قالت صحيفة "الغارديان" إن العلماء الأمريكيين نجحوا في الحفاظ على أجزاء من أنسجة القلب ولأول مرة، في تطور يمكن أن يمهد الطريق لتخزين أعضاء الإنسان لأشهر ولسنوات.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن العلماء استخدموا أسلوب التجميد وتدفئة الأنسجة، فيما يعرف بـ cryogenically، لافتا إلى أنه في حال تمت توسعة العمل ليشمل أعضاء بشرية كاملة- ويتكهن العلماء أن بمقدورهم فعل ذلك- فإن ذلك قد يؤدي إلى إنقاذ حياة الآلاف من الناس الذين يموتون سنويا وهم ينتظرون عملية زرع أعضاء.
وتبين الصحيفة أنه تم الترحيب بهذا الإنجاز كونه تطورا مهما في مجال cryopreservation، بشكل يعطي الباحثين العلميين الفرصة لتدفئة أجزاء كبيرة من العينات المحفوظة دون الإضرار بها، مشيرة إلى أن الباحثين استطاعوا تجاوز المشكلة، من خلال حقن الأنسجة بجزئيات مغناطيسية "نانو"، التي يمكن تحفيزها في مجال مغناطيسي، بشكل تولد دفعات سريعة ومتتالية من الحرارة.
وينقل التقرير عن الرئيس التنفيذي في معهد فحص تكنولوجيا الأنسجة في تشارلستون في ساوث كارولينا، والمؤلف المشارك في
الدراسة كيلفن بروكبانك، قوله: "إنه عمل مهم بالنسبة لي، ونستطيع في الحقيقة رؤية الطريق أمامنا، والاستخدام السريري وحفظ الأنسجة والأعضاء في البنوك وداخل المرضى".
وتلفت الصحيفة إلى أنه في الوقت الحالي يجب زرع الأعضاء، خاصة القلب والكبد والكلى، في غضون ساعات؛ لأن الخلايا تبدأ بالموت سريعا، وبعد قطع العضو عن مجال سريان الدم، ونتيجة لهذا فإنه يتم التخلص كل عام من نسبة 60% من القلوب والرئات الجاهزة للزراعة؛ لأن هذه الأعضاء لا يمكن الاحتفاظ بها مجمدة إلا لساعات قليلة.
وينوه التقرير إلى أن دراسة تقدر أنه لو تمت زراعة نصف الأعضاء غير المستخدمة في عمليات ناجحة، فإنه سيتم التخلص من فترة الانتظار في غضون عامين أو ثلاثة أعوام، لافتا إلى أن الدراسة الحالية تعد خطوة في هذا الاتجاه.
وتورد الصحيفة نقلا عن البروفيسور في الهندسة البيولوجية محمد تونير، الذي يعمل على cryopreservation في جامعة هارفارد، قوله: "هذا إنجاز كبير، وسيكون محفزا للكثير من الباحثين لمحاولة عمل هذا في المختبرات، أنا معجب به".
ويفيد التقرير بأن Cryopreservation تقنية موجودة منذ عقود، لكنها تعمل جيدا في مجال حفظ خلايا الدم الحمراء والبويضات والحيوانات المنوية، وهي عينات صغيرة وليس كبيرة، مشيرا إلى أنه في الماضي كان يتم تبريد الخلايا الكبيرة باستخدام تقنية vitrification، التي يتم من خلالها حقن الأنسجة بخليط من المضادات للتجمد، مثل المواد الكيماوية ومحلول لحفظ العضو البشري، وعندما يتم حفظها تحت درجة حرارة 90 مئوية، فإن السائل يتحول إلى زجاج ويمنع تحطم حبيبات الثلج الذائبة من التشكل مرة أخرى.
