التفجيرات التي ضربت تركيا والعراق مؤخرا تؤكد ان تنظيم داعش يتمدد رغم كل المعارك التي تخاض ضده في سوريا والعراق ، والتنظيم لم يعد محصورا في جغرافية محددة او في بلد معين ، بل هو ينتشر كالاخطبوط في كل بقاع العام ولم تنجح كل الاجراءات لوقف العمليات التي ينفذها افراده في مختلف مناطق العالم ، وان كان ينبغي الاشارة الى لبنان الذي نجحت اجهزته العسكرية والامنية في كشف عشرات المجموعات التي تتبع لداعش وتنظيمات متطرفة ويحظى هذا البلد بنوع من الاستقرار الامني النسبي ، ويعود ذلك الى الاستقرار السياسي الداخلي اولا والى الخبرات والامكانيات المميزة التي تتمتع بها اجهزته العسكرية والامنية ، مما يجعل لبنان نموذجا يستحق التوقف عنده.
واما على الصعيد العربي والاسلامي وبعد مرور حوالي العامين ونصف على قيام دولة داعش ما بين سوريا والعراق وبعد بدء الهجوم الاخير على الموصل والتطورات الاخيرة في سوريا ، فقد توقع البعض تراجع هذا التنظيم وانحساره جغرفيا وعسكريا وامنيا ، لكن بعكس هذه التوقعات هانحن نشهد المزيد من انتشار الفكر الداعشي وتأثيره في العديد من الساحات العربية والاسلامية وصولا لبعض المناطق في العالم ، واصبحت داعش واخواتها كبوكو حرام وتنظيم بيت المقدس وحركة الشباب الصومالي وفروع القاعدة تشكل اخطر تهديد للامن العربي والاسلامي والعالمي.
وبموازة ذلك فان الصراعات في اكثر من بلد عربي تزداد وتأخذ ابعادا عربية واسلامية ودولية ولم تعد مقتصرة على الصراع الداخلي او من اجل الاصلاح السياسي او اسقاط النظام الحاكم وما يجري في سوريا والعراق واليمن والبحرين وليبيا نماذج من هذه الصراعات التي ليس لها اي افق منظور للحلول السياسية، رغم الاعلان عن وقف اطلاق النار واعلان الهدنة في سوريا مؤخرا والتطورات الجارية في العراق، مع استثناء البحرين الذي لا يزال الصراع فيه له طابع سياسي وامني محدود.
والخوف الاكبر ان يزداد تمدد المشكلات والتفجيرات الامنية الى دول جديدة كما يجري مع تركيا والاردن وكما جرى مع السعودية والكويت قبل سنة ونصف تقريبا مع وجود مخاوف لتمددها الى بقية دول الخليج وايران ودول اخرى في افريقيا واوروبا واسيا، كما يطال التهديد الامني دولا اخرى تسعى للحفاظ على استقرارها مثل مصر و تونس والجزائر والمغرب في ظل وجود مخاوف جدية من تمدد التفجيرات والعمليات المسلحة من تونس الى دول جديدة شمال وغرب افريقيا نظرا للوجود المكثف لتنظيم داعش والتنظيمات المتشددة في ليبيا وانتشارها في العديد من المناطق الافريقية.
ويترافق ذلك مع استمرار الصراع السعودي – الايراني في ظل المخاوف السعودية من التمدد الايراني في المنطقة وعدم التوصل الى حلول للازمات المختلفة في المنطقة.
كل ذلك يؤكد ان مواجهة خطر داعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة لا يمكن ان تنجح اذا لم يتم العمل لحصول تسويات شاملة لكل ازمات المنطقة ووقف الصراع السعودي – الايراني وتقديم التنازلات المشتركة بينهما وانشاء تحالف دولي واقليمي وعربي شامل ضد كل اشكال العنف والارهاب، او العمل الى ما دعا اليه النائب اللبناني الدكتور علي فياض قبل ثلاث سنوات تقريبا تحت عنوان: وستفاليا عربية واسلامية توقف الحروب في العالم العربي والاسلامي ، كما اوقفت وستفاليا الاوروبية حروب الثلاثين عاما التي شهدتها اوروبا قبل ثلاث مئة عام تقريبا ، هذا هو الاحتمال الايجابي الوحيد والا فاننا ذاهبون الى المزيد من الصراعات والتفجيرات والتي لا يعرف احد الى اي مدى ستصل والتي حققت مقولة الفوضى غير الخلاقة وليس الفوضى الخلاقة.