فجر الجنرال
علي محسن الأحمر، الذي يشغل منصب نائب الرئيس
اليمني، قبل أيام، مفاجأة من العيار الثقيل، عندما أعلن تفعيل عضويته في
حزب المؤتمر الشعبي العام، كأحد مؤسسي الحزب المنقسم على نفسه؛ بين موال للرئيس عبدربه منصور هادي، وسلفه السابق علي عبدالله صالح.
المسار الجديد في شخصية الجنرال العسكرية تجسد طموحه السياسي، في ظل أسئلة عدة أثارها الرجل عقب هذه الخطوة حول فرص نجاحه وما مدى تأثيره على تحالف صالح مع الحوثيين وأين ستنتهي أدواره السياسية والعسكرية.
ويرى متابعون يمنيون أن الجنرال العجوز يسعى من خلال هذا التوجه إلى الهروب من تصنيفه على التيار الإسلامي، خصوصا "الإخوان المسلمين" باليمن. بينما يطرح آخرون أن قراره يوحي بمشهد جديد في تاريخ الحزب ويمهد لتغيير المعادلة داخله وعلاقاته مع القوى السياسية الأخرى.
توجه لخلافة صالح
وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس تحرير جريدة الوسط (أسبوعية) جمال عامر أن إعلان علي محسن الأخير يدخل ضمن فشل الرئيس هادي في التأثير على قيادات المؤتمر، في ظل اعتقاد سائد لدى السعودية أن علاقة محسن الواسعة والمتشابكة تمكنه من كسب ولاء قيادات في الحزب بعدما عرفوا حجم التأثير الذي يتمتع به جماهيريا، بالإضافة إلى كونه المعادل الوحيد لحركة "أنصار الله" (الحوثي) داخل القبيلة والشارع اليمني.
وأضاف عامر في تصريح لـ"
عربي21" أن إسناد الأحمر بدور سياسي إلى جانب دوره العسكري، تحسبا لأي مفاجآت قادمة بخصوص مصير جنوبي البلاد، أو فيما يتعلق بمحاولة إبعاد رئيس المؤتمر علي صالح من المشهد؛ إما بإخراجه من الملعب السياسي، وقد فشلوا في ذلك سابقا، أو بتصفيته جسديا بغارة أو اغتيال".
وتابع: لذلك يريدون ملء الفراغ بشخصية مؤثرة، في حال نجحت المحاولة". في إشارة منه إلى علي محسن الأحمر.
ولفت رئيس تحرير "الوسط" إلى أن فرصة الجنرال الأحمر ضعيفة في ظل وجود صالح، كما أن نفوذ الأول يتمثل في الجانب القبلي والعسكري"، لكنه لم يستبعد أن يكون قرار محسن محاولة للهروب من تبعات احتسابه على حزب الإصلاح الذي صار منبوذا ولم يجد غير المؤتمر". وفق تعبيره.
حوثنة الحزب
وحول الأسباب التي دفعت نائب الرئيس هادي إلى تفعيل عضويته في حزب المؤتمر، قال رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات، نجيب غلاب، إن المؤتمر الشعبي العام قاده صالح إلى الانقسام، بالتزامن مع العمل على حوثنته، يقوم بها جناح موال للحوثيين، وبالحد الأدنى جعله ذراعا خمينيا مكملا للحوثية. مؤكدا -وهو قيادي في الحزب- أنهم في الحزب يعملون على بذل جهود كبيرة لتحريره من هذه المخططات التي أصبح صالح ودوائره الضيقة فيها رأس حربة.
ورأى في حديث لـ"
عربي21" أن انضمام محسن للمؤتمر في هذه المرحلة الحساسة تعبر عن رؤيته، ومسألة قبولها أو رفضها تعتمد على موقف قيادة المؤتمر الشرعي". مشيرا إلى أن هناك قيادات مؤتمرية مؤيدة للشرعية، وهي المسؤولة عن الحزب وخياراته وقراراته.
