تقترب الثورة السورية من دخول عامها السادس، وهي في أسوأ مراحلها، إذ فقد الثوار نسبة كبيرة من المناطق التي سيطروا عليها خلال السنوات الماضية.
قبل أسابيع، ومع الإعلان رسميا عن هزيمة الثوار في حلب، خرجت مظاهرات في مناطق سورية مختلفة تصبّ جام غضبها على قادة الفصائل الذين "قدّموا مناصبهم على مصلحة الثورة"، وفقا للرأي العام الطاغي على أنصار الثورة.
تزامنا مع أيام الثوار الأخيرة في حلب قبل أن يغادروها في الباصات الخضراء، تسرّبت أنباء عن مباحثات جديّة يجريها قادة الفصائل تهدف إلى اندماجهم التام تحت لواء قائد واحد.
الأحاديث التي شابهت بدايتها تجربة "أهل العلم في الشام"، أظهرت أن الاندماج قاب قوسين من التحقق، وأظهرت جميع الفصائل تقبلها للوحدة، لكن سرعان ما انقسم المشروع الواحد إلى عدة مشاريع، وتصاعدات الخلافات والتصريحات بين قادة وشرعيين في الفصائل الإسلامية.
إلا أن المطلب الأبرز، والأكثر حساسية، هو "خطورة إدخال جبهة فتح الشام في أي مشروع اندماج".
لاحقا، تبيّن أن غالبية الفصائل ومنها أحرار الشام، وافقت مبدئيا على الاندماج، إلا أنها تفاجأت باجتماع آخر ضمّ "فتح الشام، وأحرار الشام أيضا، ونور الدين زنكي" للهدف ذاته وهو "الاندماج والتوحد"، وفقا لما أكّده قياديون في أحرار الشام نفسها.
وبحسب ما صرّح به "أبو علي عبد الوهاب"، القيادي في "جيش الإسلام"، فإن جميع الفصائل وافقت على دعوة "فتح الشام" للاندماج بشرط "تبني علم الثورة والانصهار التام في الجسم الجديد هروبا من التصنيف الدولي".
حديث "عبد الوهاب" الذي أكّده حسام سلامة القيادي في "أحرار الشام"، برهن على وجود انقسام داخل "الأحرار".
يذكر أن اجتماع "فتح الشام، الزنكي، الأحرار"، نتج عنه "تنصيب أبو عمار العمر، أميرا عاما، والجولاني أميرا عسكريا، وتوفيق شهاب الدين رئيسا لمجلس الشورى"، وهو ما رفضته جميع الفصائل، وأيده قادة في أحرار الشام، وشرعيون مستقلون، مثل عبد الله المحيسني، ومصلح العلياني.
الباحث الشرعي موسى الغنامي، وفي حديثه عن مدى جاهزية الفصائل للإقدام على خطوات إيجابية تصب في مصلحة الثورة، قال إن "الفصائل أصبحت أنضج بكثير مما كانت عليه، إلا أنه ينقصها الكثير من التعامل مع الواقع وفق سياسة الممكن لا سياسة المتمكن".
وأوضح الغنامي في حديث لـ"عربي21" أن الحل بالنسبة للفصائل "بات سياسيا أكثر منه عسكريا"، مبينا أنها تقترب من الحل البوسنوي.
اندماج أم اندماجان
حضور "أبو محمد الجولاني" الاجتماع الذي ضمّ "أحرار الشام" و"نور الدين زنكي"، دفع مراقبين للقول إن الفصائل الأخرى التي اجتمعت، وعددها نحو 14 فصيلا، تتجه نحو اندماج آخر.
الغنامي وعند سؤاله عن احتمالية الإعلان عن "اندماجين"، قال إن "الفصائل تسعى سعيا حثيثا لتكتلات أيديولوجية، كل تكتل يجذب جنسه، فأصحاب المشاريع الوهمية (إمارة إسلامية) تتبع للقاعدة يحاولون جذب كل طيف يشابههم، وأصحاب المشاريع الثورية التي بقيت على ندائها الأول يحاولون لملمة صفوفهم رغم ما فيهم من تشرذم وفرقة وشتات".
