كتب المعلق في صحيفة "واشنطن بوست" ريتشارد كوهين، عن مبررات الرئيس الأمريكي باراك
أوباما وهلوساته حول
سوريا.
ويبدأ الكاتب مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، بالإشارة إلى ملاحظة مهمة في مقال لديفيد سانغر في صحيفة "نيويورك تايمز"، الذي تحدث فيه عن سياسة الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين الخارجية الغريبة، فكتب سانغر قائلا إن "
روسيا تتراجع من ناحية الاقتصاد، حيث أصبح ناتجها القومي الإجمالي مثل الناتج المحلي لإيطاليا".
ويعلق كوهين قائلا إن "السؤال هو لماذا استطاعت تحدي الولايات المتحدة، القوة الاقتصادية العالمية الأولى، كما تحدث أوباما الأسبوع الماضي، الذي قال إن (لديها أعظم قوة عسكرية ومتفوقة بأميال)؟ لأن الولايات المتحدة لديها رئيس متردد، لدرجة الظهور بمظهر من لا قلب له".
ويقول الكاتب إن "الأزمة الحالية هي سوريا، وإنهاء حصار
حلب، حيث تم ضرب مستشفياتها، بما يطلق عليها القنابل العنقودية، وتم استهداف بقية المراكز المدنية، وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبرين إن حلب تعرضت لقصف وضرب (بمستوى من الوحشية لا يمكن لأي إنسان تحمله)، ومن المتوقع أن تقوم قوات النظام، مدعومة بحزب الله على الأرض، والطيران الروسي من الجو، بإنهاء المهمة".
ويشير كوهين إلى أن الأمم المتحدة نظمت الشهر الماضي قافلة إنسانية، تعرضت لقصف من قوات النظام السوري والروس، أو من النظام السوري بدعم من الروس، لافتا إلى أن الولايات المتحدة ردت بالانتقام من هذا العمل، من خلال تعليق التعاون مع موسكو.
ويعلق الكاتب قائلا إن "رفض أوباما دعم مطالب وقف إطلاق النار، عبر القوة العسكرية، دفع وزير الخارجية جون كيري للتعبير عن حالة إحباط، واعترف بهذا لعدد من الدبلوماسيين، وتم تسريب كلامه بشكل سريع، الذي كشف، مثلما تكهن الكثيرون، عن معارضة لسياسة الرئيس".
ويستدرك كوهين بأن "ما فعله كيري يظل ثانويا، مقارنة بما فعله أوباما نفسه، فقد قاده الوضع الراهن إلى تقديم تفسيرات ذات طابع هلوسي، ويقوم بعصر الحقائق، ويخلط التواريخ، ويحاول إبعاد نفسه عن عقدة الذنب، ويبرئ نفسه من المسؤولية عن مقتل 500 ألف شخص، وتشريد 8 ملايين سوري في داخل سوريا وخارجها، تدفق عدد كبير منهم إلى أبواب أوروبا".
وينقل الكاتب عن أوباما، قوله: "في هذا الوضع، هل وضع عدد من القوات الأمريكية سيحسن الأمور؟"، ويعلق كوهين قائلا إن "سؤال أوباما ليس سيئا، لكن هناك سؤالا آخر: من اقترح هذا السؤال؟ لا أحد، فقد اقترح فريق أوباما على الأمن القومي مرة تدريب المقاتلين وتزويدهم بالأسلحة، إلا أن أوباما رفض الفكرة، ووصف المقاتلين بأنهم (حفنة من المزارعين السابقين، والأساتذة، والصيادلة، الذين تحولوا للمعارضة ضد النظام المتمرس بالحرب)، واستمع أوباما لمدير (سي آي إيه) ووزير الخارجية، ووزير الدفاع، والقادة العسكريين، وقال لا، ورفض اقتراحاتهم".
ويلفت كوهين إلى أن أوباما انتقد في خطابه في فورت لي، الأسبوع الماضي، روسيا وسوريا، ويعلق الكاتب قائلا: "حسنا، لقد تلقى النظام الدعم من إيران وروسيا، ولم ينضم وكيل إيران في لبنان حزب الله، والروس إلا بعد وقت متأخر، أما أوباما فقد كان بإمكانه عمل شيء عندما بدأت الحرب عام 2011، وفي الحقيقة لمّح إلى أنه سيقوم بعمل ما، وقال في حينه: (حان الوقت لتنحي
الأسد عن السلطة)، ولم يفشل في جعل رئيس النظام السوري بشار الأسد يتنحى فقط، بل إن قوات النظام لوّثت لاحقا (الخط الأحمر)، عندما استخدمت السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية عام 2013، حيث توصل الأسد وبوتين وغيرهما إلى نتيجة مفادها أن أوباما ضعيف".
ويقول الكاتب: "أتفهم أنه لا أحد يريد الاعتراف بالفشل، فقال الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إنه لن يسامح نفسه لعدم تدخله في رواندا، وأعتقد أن أوباما سيفعل الأمر ذاته".
ويخلص كوهين إلى القول إن "الرئيس لديه الوقت ليتدخل، ويمكنه دعم وزير خارجيته، وبناء مناطق حظر جوي وممرات إنسانية، وقد يقوم بعمليات إنزال لمواد إنسانية، مثل الأدوية والأغذية، فالولايات المتحدة لديها طائرات في المنطقة تحارب تنظيم الدولة، ويمكن لأمريكا عمل هذا الأمر لأنها لا تريد الوقوف متفرجة على الأبرياء وهم يقتلون، ولأنها تستطيع القول للروس إن لديهم واجبا أخلاقيا لحماية الأرواح، فهذا ليس خطا أحمر، لكنه بيت القصيد".