وعبر غلاب عن اعتقاده أن "حزب المؤتمر لن يرفض انضمام الجنرال محسن له، بعدما تم وضع الحزب في طاحون الدمار من خلال التحوثن والخومنة". على حسب وصفه.
وقال الاكاديمي اليمني إن حزب المؤتمر في طور الانتقال إلى مرحلة جديدة، والتقييم جار، ولا بد من التحرك ليكون في مقدمة الصفوف لحماية الجمهورية والحريّة والوحدة، وأن يتحمل الحزب أكثر من غيره عبء هذه المعركة.
محسن قادر على إنقاذ الحزب
من جانبه، قال القيادي في حزب المؤتمر (جناح صالح)، ياسر اليماني، إن "الفريق علي محسن أدرك أن الحزب في خطر، بعدما باتت أغلب قياداته إما مشردة أو تعيش حالة من الإقصاء والتهميش، ولذلك كان لا ىد من اتخاذه مثل هكذا قرار".
وأكد اليماني ،وهو قيادي مقيم في الخارج معارض لتحالف الحزب مع الحوثيين، في حديث لـ"
عربي21"، أن "علي محسن هو القادر على إنقاذ المؤتمر والمؤتمرين من بطش الحوثيين ومليشياتهم".
ولفت إلى أن الرجل يحظى بشعبية واسعة داخل الحزب، كونه أبرز المؤسسين له، وبالتالي فالجميع يعول عليه في إحباط محاولة اجتثاثه من قبل الحوثيين ومن ورائهم إيران، على غرار ما حدث لحزب البعث، وهو المخطط ذاته الذي يحضر له لما بعد علي عبدالله صالح.
وأوضح السياسي اليماني أن "مرجعية الحزب في المرحلة التالية لصالح يجب أن يكون الجنرال علي محسن وليس الحوثيين".
عودة محسن لتنشيط الحزب
وفي هذا السياق، قال عضو المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية، فهد سلطان، إن تنشيط الجنرال محسن لعضويته في حزب المؤتمر يأتي ضمن المحاولات الجادة لإعادة ترتيب وضعه من جديد؛ بحيث يملأ الفراغ الذي تركه في الساحة اليمنية منذ قيام ثورة 11 فبراير". مضيفا أن "بقاء الحزب بيد صالح لن يدمر الحزب فقط، بل وسيدمر اليمن بالكامل".
وأشار في حديث لـ"
عربي21" إلى أن هناك رغبة سائدة لدى قطاع واسع من المؤتمرييين، لعودة الحزب لممارسة نشاطه، وبالتالي يعتقد السياسي سلطان أن "هذا سبب رئيس في عودة علي محسن إلى داخل الحزب مرة أخرى".
خطوة ذكية
الكاتب والمحلل السياسي، عبدالرقيب الهدياني، وصف إعلان الجنرال علي محسن الأخير بـ"الخطوة الذكية" الذي ترك بزته العسكرية وقفز إلى الأمام؛ للتموضع في مساحة مهمة من حزب المؤتمر، في ظل الخطط الهادفة إلى إقصائه وإزاحته من المشهد، وكان أخرها خطة مبعوث الأمم المتحدة التي نصت على تنحية الرجل وتعيين بديل عنه، وهو ما يطالب به الحوثيون".
وأضاف في حديث لـ"
عربي21" أن "الأحمر يمتلك كاريزما وعلاقات اجتماعية واسعة ستمكنه من جذب قاعدة كبيرة من أعضاء حزب المؤتمر، الذي تعرض للكثير من الخلخلة والتفكك في الخمس السنوات الأخيرة... وبهذا يرد الرجل الصاع صاعين لكل من يراهن على إخراجه من الملعب السياسي بجرة قلم".
وكان علي محسن الأحمر، الرجل الأقوى في المؤسسة العسكرية باليمن، والمعروف بمناهضته وعدائه للحوثيين، قد أعلن في 27 من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت تنشيط عضويته في حزب المؤتمر، كأحد مؤسسيه، في اجتماع بقيادة بارزة من الحزب مؤيدة للحكومة الشرعية.