حذر محللون وخبراء من وجود العديد من شبكات
التجسس في
لبنان، بفعل ضعف الدولة اللبنانية، وتفوق أجهزة الاستخبارات لأطراف عدة، بينها "
إسرائيل" التي تنشط في تجنيد عملاء على الأراضي اللبنانية.
وكان جهاز الأمن العام اللبناني قد أعلن الأربعاء عن كشف شبكات تجسس لصالح "إسرائيل"، وقال في بيان: "أوقفت اللبنانيين (ج.ش)، و(ج.خ)، والفلسطيني اللاجئ في لبنان (م.م)، والنيباليتين (S.D) و(B.S) بجرم التخابر مع سفارات تابعة للعدو الإسرائيلي في الخارج"، وأكد أن الموقوفين بالتواصل مع السفارات الإسرائيلية في تركيا، والأردن، وبريطانيا والنيبال.
وأعلنت الأجهزة الأمنية اللبنانية في السابق عن اكتشاف عشرات شبكات التجسس، وأنها اعتقلت مئات المتهمين بالتعامل مع المخبرات الإسرائيلية. ومنذ عام 2009 أكثر من 100 شخص ينتمون إلى المؤسسات العسكرية والموظفين في قطاع الاتصالات والوزارات الهامة، بتهمة التجسس.
يشار إلى أن حزب الله أوقف أحد مسؤوليه صيف 2014 بتهمة
العمالة مع "العدو الإسرائيلي". وكان هذا المسؤول، وهو محمد شوربة (من بلدة محرونة الجنوبية)، يتولى مهامّ التنسيق في الوحدة المسؤولة عن "العمليات الأمنية" التي ينفذها الحزب خارج لبنان، ويقال إنه كان يمتلك معلومات حساسة وهامة، ما اقتضى تغييرات جذرية أجراها الحزب في إطاره التنظيمي والأمني.
لبنان يعج بخلايا التجسس
من جهته، قال الخبير الاستراتيجي، وهبة قاطشيا، إن "الساحة اللبنانية غنيّة بالخلايا الاستخباراتيّة التي تنشط عادة؛ في ظل الدولة الضعيفة غير القادرة على إمساك وضعها الداخلي بتفاصيله كافة".
ورأى قاطيشا، في حديث مع "
عربي21"؛ أن العديد من "اللبنانيين لديهم ارتباطات داخلية وخارجية واتصالات إقليمية، ولذلك تتكاثر الشبكات الاستخباراتية التابعة لدول إقليمية وأيضا لدول كبرى"، على حد قوله.
واعتبر قاطيشا أن ما حقّقه الأمن العام من كشف لهذه الشبكات "هو أمر بديهي، حيث يتوجب على الأجهزة الأمنيّة أن تكون ناشطة للكشف عن أي محاولة للتجسس لحساب أي طرف أو دولة".
لماذا السفارات؟
وحول أسباب اتجاه المتخابرين مع الاحتلال إلى السفارات الإسرائيلية في الخارج للتنسيق وترتيب عمليات التجسس، قال قاطيشا: "النشاط الإسرائيلي المباشر في لبنان مفضوح، واللجوء إلى السفارات الخارجية يؤمن الوقاية اللازمة للاستخبارات الإسرائيلية، وكذلك يقلّل من فرص كشف المتعاملين معهم في لبنان"، كما قال.
وحول الأهداف الإسرائيلية من رفع وتيرة التجسس في لبنان، أوضح قاطيشا أن "القيادة الإسرائيلية تسعى للوصول إلى كلّ أسرار الدول العربية، وبالتالي تعمل في المجال الذي تتمكن من خلاله النفاذ والوصول إلى معلومات تزيد من قدرتها على المعرفة الشاملة حول أوضاع البلاد العربية لا سيما لبنان"، مضيفا: "هو مخطط استراتيجي تحاول من خلاله الحكومة الإسرائيلية معرفة ما يدور في محيطها الذي يكن لها عداوة مطلقة منذ نشأة الكيان الإسرائيلي".
القانون الدولي
وحول إمكانية ملاحقة المتورطين بالتجسس، ومن بينهم الاحتلال الإسرائيلي، أمام المحاكم الدولية، قال الدكتور خليل حمادة، الخبير في القانون الدولي، لـ"
عربي21": "يجيز القانون الدولي لأي دولة تقديم شكوى إلى مجلس الأمن ومتابعة شكواها أمام القضاء الدولي"، لكنّه لفت إلى أن "لبنان قام بإجراءات عدّة في مجلس الأمن الدولي ضد عمليات التجسس الإسرائيلية، وأيضا لجهة الخروقات التي يمارسها الطيران التابع للاحتلال في الأجواء اللبنانية، من دون أن تحقق كل هذه الملاحقات نفعا، في ظل الصمت المطبق الذي يغلّف مؤسسات الشرعية الدولية ضد بعض القضايا".
واعتبر حمادة أن "القوي لديه سطوة في المحافل الدولية"، مشيرا إلى أن "الطرق القانونية متوفرة لملاحقة منتهكي سيادات الدول، لكن التطبيق الإجرائي غير حاصل".
وأردف: "منذ القرار 242 (في مجلس الأمن) وهناك قرارات أممية تنتهك ولا تحترم، لا بل يتم التغاضي عن تنفيذها، من دون أن يكون هناك تبريرات حقيقية لتعطيل أو ترحيل تلك القرارات التي تخص شعوبا وتتعلق بالأمن العالمي في الكثير منها".
وشدد حمادة على أن "لبنان تعرض تحديدا لتهميش في قضاياه أمام مؤسسات الشرعية الدولية، فالمجازر التي ارتكبت على أراضيه، والانتهاكات المتعددة ظلت حبيسة الأدراج الأممية".
وحول جدوى الاستمرار في رفع القضايا والشكاوى أمام المؤسسات الدولية، أكد حمادة على "ضرورة الاستمرار في توثيق كافة الانتهاكات والتجاوزات التي ترتكب من قبل الإسرائيليين تحديدا، لا سيما التجسس الذي يعد اعتداء على السيادة، وهو بمثابة عدوان على أرض دولة أخرى، ولأن لبنان دولة منضوية تحت مظلة الأمم المتحدة والشرعية الدولية"، على حد قوله.
واستغرب حمادة مما اعتبره "ازدواجية المعايير" في مجلس الأمن، وقال: "مروحة القرارات الدولية واسعة لكنها انتقائية، فهناك العديد من القرارات التي صدرت ويتم تطبيقها بحذافيرها كما حصل في العراق، وأيضا فيما يخصّ الملف النووي الإيراني، بعكس قرارات أخرى يتم التعتيم عليها، وتجاوزها تماما، إلى جانب أن إسرائيل تكون بمنأى دائما عن أي مساءلة قانونية وحتى أخلاقية"، كما قال.