اتهم أستاذ العلاقات الدولية
الجزائري، زيدان خوليف،
المغرب بمحاولة شراء ذمم قادة أفريقيا وبرر ذلك بالجولة التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس، مؤخرا، إلى مجموعة من الدول الأفريقية لتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية معها.
وأكد خوليف، خلال لقاء مع قناة "DW" الألمانية، أن سبب زيارة العاهل المغربي إلى هذه الدول كان غايتها طلب المملكة للعودة إلى حضن منظمة الاتحاد الأفريقي.
وأوضح الخبير الجزائري أن أفريقيا "ليست سوقا اقتصادية بالنسبة للمغرب، بل هي سوق لشراء الذمم.. بخلاف الجزائر التي منذ ستينيات القرن الماضي، كان الاقتصاد دائما يأتي بعد الكرامة وعزة الأفارقة لم تكن لشراء الذمم" على حد تعبيره.
وشدد على أن العاهل المغربي "تلقى صفعة في القمة العربية الأفريقية من الدول الأفريقية والتي كان يقول إن هناك 28 دولة أفريقية تساند دخوله إلى الاتحاد الأفريقي وطرده للبوليساريو".
من جانبه، تساءل مدير المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد التلاتي، في ذات اللقاء، عما يضر الجزائر "حين تقوم المغرب بعلاقات اقتصادية وسياسية قوية مع الدول الأفريقية؟"، وأضاف: "لماذا ذهب وزير الخارجية الجزائري إلى السعودية والإمارات وقطر أليس من أجل إنقاذ اقتصاد الجزائر المنهار؟ ليس هناك ما يمنع".
وأكد التلاتي أن "المملكة المغربية لا تتنافس مع الجزائر، فالمغرب له تاريخ يمتد لقرون في أفريقيا.."، لافتا أنه "إذا كانت الجزائر عملت جاهدة على أن تبعد المغرب عن المؤسسة الأفريقية المنحرفة آنذاك والتي هي منظمة الوحدة الأفريقية، فإن المملكة ظلت تشتغل من خراج هذه المؤسسة".
وأعرب الخبير المغربي عن استغرابه من عدم مساندة الجزائر للمملكة وقال: "إذا كنا نؤمن بأن هناك كتلة مغاربية والتي هي المغرب العربي فمن المفروض أن يساند كل طرف الآخر في هذا التوجه نحو أسواق جديدة وآفاق جديدة على مستوى العمق الأفريقي".
وشدد على أن "المملكة نظرا لجديتها ومصداقيتها عبر القارة الأفريقية نجدها قد وصلت إلى دول لم تكن تعترف بوجود المملكة في هذه المناطق الأفريقية، فأصبحت منفتحة على المملكة بسبب أن لها من المقومات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية ما يسمح لها بالتواجد عبر العمق الأفريقي".
أنبوب الغاز
وحول تعليقه على الصفقة التي أبرمها المغرب مع نيجيريا لمد خط
أنبوب الغاز النيجيري إلى المغرب ليصل إلى أوروبا، قال أستاذ العلاقات الدولية الجزائري، زيدان خوليف، إن "أنبوب الغاز له معوقان، المعوق الأول هو أن موريتانيا لها تحفظ كبير على مرور هذا الأنبوب، والأمر الثاني أن هناك مشكلة
الصحراء، ليس بالنسبة للجزائر، ولكن بين المغرب والأمم المتحدة، وهذا الأمر هو بشارة خير لأن الخط الذي سيمر من نيجيريا إلى المغرب هو دليل قاطع على أن مشكل الصحراء لم يعد يتخلف، وأن المغرب سيرضخ إلى قوانين جمعية الأمم المتحدة ومنها الاستفتاء".
وأضاف: "لا نفكر أن تكون هناك بنك أو دولة ممولة لهذا المشروع ويكون فيه الخطر، الخطر بأن هذا الأنبوب لن يمر على الصحراء ويكون محل جدل".
ولفت إلى أن "هذا الأنبوب ليس ممولا بأموال مغربية ولكن تأتي من نادي الملوك والأغنياء في المشرق العربي"، كاشفا أن "القرار السياسي ليس ملكا للمغرب ولكن هو ملك لأوروبا" على حد قوله.
وشدد على أن الجزائر لا تحتاج إلى الغاز النيجيري فلديها حقول غاز عديدة ستزود بها أوروبا مستقبلا، مشيرا أن "الغاز النيجيري عندما أصبح غير نافع ولا يأتي أكله بالنسبة إلى الغاز الجزائري تخلت الجزائر عن هذا الأنبوب، فهي لم ترغم ولكن تخلت طواعية عنه لأن الغاز سيكلفها أكثر مما ستستثمره"، بحسب زعمه.
وكانت الجزائر قد قدمت اقتراحا لإنشاء مشروع مماثل إلى الحكومة النيجيرية عام 2002، وكان سيمر خط الغاز عبر الساحل نحو الجزائر، لكن بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية في دول الساحل، وخوفا من تعطل الإمدادات، فشلت الجزائر في توفير التمويل اللازم للمشروع ما أدى به إلى تأجيله لأجل غير مسمى.
اقرأ أيضا: مشروع مغربي- نيجيري لنقل الغاز إلى أوروبا
من جانبه، قال مدير المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد التلاتي، إنه لا يوجد مانع من أن تكون للمملكة دول صديقة تسانده، "فحينما تستثمر أموالها إلى جانب المملكة في هذا الأنبوب فالمستفيد ليس فقط هذه الدول المستثمرة والدول الأفريقية التي يمر عبرها هذا الأنبوب، بل أيضا الدول الأوروبية حتى تخرج من رحمة الغاز الروسي".
وأكد أن المغرب أصبح مدرسة استخباراتية في المنطقة باعتراف الجميع، مشددا على أن "التلويح بتوقيف هذا الأنبوب هو عملية تشويشية للمزايدة وللاستفادة من النسبة فقط فيما يرتبط بإعطاء التراب.."، مشيرا أنه "حينما كان رالي فرنسا دكار يمر من المنطقة كم من مرة لوحت البوليساريو على أنها ستستعمل السلاح ضد المتسابقين، ولكن كانت كلها مزايدات سياسيوية باستعمال الأسلحة لتوقيف المشاريع التي تعود بالنفع على أوروبا وأفريقيا، وفي الأخر كانت تمر بسلام".
وأوضح الخبير المغربي أن "موريتانيا للأسف تتخبط في مجموعة من المشاكل، وأعتقد بأنها ستعود إلى رشدها لأنها اليوم تعتبر بؤرة توتر خطيرة جدا، وتقرير إدارة الخارجية الأمريكية الأخير يعترف بأن موريتانيا صارت بؤرة للتوتر ستنفجر في أي لحظة". مشددا على أن "المملكة المغربية تؤمن هذه المنطقة منذ زمن، وأن المستفيد من هذا الأنبوب ليست فقط الدول الأفريقية ولكن أيضا الدول الأوروبية".