نشر معهد واشنطن للدراسات تقريرا تحدث فيه عن مدى خطورة
تنظيم الدولة على الأردن، خصوصا بعد الأحداث الأخيرة في مدينة الكرك، التي أسفرت عن مقتل 17 شخصا وعشرات الجرحى، مشيرا إلى أن سنة 2017 ستكون صعبة على الأردن.
وقال المعهد إنه "بين الاعتداءات وعمليات الاعتراض، قُتل نحو ثلاثين مدنيا أردنيا في عام 2016، بالإضافة إلى ثلاثة جنود أمريكيين وسائحة كندية. وفي المقابل، تشير البيانات الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية إلى وقوع عمل إرهابي واحد على الأراضي الأردنية في عام 2015 (علما بأنه تم إحباط مخطط واحد كبير على الأقل لتنظيم «الدولة الإسلامية» في ذلك العام)".
وقال إنه "على الرغم من هذه الصعوبات، يبقى الأردن بمثابة جزيرة تنعم بالاستقرار في منطقة مضطربة، وحليفا أساسيا في الحرب على تنظيم «الدولة». ولكن في غياب أي بصيص أمل بانتهاء الحرب في سوريا أو تداعياتها الإرهابية في المستقبل القريب، يَعِد عام 2017 بتحديات أكبر أمام الجهود الأردنية لمكافحة الإرهاب، وهذا صراع له تبعات سياسية محتملة على القصر الملكي".
وأشار المعهد إلى أنه "طوال عام 2016، تكررت تقارير الصحافة الأردنية عن اعتقالات ومحاكمات وسجن مقاتلين إسلاميين متشددين، سواء من السكان المحليين أو من المواطنين السوريين. والخبر الأبرز هو قيام قوات الأمن في مدينة إربد شمال الأردن بقتل سبعة إرهابيين من تنظيم «الدولة » في آذار/ مارس، يُدّعى أنهم كانوا بصدد إنجاز المراحل النهائية من التخطيط العملياتي لهجوم مُزمع".
وأضاف أنه "وفي الآونة الأخيرة، وبعد وقوع انفجار في إحدى الشقق في كانون الأول/ ديسمبر، وإبلاغ السلطات حول التهديد، قام إرهابيو تنظيم «الدولة» بحجز الرهائن في الكرك، الأمر الذي أسفر عن مقتل العديد من المدنيين، بالإضافة إلى عناصر أمنية وأخرى تابعة للقوات الخاصة. وأشارت تقارير صحفية إلى أن الخلية -التي شملت أردنيا كان قد اعتُقل سابقا وأفرج عنه بعد محاولته الانضمام إلى الجهاد في سوريا- كانت تخطط لتنفيذ الهجمات ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة".
وتابع: "وعلاوة على استهداف المدنيين، صبّت عناصر تنظيم «الدولة» تركيزها خلال العام الماضي على المواقع الأمنية الأردنية؛ ففي 6 حزيران/ يونيو، قام مهاجم منفرد بدخول مجمّع لـ"دائرة المخابرات العامة" المجاورة لمخيم "البقعة" للاجئين، الذي يقع على بعد عشرين دقيقة شمال عمان، وأطلق النار على خمسة ضباط، وأرداهم قتلى، قبل أن يلوذ بالفرار".
وبين أنه وبعد أسبوعين، قامت عناصر التنظيم بتفجير سيارة مفخخة في قاعدة عسكرية أردنية في "الرقبان" على الحدود السورية، فأودوا بحياة ستة جنود.
ورجعت ورقة المعهد إلى تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث "قام جندي أردني متطرف بقتل ثلاثة جنود أمريكيين من القوات الخاصة على ما يبدو، خلال تأديته مهام الحراسة في "القاعدة الجوية" في "الجفر"، علما بأن النتائج النهائية للتحقيق الرسمي لم تصدر بعد".
وإذا تأكدت هذه المعلومات الأخيرة، فهذا يعني أن خمسة عسكريين أمريكيين لاقوا حتفهم في الأردن في ما يعرف بهجمات "القوات المحايدة"، وذلك في غضون اثني عشر شهرا، أي أكثر من عدد الجنود الأمريكيين الذين قُتلوا في أفغانستان خلال الفترة نفسها.
وبين أنه "من المحتمل أن ارتفاع وتيرة اعتقال المقاتلين الإسلاميين المزعومين يشير إلى الخطر المتزايد من جهة، وارتفاع درجة اليقظة لدى المملكة من جهة أخرى. ولكن بغض النظر عن النجاحات العديدة في مجال مكافحة الإرهاب، يبدو أن "الجهاز الأمني الأردني" لم يؤدِّ مهامه بالمستوى المطلوب في العديد من الحالات".
بالنسبة لواشنطن، يقول المعهد إنه "يجب أن تكون القضايا المتعلقة بازدياد الحوادث الإرهابية والرد الأردني المتردد أحيانا مدعاة للقلق. ويقينا أن هذه الاعتداءات لا تهدد مباشرة استقرار دولة أثبتت مرونتها بوجه الإرهاب، لكن الحوادث الأمنية المتواصلة تعقّد الجهود الأردنية للتصدي للتحديات الملحة الأخرى، بما فيها الاقتصاد الضعيف، والبطالة المرتفعة للغاية، واستقبال أكثر من مليون لاجئ سوري".
يضيف المعهد: "والأسوأ من ذلك" هو أنه يبدو أن الحرب في البلد المجاور -التي لا تبدو لها نهاية في سوريا- تدفع المزيد من الأردنيين إلى التطرف. وتفيد بعض التقارير بأن سجون البلاد تعج بالسجناء المتهمين من قبل "محكمة أمن الدولة" بالتعاطف مع تنظيم «الدولة» على شبكة الإنترنت. كما أن ما يقدر بنحو 2,500 أردني انضموا بالفعل إلى الجهاد في سوريا، ويقاتلون في صفوف تنظيم «الدولة» والفروع المحلية لتنظيم «القاعدة».
ويقول المعهد إنه وعلى الرغم من أن الجهاز الأمني الأردني لا يزال ملتزما ومخلصا، وفعالا بصفة عامة، بحيث يُصنّف بين الأفضل في المنطقة، إلا أنه لا يشكل حلا شاملا لمشاكل البلاد.
واستنادا إلى المسار الحالي، من المحتمل أن تكون سنة 2017 عاما صعبا آخر على المملكة. لكن لحسن الحظ، إذا كان في التغيرات العسكرية الأخيرة أي دلالة، فهي أن الملك عبد ا لله لا يتهاون بشأن أمن الأردن.
وبينت المعهد أن الأردن يعد قاعدة رئيسية للعمليات الجوية الأمريكية ضد تنظيم «الدولة» في سوريا. وحيث تدرك واشنطن أهمية المملكة، فقد قدمت لها دعما بقيمة 1.6 مليار دولار في عام 2016، من ضمنها نحو 800 مليون دولار كمساعدات عسكرية. ويأتي هذا المستوى من المساعدات في محله؛ نظرا لقيمة حلفاء الغرب المستقرين في الشرق الأوسط ونُدرتهم.