وأكّد الغنامي أن "الصدام" بين هذين المشروعين آت لا محالة، إلا في حالة تقديم قادة جبهة فتح الشام مصلحة الأمة على مصلحتهم، مؤكدا أن "مشروع القاعدة لا يعيش إلا في أجواء الحروب والقتال، فلا تجد القاعدة تدخلا في بلد مستقر، وإنما في البلدان التي فيها الفوضى والحروب، وإن دخلت في بلد آمن استجرت عليه المصائب ليناسبها جو البقاء كأفغانستان".
أما خبير الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية فقال إن "الصورة المنقولة من سوريا توحي بقرب الإعلان عن اندماجين، أحدهما "فتح الشام ومن ارتط معها في الداخل"، والثاني بقية الفصائل التي ستشكل اندماجا آخر.
وقال الداعية والباحث الشرعي عباس شريفة إن مباحثات الاندماج التي تسارعت وتيرتها بعد الضغوط الشعبية عقب سقوط حلب، لن ينتج عنها الاندماج الكلي الذي يتصوره الغالبية.
ووفقا لعباس شريفة، فإنه وفي حال نجحت هذه المباحثات، فإن الاندماج حينها سيكون مشابها لغرفة عمليات "جيش الفتح".
وفي السياق ذاته، أبدى عدد من الشرعيين، وقادة الفصائل، أبرزهم أحمد عيسى الشيخ، قائد صقور الشام، تأييدهم المبادرة التي أطلقها الداعية أيمن هاروش، وملخصها أن تحل جميع الفصائل نفسها، وتنصهر في جسم جديد، يكون قادته ليسو من قادة الصف الأول والثاني الحاليين.
الفصائل متوافقة
قبل أيام، نشر ناشطون صورة تجمع قادة العديد من الفصائل، غالبيتها إسلامية محسوبة على الجيش الحر، وأمامهم أوراق، حيث فسرت الصورة بأنها اجتماع لصياغة مسودة اتفاق حول الاندماج.
وأصدرت عدة فصائل أبرزها "جيش الإسلام، فيلق الشام، الجبهة الشامية"، بيانا دعت فيه إلى توحيد الجهود العسكرية، والسياسية، والشرعية، والدعوية.
ووفقا لمراقبين، فإن فصائل "الجيش الحر"، من السهل أن تنصهر في جسم موحد، بشرط أن يكون اندماجا حقيقيا، ولغايات تقوية الصف، بعيدا عن البحث على المناصب.
الباحث الشرعي السعودي موسى الغنامي، وفي تغريداته المطولة حول الاندماج، أوضح أنه لا مشكلة على الإطلاق في اندماج هذه الفصائل.
وفي حديث لـ"عربي21"، قال إن سبب تخصيصه الفصائل التي تنتهج نهج "القاعدة" بالنقد اللاذع، هو أن "في سوريا فصائل (سلفية، إخوانية، أشعرية، صوفية، بل وقومية)، كلها تتفق على مبدأ الثورة باستثناء القاعدة".
كما أكد أن جميع الخلافات بين الفصائل لم تستمر سوى يوم في الغالب، إلا أن خلافات "فتح الشام" معهم تستمر طويلا.
مبادرة جديدة
وفي السياق ذاته، أطلق فصائل عدّة تابعة للجيش السوري الحر، مبادرة قالت إن هدفها "جمع الكلمة وتقريب وجهات النظر بين التشكيلات العسكرية والهيئات السياسية والشرعية والمدنية، بهدف الحصول على تكتل قوي يحقق أهداف الثورة السورية".
وتميزت المبادرة الجديدة بوجود لواء شهداء الإسلام، أحد أبرز التشكيلات العسكرية التي هُجرت من داريا في ريف دمشق، فهي الأولى من نوعها التي تشمل كيانا عسكريا من البلدات المهجرة نحو الشمال السوري.
وتضم المبادرة المعلنة كلا من جيش الإسلام، وجبهة أهل الشام، ولواء شهداء الإسلام، ولواء الفرقان، وصقور الشام، والجبهة الشامية، والفوج الأول، وفيلق الشام، وفرقة الصفوة، وأحرار الشرقية.
وقال قائد لواء شهداء الإسلام، النقيب سعيد نقرش، وهو أحد الذين أطلقوا المبادرة، لـ"عربي21": "إن المبادرة خطوة أولية، ودعوة لتأسيس مشروع جامع للفصائل، مبني على أسس متينة وخطوات متلاحقة تبدأ بتنسيق الخطوات والعمل المشترك، حتى الوصول إلى صيغة جامعة ووحدة متكاملة للفصائل".