وتذهب الصحيفة إلى أن المشكلة الرئيسية ظلت مرتبطة بعملية التذويب، فطالما لم تتم عملية التدفئة بسرعة وبشكل متتابع، فإن الشقوق تبدأ بالظهور على النسيج، وتسمح لحبيبات الثلج بالتشكل والتوسع، بشكل يؤدي إلى تدمير بنى الخلايا، حيث يقول تونير: "نستطيع تجميد النسيج ويظل في حالة جيدة، لكن عندما نقوم بتدفئته فإننا نواجه مشكلات".
ويكشف التقرير عن أنه في التقنية الجديدة يتم توسيع مستوى الحفظ cryopreservation من ميلميتر واحد إلى 50 ميلميترا، لافتا إلى أن الباحثين يعتقدون أنه يمكن استخدام التكنيك ذاته في عمليات زراعة أنسجة أكبر، وأجزاء من نسيج الرحم، وحتى أعضاء كاملة.
وتورد الصحيفة نقلا عن البروفيسور في الهندسة الميكانيكية في جامعة مينسوتا، والمؤلف البارز للدراسة الحالية جون بيتستشوف، قوله: "توصلنا إلى نتائج واعدة بشكل كبير، ونعتقد أننا سنكون قادرين على عملها، ولم نفعلها بعد".
ويذكر التقرير أن بروكبانك وزملاءه حاولوا القيام بهذه الخطوة سابقا لكنهم فشلوا، من خلال استخدام مايكروويف للتدفئة، وتوليد عملىة تذويب، لكنها "فشلت فشلا ذريعا بسبب نشوء نقاط دافئة على النسيج".
وتقول الصحيفة إن دراسة نشرت في المجلة العلمية للعلوم والأدوية المتعدية، وصفت الطريقة الجديدة nano-warming، حيث تم حقن أوردة قلب خنزير بمحلول cryoprotectant، وتم خلطها بجزئيات أوكسيد الحديد والمغلفة بالسيلكون؛ لجعلها خاملة بيولوجيا، وتم تبريد العينات في محلول نيتروجين، ومن أجل التذويب تم وضع العينة داخل لفة إلكترو- مغناطيسية مصممة لتولد حقلا مغناطيسيا متناوبا، ومع تردد الحقل أماما وخلفا تحركت الجزيئات داخل العنية بشكل سريع ومتتابع لتدفئة النسيج على مستوى 100- 200 سي في الدقيقة، أي بسرعة 10-100 من الوسيلة السابقة.
ويوضح التقرير أنه في فحص لآلية وبيولوجية المادة فلم يظهر على الأنسجة أي ضرر، خلافا لتلك العينات التي تمت تدفئتها ببطء من خلال الثلج، مشيرا إلى أن الباحثين استطاعوا غسل محلول جزيئات أوكسيد الحديد من العينة بعد تدفئتها بنجاح.
وتنقل الصحيفة عن فريق البحث، قوله إنه يجب إجراء فحوض إضافية قبل تطبيق الأسلوب الجديد على المرضى، لافتة إلى أن الفريق يقوم الآن بفحص الأسلوب على كلية أرنب ونسيج بشري مركب من بشرة وعضلة وأوعية دموية، حيث قال بروكبانك: "ستكون هذه أول تجربة لنا مع الأنسجة البشرية"، وأضاف: "لو نجحت فسنواصل التقدم نحو أشكال أخرى، مثل حفظ وجه الإنسان ويديه"، لكنه قال إن هناك صعوبة في وضع جدول زمني عندما يتم استخدام هذا في الجانب السريري؛ لأن هذا يعتمد على المصادقة، وتجاوز العديد من التحديات العلمية.
وبحسب التقرير، فإن العلماء يأملون بأن تثير دراساتهم اهتمام صناعة الكريونكس، التي تعد بتجميد الأجساد والرؤوس للعملاء بعد وفاتهم؛ أملا بإعادة الحياة لها في المستقبل عندما يتقدم الطب.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن الإحصائيات تقول إن هناك حوالي 49 ألف شخص في بريطانيا انتظروا
زراعة أعضاء، ومات أكثر من ستة آلاف، بينهم 270 طفلا قبل حصولهم على الزراعة.