تدخل عملية "درع الفرات" التي تدعمها
تركيا في
سوريا لطرد تنظيم الدولة من المناطق الحدودية في شمال
حلب؛ منعطفا جديدا، عقب انتهائها بالسيطرة على قرية "دابق" وما حولها، وفك الحصار عن مدينة مارع، إذ باتت الفصائل المشاركة في العملية أمام مواجهة شبه حتمية مع قوات الحماية الكردية في السباق نحو مدينة الباب.
تل رفعت قبل الباب
وتشير التطورات العسكرية الأخيرة لبدء المواجهة مع القوات الكردية قبل الانطلاق لطرد تنظيم الدولة من الباب.
يقول الناشط الإعلامي عمر اليوسف من ريف حلب: "تجري الاشتباكات على محاور قرى أم حوش، وحربل، والشيخ عيسى، فيما عينُ الثوار هي على مدينة تل رفعت" التي استولت عليها
الوحدات الكردية مع قوات سوريا الديمقراطية المرتبطة بها؛ من أيدي الجيش الحر قبل أشهر، بغطاء جوي روسي.
وفي السياق نفسه، يرى الناشط الإعلامي محمد الخطيب أن "السيطرة على تل رفعت تعني الانتهاء من جبهة؛ لأننا نقاتل حالياً على جبهتين"، إذ استغلت قوات الحماية الكردية تقهقر تنظيم الدولة لتسيطر على قرى أم حوش، والحصية، وحساجك، مما أشعل المواجهة بين الثوار والقوات الكردية كما يرى مراقبون محليون.
ويَعتقد مراقبون أنّ تركيا أخذت ضوءا أخضر روسي أمريكي؛ لمعركة السيطرة على تل رفعت، ولا سيما بعد أن أثبتت فاعلية بقتال تنظيم الدولة بأقل الأضرار.
يقول القيادي في فيلق الشام، النقيب سعد الدين صومع (أبو الحزم): "روسيا والولايات المتحدة ليس لديهما مشكلة بالتخلي عن الأكراد ضمن تفاهمات مع تركيا"، وفق قوله.
وتثبت المعارك الحالية وفق كثيرين تراجع أهمية الوحدات الكردية، بعد "استخدامهم" من قبل الروس والأمريكين لصالحهم، وفق أبي الحزم.
ويضيف لـ"عربي21": "الأكراد استخدموا لقتال داعش كأداة من قبل الآخرين"، فقاموا بتهجير عشرات القرى والمدن العربية من سكانها، وما زالوا يقومون بـ"اعتداءات"، وفق أبي الحزم، ما استدعى المواجهة الأخيرة.
ويقول رئيس هيئة إعادة الاستقرار في مجلس محافظة حلب الحرة، منذر سلال، إن "القصف التركي على مواقع الكرد جاء رداً على محاولة قسد (قوات سوريا الديمقراطية) التقدم باتجاه مناطق الثوار، واعتداءاتها على الجيش الحر".
دعم كبير وحسم سريع
وترى فصائل الجيش الحر المشاركة في "درع الفرات"؛ أنّ معركة تل رفعت محسومة لصالحها.
ويقول أبو الحزم: "لا نتوقع أن تطول معركة تحرير تل رفعت، فنتوقع حسمها خلال أيام"، إذ تتعرض القوات الكردية لقصف جوي ومدفعي عنيف من الجانب التركي، حيث أعلنت تركيا الأسبوع الماضي عن مقتل 200 مقاتل كردي خلال قصف جوي على مواقع سيطرتهم.
واقتصر رد النظام وروسيا على ضرورة احترام السيادة السورية، والتهديد بالرد على تدخل الطائرات التركية، وفق ماورد في الإعلام السوري.
ويعلق منذر سلال: "لا أتوقع أن النظام قادر على بدء معركة مع الجيش الحر حالياً".
وتشير المعلومات الميدانية إلى أن الأمور تأخذ منحى تصعيديا، حيث يتحدث ناشطون عن دخول عشرين دبابة تركية لمدينة مارع لمؤازة الحر، وترافق ذلك مع إعلان سلاح الجو التركي قصفه 70 هدفاً للقوات الكردية في شمال سوريا. وكل ذلك يؤكد على رغبة الجيش الحر وتركيا بسرعة الحسم للبدء بالمرحلة الرابعة لدرع الفرات التي تهدف لطرد تنظيم الدولة من مدينة الباب في ريف حلب الشرقي.
القوات الكردية تُصعّد وتستعد
واتهم الجيش الحر وناشطون؛ القوات الكردية بقصف مدينة مارع بالمدفعية وصواريخ الغراد، مما أوقع عدداً من الإصابات في صفوف المدنيين.
وقال الناشط عمر اليوسف إن الوحدات الكردية قامت "بمنع المدنيين العرب من مغادرة مدينة عفرين نحو مناطق الثوار في ريف حلب الشمالي، وأغلقت الطرق الواصلة بين مناطق سيطرتها ومناطق الثوار"، وبالتالي قطع التواصل بين الريفين الشمالي والغربي لحلب.
ولا يبدو أن القوات الكردية تتجه للانسحاب من تل رفعت ومحيط مارع، فقد قامت بترميم سور مطار منغ العسكري بريف حلب الشمالي، والذي استولت عليها أيضا بدعم من الطيران الروسي قبل أشهر، كما قامت بتعزيز دفاعاتها في المطار بسواتر ترابية وأكياس رمل، إضافة لزراعة ألغام في محيطه، وفي المناطق الزراعية بين عفرين واعزاز، وفق ما أفاد به ناشطون في المنطقة.
هل انتهى حلم الإقليم الكردي؟
ويؤكد الثوار أن الحلم الكردي بإنشاء إقليم ممتد من أقصى شمال شرق سوريا وصولا إلى شمال حلب، أي على طول الحددود التركية تقريبا، انتهى منذ بدء المرحلة الأولى لعملية درع الفرات، وتأكد ذلك مع اقتراب المرحلة الرابعة من العملية.
يقول منذر سلال: "الجيش الحر أصبح في ريف الباب، حيث سيطر على قرى الثلثانة وعبلة في ريف الباب من الجهة الشمالية الشرقية. وعلى مشارف العريمة من الجهة الشرقية"، وبالتالي قُطع الطريق أمام القوات الكردية من جهتين، وفق السلال.
ويوضح سلال لـ"عربي21"؛ أنه تم "قطع الطريق على الكرد من جهة احرص، ومن جهة منبج سيطر الحر على عدة قرى، منها العمارنة وعون الدادات، فلو فكر الكرد التقدم لوجدوا الحر أمامهم"، وفق قوله.
ويلخص مراقبون محليون أن القوات الكردية تمكنت سابقاً من التمدد بفضل الدعم الجوي الروسي، لكنّ الظروف اختلفت الآن، فالتدخل التركي تمّ وفق تفاهمات مع الروس. ويعلق الناشط محمد الخطيب في هذا السياق: "روسيا تتخلى عن الجميع، وتبحث عن مصلحتها".