لكن نقرش، بين أن هذه المبادرة "تتطلب في نفس الوقت من الجميع العمل بمسؤولية كبيرة وجهد مستمر ومتواصل لنجاحها، وهي مبادرة مطروحة لجميع الفصائل للمشاركة في المشروع"، مشيرا إلى أن أهم العراقيل التي تقف أمام المبادرة الجديدة هي "اختلاف وجهات النظر بين الفصائل والداعمين ومصالح الدول الإقليمية"، على حد وصفه.
"لا لفتح الشام"
عبد الكريم بكار، حسن الجاجة، حسن الدغيم، وغيرهم من الدعاة السوريين المقربين من بعض الفصائل، أطلقوا تحذيراتهم من خطورة الاندماج مع "فتح الشام".
وأوضح أولئك الدعاة أن "الاندماج مع فتح الشام يعني إعطاء الشرعية للنظام الدولي باستهداف الثورة السورية".
فيما قال القيادي في جيش الإسلام، محمد علوش إن "مشروع الاندماج الذي تدعو إليه القاعدة والمحيسني هو رصاصة الرحمة (ويمكن العذاب) للثورة، فقد أنجزت المهمة".
الباحث الشرعي السعودي موسى الغنامي، الذي يتبنى وجهة النظر هذه، تحدث عن الأسباب التي تدعو للابتعاد عن "فتح الشام" في أي مشروع اندماج.
الغنامي اعتبر ابتداء أن "فتح الشام" مُنحت حجما أكبر من حجمها، قائلا إن "عددها التقريبي ما بين 5000 – 7000 مقاتل، وهذا العدد لا يمثل 10% كحد أقصى من الثوار والمجاهدين، وتضخيم عددهم إلى أكبر من ذلك فيه مجازفة ومخالفة للواقع".
الحل الوحيد الذي توصل إليه الغنامي في قضية "فتح الشام"، هي إلغاء التنظيم وتفريق عناصره بين الفصائل، معتبرا أن هذا الحل "يبطل كيد الخارج بالقضاء على الثورة بحجة وجود القاعدة".
وفي ردّه على التساؤلات المطروحة عن جدوى حل "فتح الشام" رغم كونها قوّة عسكرية في وجه النظام، قال الغنامي إن الفصائل التي قضت عليها الجبهة ويقدر عددها بنحو 15 فصيلا، كانت أيضا قوة في وجه النظام، متابعا: "استطاع النظام استعادة كثير من القرى والمدن التي كانت تلك الفصائل طودا فيها بوجه النظام في أرياف حلب وحماة وإدلب".
وتابع: "كل المناطق التي يقاتل الثوار والمجاهدون اليوم لاستعادتها هي مناطق تم تحريرها قبل وصول فتح الشام لها وبغيهم على فصائلها".
وأضاف: "مشروع القوم ليس الثورة، وإنما ركوب موجة الثورة، لأن الفوضى التي حصلت في سوريا مكنتهم من الدخول إليها لإقامة مشروعهم"، مشيرا إلى أنهم توحدوا تحت راية "طالبان" في أفغانستان كونهم قلّة، "ولكنهم بعد أن أمنوا على أنفسهم جروا إلى البلاد الخراب والدمار الذي نراه اليوم، فتركوا البلاد كما صرح بذلك المتحدث الرسمي لطالبان".
الداعية والباحث الشرعي عباس شريفة، أدلى هو الآخر برأيه حول اندماج "فتح الشام" مع الفصائل.
شريفة أوضح أن "التحذير ليس من الاندماج مع فتح الشام، بقدر ما هو التحذير من طريقة الاندماج مع فتح الشام".
واتفق شريفة مع الرأي القائل بإن إدراج "فتح الشام" بأي تشكيل جديد، قبل أن تعلن عن حل نفسها، سيلحق الضرر بالثورة، وفصائلها، وفتح الشام نفسها.
وأضاف: "وجود مكون في التوحد مصنف، أو أشخاص بالمراكز القيادية مصنفة أو ملاحقة بتهمة الإرهاب، سيضع المشروع في المحرقة".
خلافات أحرار الشام
لا تزال تداعيات تشكيل "جيش الأحرار" داخل حركة أحرار الشام، تلقي بظلالها على المشهد، رغم توصل الطرفين إلى تسوية وفقا لمصادر.
