لم تأت طريقة عقد ومخرجات المؤتمر السابع لحركة فتح وفق ما تشتهيه أطراف
الرباعية العربية، بعد قيام رئيس
السلطة محمود عباس، بتصفية تيار القيادي المفصول من الحركة محمد
دحلان، ونجاح كافة مؤيدي عباس في المواقع القيادية بالحركة.
وبدا لافتا خلال الأيام الماضية مؤشرات على غضب الرباعية مما قام به عباس، ومنها حديث عن نية دحلان إقامة مؤتمر مواز لعناصر حركة فتح المؤيدين له في مصر، للرد على المؤتمر، وهو ما اعتبره البعض محاولة انشقاق وتشكيل كيان جديد يخص دحلان بدعم مصري.
وبالإضافة إلى مصر، فقد نشر موقع "عمون" المحلي الأردني المقرب من المزاج الرسمي تقريرا يصف فيه التيار الذي نجح في حركة فتح بأنه "تيار الأسرلة" (المقرب من
إسرائيل).
ونقل الموقع عن مصدر أمني فلسطيني مجهول، قوله إن تيار عباس "أدخل حركة فتح في الحائط"، بالإضافة إلى حديثه عن "أسرلة الحركة وتعزيز هذا النهج داخلها".
ووصف الموقع قيادات حركة فتح بـ"العواجيز الذين لا يقدرون حتى على فعل التصفيق، في حال تلفظ كبيرهم بدعابة "وهو ما يشير بحسب مراقبين إلى غضب أردني من عقد المؤتمر وما تمخض عنه من إقصاء لمؤيدي دحلان، الذي عادت العلاقة بينه وبين الأردن بعد سنوات من القطيعة.
ويطرح إقدام عباس على عقد المؤتمر السابع للحركة في ظل غضب الرباعية العربية من إقصاء دحلان، تساؤلات حول ردود الفعل التي ستبديها الرباعية لمزيد من الضغط على رئيس السلطة.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، قال إن السؤال الأبرز هو: "هل تبقى شيء اسمه الرباعية العربية، ليكون له قوة ضغط على عباس، تجبره على إعادة دحلان إلى المشهد؟".
وأوضح الصواف لـ"
عربي21"، أن الرباعية العربية تلاشت بعد انضمام مصر إلى الحلف الإيراني-الروسي المضاد لتوجهات السعودية في المنطقة؛ وبالتالي فإن هذا التشكيل لم يعد قادرا على تشكيل ضغط على عباس أو غيره في المنطقة لاختلاف التحالفات.
ولفت إلى أن عباس "أتقن استغلال هذه الخلافات بين الدول العربية ورأى أنها لن تكون قادرة على الضغط عليه، ولذلك فإنه تجرأ على عقد المؤتمر السابع، وعمد إلى تصفية خصومه وظهر أمام الحركة بأنه الرجل القوي الذي لا يقبل بالتدخلات من الأطراف العربية الأخرى".
وشدد على أن الموقف المصري بالتأكيد لم يكن راضيا عن ما قام به عباس، وسيفتح الباب على مصراعيه لدحلان للتحرك بشكل أوسع للتأثير على عباس. وكانت لقاءات "عين السخنة" وبعض التحركات تجاه غزة، دليلا على عدم الرضا المصري عن خطوات عباس.
ولفت إلى أن الفترة المقبلة ستشهد منح دور أكبر لدحلان بالشؤون التي تتعلق بغزة وتهميش عباس، على الرغم من أن هذا الملف كان بيده سابقا وكانت القاهرة تستجيب لمطالبه في قضايا المعبر والأنفاق.
وعلى صعيد الموقف الأردني، قال الصواف إن "الخلافات بين العاهل الأردني الملك عبدالله وعباس معروفة للجميع، وبالتأكيد أنها تفاقمت بعد المؤتمر السابع، وربما قريبا ستظهر ردود الفعل الأردنية للضغط على عباس بشكل أو بآخر".
ولعل الخلافات بين القصر الأردني وعباس، تعود لأشهر حين اتهمت أوسط أردنية السلطة برفض مشروع الكاميرات داخل المسجد الأقصى، وهو ما اعتبر محاولة من السلطة للتدخل في الوصاية الأردنية في القدس.
وذكرت تقارير حينها أن الأردن هدد بإغلاق جسر الملك حسين أمام سكان الضفة الغربية، كما تفعل مصر في معبر رفح ردا على السلطة.
ولا يختلف الموقف الإماراتي عن المصري من وجهة نظر الصواف كثيرا، إذ تواصل الإمارات احتضان دحلان الخصم اللدود لعباس منذ سنوات، وهي بالتالي ستستمر في حالة القطيعة مع عباس إلى أن يغير موقفه من دحلان ويعيده إلى المشهد الفتحاوي.
وحول الخلافات السعودية المصرية ومدى تأثيرها على ما قام به عباس، قال الصواف إن "
أبو مازن" استغل هذه الخلافات وعقد المؤتمر لأن الخيارات المؤثرة بيد هذه الأنظمة غير متوفرة الآن، مع العلم أن عباس كان بإمكانه استثمارها لمصلحة القضية الفلسطينية، لكنه استفاد منها لمصلحته الحزبية فقط.
وأضاف الصواف: "عباس بالتأكيد حصل على ورقة دعم أمريكية وإسرائيلية للمضي في مؤتمر (فتح) السابع وما تمخض عنه من قرار، ولولا هذا الدعم لما تجرأ على فعل يغضب مجموعة مؤثرة من الدول العربية".
وقال إن الدعم الأمريكي الإسرائيلي "جاء مكافأة على جهوده طوال السنوات الماضية في توفير الأمن لإسرائيل ورفضه لأي تحركات للمقاومة، وضبط الأوضاع بما يخدم المصلحة الإسرائيلية".
وأوضح أن إسرائيل "تزود عباس بالأموال الخاصة بموازنة السلطة، وبالمحصلة فإن عباس يشرف على صرف هذه الموازنات بما يعود على مصالحها بالنفع، ولذلك منح ضمانات لاستمرار تياره بحكم السلطة".