يخلفها القرار، أكد شراب أن "هذا يعني شل كل أنشطة المنظمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها، وهي التي تنفق من خلال هذا الصندوق على كافة الفصائل الفلسطينية المنطوية تحت لوائها، بالإضافة إلى أسر الشهداء والأسرى"، لافتا إلى أن "النشاط السياسي مرتبط بشكل كبير بالقدرات المالية".
اقرأ أيضا : عباس يبلغ مبعوث ترامب بـ3 شروط لعودة التفاوض مع إسرائيل
وأوضح أن "إسرائيل تستبق أي جهد أمريكي خاص بالتسوية السياسية أو استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؛ من أجل إلغاء كل ما يتعلق بالكينونة الفلسطينية، خصوصا ما يصب في صالح الدولة الفلسطينية"، مؤكدا أن "إسرائيل لا تريد دولة فلسطينية، ولا أي شكل من أشكال الكينونة الفلسطينية".
سحب وتجفيف
ورأى شراب أن "إسرائيل تنسف أي محاولة للتوصل إلى تسوية تاريخية؛ لأنها تحاول أن تفرض شكلا من أشكال المفاوضات وفق مرجعتيها الخاصة بها"، معتبرا أن القرار الإسرائيلي "وضع نهاية لأي إمكانية مفاوضات جديدة، بل الأخطر هو سحب اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير".
من جانبه، أكد خبير الاقتصاد السياسي، عادل سمارة، أن "الكيان الصهيوني يعتبر كل ما هو فلسطيني عدوا"، موضحا أن "التناقض في القرار الإسرائيلي يتمثل في أن إسرائيل اعترفت بمنظمة التحرير ممثلة للفلسطينيين، وبالتالي هذا يفرض أن تكون مؤسسات المنظمة غير معادية".
وقال لـ"عربي21" إن "التصعيد الإسرائيلي في هذه الفترة يتناسب مع وجود ثلاثة رؤوس للثورة المضادة في المنطقة، وهي النظام السعودي والإسرائيلي والأمريكي"، مضيفا أن "هذا التحالف الثلاثي يستوجب الضغط على الفلسطينيين"، وفق قوله.
وأكد أن "الكيان الصهيوني يذهب باتجاه التخلص من تبعات أوسلو، وشطب حل الدولتين؛ للانتهاء بدولة لكل مستوطنيه وليس مواطنيه، لكنه في الوقت ذاته لا يريد التخلص من الحكم الذاتي"، معتبرا أن اعتبار الصندوق "منظمة إرهابية ينسحب على المنظمة التي هي الحالة الحقيقة التي يُعدّ الصندوق أداة من أدواتها".
اقرأ أيضا : أربعة مؤتمرات فلسطينية تزعج "السلطة".. ماذا تبقى لعباس؟
ونبه سمارة إلى خطورة الآثار الاقتصادية التي سيخلفها القرار الإسرائيلي، والتي ستطال "
تجفيف موارد الصندوق المالية، وذلك بالضغط على مقدمي المساعدات؛ لتحويلها إلى منظمات المجتمع المدني، وهو ما تحدث به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا"، متوقعا أن يتم "قطع رواتب عشرات آلاف المعتقلين الفلسطينيين السابقين، ما يعني الضغط على كل من له تاريخ نضالي".