حسن أبو هنية لم يبد استغرابه من تناقض المواقف من قبل أحرار الشام حول الاندماج، قائلا إن الخلافات داخل الحركة، ليست وليدة اللحظة.
أبو هنية قال إن السبب الأبرز الذي أحدث خلافا داخل الحركة، قرار مشاركتها في معركة "درع الفرات"، والذي تسبب باستقالة شرعيين من الحركة.
وقال أبو هنية إن "أحرار الشام حركة ليست متجانسة بالكامل"، ضاربا مثال القيادي لبيب النحاس، والقادة الآخرين مثل أبو محمد الصادق، وهاشم الشيخ أبو جابر.
إلا أن أبو هنية قلل من أن "عدم التجانس" هو معضلة الحركة الأولى، مبينا أن جميع الفصائل لا تعد متجانسة بالكامل، بما فيها "فتح الشام" التي تضم عدة تيارات، مثل "تيار أبو جليبيب، وتيار أبو مارية القحطاني".
ونوّه أبو هنية إلى أنه، وبعد موقف تركيا المتغير من القضية السورية في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة، وغيرها من الأحداث دعت تيار داخل أحرار الشام للتساؤل عن مدى جدوى الدعم التركي.
فيما أوضح أن التيار الآخر يرى أنه من غير المعقول أن يتم التخلي عن الدعم التركي، إذ لا توجد جهة داعمة مثل الحكومة التركية.
موقف فتح الشام
التحذيرات من "فتح الشام" جاءت رغم أن الأخيرة أعلنت تأييدها لفكرة الاندماج الكامل، وتأكيدها على ضرر "التكتلات الجبهوية".
"فتح الشام" وعلى لسان متحدثها حسام الشافعي، استخدمت مصطلحات "الثورة" و "الشعب"، وهو تغير في خطابها ظهر قبيل فك ارتباطها بـ"القاعدة" بمدة.
وفي حديث عن المحذرين من الاندماج مع "فتح الشام"، قال الشافعي إنه "وبعد أن قطعنا شوطا كبيرا نحو تحقيق أمل أهل الشام، بدأت أقلام الشياطين تخوف الفصائل أن من مشروع الاندماج ستبتلعه الجبهة وتقوده، وينشرون الأكاذيب والأباطيل ليصدوا عن الواجب الشرعي بالاندماج والتوحد".
الشرعي العام السابق، العراقي ميسر الجبوري "أبو مارية القحطاني"، قال إن "جبهة فتح الشام" هي من دعا لمشروع التوحد.
وأكّد القحطاني في حديث لـ"عربي21" أن مشروع التوحد ماضٍ نحو الهدف، مطلقا وصف "اجتماعات ضرار"، على المشاريع الأخرى.
ورغم تأكيده على توحد الجبهة الداخلية لـ"فتح الشام" على تأييد مشروع الاندماج، أقر القحطاني، بأن تيار "العريدي، أبو جليبيب"، قد ينفصل عن التنظيم حال إعلان اندماج.
الباحث حسن أبو هنية قال إن جبهة فتح الشام هي الأخرى تشهد انقسامات، إلا أنها لم تظهر على السطح بعد، بسبب "الحنكة" التي يعمل بها التيار الذي يدعي قربه من تنظيم القاعدة.
وبحسب "أبو هنية"، فإن هذا التيار الذي يقوده الأردنيون (سامي العريدي، أبو جليبيب، بلال خريسات، أبو همام)، يرفض تصعيد الخلافات، ويفضل الصمت والبعد عن الظهور إعلاميا في هذا الوقت.
أبو هنية، رأى أن أبو محمد الجولاني شخصية براغماتية، مشيرا إلى أنه أقدم على تغيير اسم تنظيمه من "النصرة" إلى "فتح الشام"، لأهداف داخلية أكثر منها خارجية، محاولا تجنب مصير تنظيم الدولة بنظر الفصائل.
فيما قال أبو هنية إن "الجولاني كان ذكيا بطلبه، إذ تنازل عن إمارة المشروع الجديد، مقابل أن يكون مسؤولا عسكريا"، متابعا: "هو بالنهاية رجل أمني لا يهمه منصب القائد العام، ويعي أن من بيده الملف العسكري يتحكم في جميع الأمور".
