كشفت جريدة "واشنطن بوست" الأمريكية أن البيت الأبيض يعمل سراً على إضعاف مشروع قانون يبدو أنه يحظى بموافقة أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهو القانون الذي يهدف للضغط على كل من النظام السوري وحليفيه روسيا وإيران، لكن إدارة أوباما تسعى من خلف الكواليس للتخفيف من العقوبات الواردة فيه.
وبحسب المعلومات التي نشرتها "واشنطن بوست" في تقرير اطلعت عليه "عربي21" فان القانون يحمل اسم "قانون قيصر روسيا لحماية المدنيين"، وهو مشروع قانون من شأنه أن يفرض عقوبات إضافية على نظام الأسد في محاولة لردعه عن ارتكاب مزيد من الجرائم بحق المدنيين.
وتقول الصحيفة إن موقف البيت الابيض هذا يأتي في الوقت الذي انهار فيه وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه سابقاً بين موسكو وواشنطن، كما يأتي على الرغم من التصعيد الكبير الذي تشهده مدينة حلب وعمليات الابادة الجماعية التي يقوم بها النظام في المدينة.
ونقلت الصحيفة عن أعضاء في الكونجرس وموظفين يعملون في الحزبين الديمقراطي والجمهوري قولهم إن مشروع القانون ينص على "عقوبات ضد نظام الأسد بسبب عمليات التعذيب والقتل الجماعي وارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية"، كما أن المشروع ينص على عقوبات ضد من يقدم المساعدة للنظام السوري في ارتكاب هذه الفظائع، ما يعني أنه يطال كلاً من روسيا وإيران أيضا.
ويستمد مشروع القانون اسمه من المعارض السوري "القيصر" الذي قدم 55 ألف صورة توثق جرائم التعذيب والقتل الجماعي لنحو 11 ألف مدني في الاعتقال، ويرعاه 70 من أعضاء الكونجرس أغلبهم من الحزب الديمقراطي.
وكان من المقرر أن يمرر مجلس النواب الأمريكي مشروع القانون الشهر الماضي، إلا أن البيت الابيض طلب من النواب في اللحظة الاخيرة إرجاء التصويت بحجة أنه يمكن أن يؤدي الى انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان معمولاً به حينها في
سوريا.
وكان إليوت إنغل، وهو ديموقراطي من نيويورك، وأبرز نائب ديموقراطي في لجنة الشؤون الخارجية في المجلس، أول من قدم مشروع القانون مع زميله في اللجنة إد رويس، وهو جمهوري من كاليفورنيا. ووقع أيضا ديموقراطيون ليبراليون من بينهم النائب يان تشاكوفسكي مشروع القانون، ولكن قبل صدور الجدول التشريعي للأسبوع الثالث من أيلول، بدأ موظفو الشؤون التشريعية في البيت الأبيض الاتصال بالمسؤولين في كلا الحزبين داعين اياهم الى تجميد مشروع القانون.
ونقلت "واشنطن بوست" عن مكتب رئيس مجلس النواب بول ريان تأكيده أن البيت الأبيض ضغط على ديموقراطيين في المجلس لسحب دعمهم للمشروع، بحجة أنه يقوض اتفاق وقف النار الذي تم التوصل اليه مع روسيا في سوريا.
وتقول الصحيفة الأمريكية إن البيت الابيض أبلغ أعضاء ومساعدين في الكونغرس إن العقوبات الواردة في مشروع القانون يمكن أن تنتهك الاتفاق النووي الذي وقعته ادارة أوباما مع إيران العام الماضي، وأن العقوبات على روسيا قد تلحق ضرراً بأي جهود مستقبلية للعمل مع موسكو ديبلوماسياً في شأن سوريا.
ورفض ناطق باسم إنغل التعليق على المفاوضات المستمرة بين البيت الابيض والنائب الديموقراطي بشأن مشروع قانون العقوبات، مبرزاً في بيان أهمية العقوبات الواردة فيه ضد الدول التي تساعد الأسد على ارتكاب الفظاعات. وقال: "أتفاوض مع الادارة على مشروع قانوني، وسأواصل العمل لحل الخلافات.. بالنسبة الي الامر بسيط: نحتاج الى مزيد من الادوات للضغط على نظام الاسد وأي شخص أو حكومة تساعد على استمرار حملة العنف للأسد".
ونقلت الصحيفة عن ناشطين سوريين التقيا مساعدين لزعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي أنهم أبلغوا اليهما أن لا حظوظ لتمرير مشروع القانون هذه السنة.
واتهم بول ريان البيت الابيض بغض النظر عن جرائم الحرب في سوريا، قائلاً: "يقلقني أن يمنع مشروع قانون للحزبين لفرض عقوبات على نظام الاسد".
وينص مشرع القانون بصيغته التي أقرتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب في تموز/ يوليو الماضي على فرض عقوبات جديدة على الأسد ونظامه وداعميه، والدفع في اتجاه تحقيق يرمي الى تعزيز محاكمة جرائم الحرب في سوريا، وتشجيع عملية لايجاد حل تفاوضي للأزمة.
كما يطلب مشروع القانون من الرئيس فرض عقوبات جديدة على أي كيان يتعامل أو يمول الحكومة السورية أو جيشها أو استخباراتها العسكرية، وهو ما يشمل إيران وروسيا. كذلك، سيتطلب أيضاً فرض عقوبات على أي كيان يتعامل مع قطاعات عدة تسيطر عليها الحكومة السورية، بينها قطاعات الطيران والاتصالات والطاقة.