حقيقة أم مسكن ألم بعد سقوط حلب؟
وحول محاولات توحد الفصائل، يقول الناشط محمد الآمين في حديث خاص لـ"
عربي21": "هناك مشروعان للاندماج في الساحة، الأول بين جميع الفصائل تحت راية الجيش الحر عدا جبهة فتح الشام، والمشروع الثاني هو بين جبهة فتح الشام ونور الدين الزنكي وأحرار الشام، إضافة لفصائل منهجية صغيرة"، معتبرا أن المشروعين في حال حدثا "سيحدث بينهما صِدام".
ورأى أن "كلا المشروعين غير ناضج، ولا يمكنهما تشكيل جسم مؤسساتي صحيح؛ لأن الغالب على الفصائل الثورية هو القيادة الفردية البدائية، والمشروع الجهادي سيلتهم البقية أيضا"، وأشار إلى أن محاولة الاندماج ليست جديدة، "لكن سقوط حلب سرّعها، إضافة للضغط الشعبي"، لافتا إلى أن ضغوطا إقليمية ودولية أفسدت المحاولات السابقة لتوحد الفصائل، مثل مشروع "جيش الشمال".
وفي هذا الإطار، يقول القيادي في أحد فصائل المعارضة الملقب، أبو خالد الشامي، لـ"
عربي21": "لا تزال محاولات الاندماج قائمة، وكانت هناك مبادرات لتكتلات جزئية، وفي حال تمت هذه المحاولات التي تهدف لاندماج منهجي، سيزداد الاصطفاف، ويعمق الشرخ القائم أصلا، وهذا لن يخدم مصلحة الثورة بل سيفاقم المشكلة أكثر".
وأضاف الشامي: "نحن نريد الاندماج الكلي الذي يجمع كل الفصائل، ويعمل على تحقيق مشروع ثوري موحد، يكون له جسم سياسي مؤسساتي، كما يكون له جناح عسكري يجانبه تقدم النظام الكبير، والجهود لا تزال تبذل للوصول لهذا الاندماج العام، الذي أصبح ضرورة وجود لا خيارا". وقال: "نعيش أخطر مراحل الثورة، ووجودها على محك إن لم يكن هناك وقفة جادة أمام الذات"، على حد وصفه.
ورأى أبو خالد الشامي أن الخلافات بين الفصائل حول الاندماج "تتمحور حول توزيع المهام، وبعض المراكز القيادية، فعدم الإحساس بالمسؤولية هو أكبر معوقات التوحد، بالإضافة إلى التدخلات الدولية والإقليمية التي تمنع هذا الاندماج"، كما قال.
وكان مدير العلاقات الخارجية السياسية في حركة أحرار الشام، لبيب النحاس، قد علّق عبر سلسلة تغريدات على "تويتر"، الثلاثاء، على مشروع الاندماج السابق بين الحركة وجبهة فتح الشام، بأن "الثورة على مفترق طرق، وقرارات الفصائل في الأيام المقبلة ستحدد إن كنا سنسير على طريق الخلاص أم الهلاك، وهامش الخطأ والتجربة انتهى"، منوها إلى وجود "مؤامرات في الخفاء لتدمير الساحة واستهداف من يرفض الاندماج المُصمم على مقاس البعض، وقصور في النظر وأطماع شخصية تدفع البعض لخيارات مدمرة"، كما قال.
بدوره، قال الناشط الميداني في إدلب، أبو محمد الأدلبي، إن "التنوع الفصائلي في إدلب وتنوع الجهات الداعمة ماليا وعسكريا، ووجود عشرات التحزبات الدينية والفكرية، جميعها عوامل أسست بنيانا قويا في التفرقة والتشرذم، يستحيل تطبيقه بمبادرة هنا أو هناك، مهما كانت حالة التفاعل معها".
وأضاف الإدلبي لـ"
عربي21": "نحن بحاجة لإسقاط العديد من البنود الشخصية من زعامات وإعادة الولاء إلى الداخل السوري، وعدم استيراده من هذه الدولة أو تلك".
ولفت إلى أن "الشمال السوري على صفيح ساخن، بعد أن بات مقصدا لكل ثائر ضد النظام السوري، وفتح النظام أو موسكو أو الإيرانيين لحرب فيه، يعني سقوط آلاف الضحايا، وبالتأكيد عدم توحد المعارضة واستباقها لذلك السيناريو يعني بكل تأكيد التنازل والرضوخ كما حصل في حلب وريف دمشق"، على حد وصفه.